+A
A-

جدارية للفنان مصطفى الحلواجي تزين قرية مصرية

تتزين قرية البعيرات الواقعة بجبانة طيبة القديمة، في البر الغربي لمدينة الأقصر التاريخية، الغنية بمعابد مقابر قدماء المصريين، بجدارية رسمها الفنان التشكيلي البحريني، مصطفى الحلواجي، المتخصص في رسم الجداريات، وأحد عشاق ما بات يُعرف في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة بفن الشارع.

وأطلق الحلواجي على جداريته في قرية البعيرات المصرية اسم “حوار مع حتحور” وهي تجسد وجه الآلهة حتحور. أحد أشهر المعبودات في مصر القديمة، وربة الجمال والموسيقى والسعادة والخصوبة لدى قدماء المصريين.

ويرجح البعض ظهور المعبودة “حتحور” إلى عصور ما قبل التاريخ، وكان يرمز لها بالبقرة، وقد ظهرت الربة “حتحور” أيضا بصور وخصائص مختلفة، وعبدت في أماكن عديدة في مصر كلها. واندمجت مع الربة “إيزيس”.

وقد قورنت في بلاد اليونان والرومان بالإلهة “أفروديت” (فينوس) التي تعتبر آلهة الحب والجمال.

وقال الفنان مصطفى الحلواجي إنه أراد ترك بصمة فنية بالقرية التي فوجىء بأنها مكان يعج بالفن والجمال، بل وأدهشه وجود معارض فنية بالقرية لاستضافة وعرض أعمال الفنانين التشكيليين من لوحات ومنحوتات.

وحول فكرة جداريته “حوار مع حتحور”، يحكي الحلواجي للعرب اللندنية “بأنه وهو قادم من القاهرة إلى الأقصر عبر القطار، وبناء على نصيحة من صديقه الفنان التشكيلي المصري، عمار أبوبكر، نزل في مدينة قنا، وتوجه لزيارة معبد حتحور الواقع على الضفة الغربية من نهر النيل في قنا”.

وما إن وطأت قدماه أرض المعبد، حتى شاهد وجه حتحور ووجد الربة المصرية القديمة وكأنها تناديه، ووقع مسحورا بجمال المعبد وأعمدته الشاهقة وألوانه المدهشة الخالدة منذ الآلاف من السنين وحتى اليوم، واعتبر الفنان البحريني الحلواجي، أن معبد دندرة في قنا المصرية، يحتوي على مناظر يتوق لرؤيتها كل فنان ولا يمكن نسيانها.

وأضاف أنه ظل تحت تأثير حتحور في كل مكان زاره، إذ وجدها في دير المدينة غربي الأقصر، وفي معابد الكرنك الشهيرة شرق مدينة الأقصر، فقرر أن يرسمها في جدارية يضع فيها كل ما اختلج في دواخله من أحاسيس، وما عاشه من مشاعر خلال زيارته لمعبد دندرة في غربي قنا، وشعوره بأنه رأى حتحور في كل مكان قام بزيارته في شرق وغرب مدينة الأقصر.

وأشار الحلواجي إلى أن زيارة مدينة الأقصر التاريخية في صعيد مصر، كانت حلما يراوده قبيل سنوات، وأنه رأى في تلك المدينة امتداداً لمصر القديمة في ملامح الناس، وأعادته خطواته في البر الغربي للمدينة، إلى سنوات طفولته الأولى بقرى وطنه البحرين، ولفت إلى أن البحرين ومصر، والكثير من بلدان العالم العربي، بها تاريخ يستحق أن نعيد استحضاره عبر لوحات وجداريات تجسد ذلك التاريخ للأجيال الشابة.

وأوضح الحلواجي أن مشهد مسجد أبوالحجاج الأقصري، الذي أقيم فوق جدران معبد الأقصر الفرعوني، كان مبهراً، ووجد نفسه يسير في شوارع الأقصر وهو “هائم الوجه، مسحور العينين، وغادر المدينة وهو مجذوب ومتيم بها”.

وحول اهتمامه بفن الجداريات، أو ما يطلق عليه فن الشارع، قال الحلواجي إن الجداريات تستهويه، وإنه عاشق لرسم اللوحات العملاقة التي تتيح له فرصة استخدام التقنيات الحديثة في الفنون التشكيلية، وكشف أن الجداريات، أو فن الشارع بات ينتشر في العالم العربي بوجه عام، وفي المغرب ودبي وتونس ومصر بوجه خاص، وأن ذلك الفن يشهد انطلاقة كبيرة في المملكة العربية السعودية، وأن العرب باتوا ينتبهون لأهمية فن الشارع، ورأى بأن ذلك الفن ينتظره مستقبل واعد عربيا.

وحول بدايات ظهور فن الجداريات، أو فن الشارع، في وطنه البحرين، قال الفنان الحلواجي إن الانطلاقة الجادة لذلك الفن في مملكة البحرين بدأت بفريق من خمسة فنانين، هو واحد منهم، وذلك في العام 2012. وسرعان ما ارتفع عدد الفنانين الذين يمارسون فن الجداريات في المملكة إلى عشرين فنانا، وذلك بعد أن جذبت الجدرايات الفنية أنظار الناس.

وروى الحلواجي بأنه استفاد من فترة الحجر الصحي، وخلو الشوارع من المارة جراء جائحة كورونا، وقام برسم مجموع جداريات “متخفية” وراء النخيل وجذوع الأشجار، وأنه يحمل بداخله آمالا كبيرة في قُرب حدوث نقلة فنية عربية كبيرة تنقل فن الشارع وكل الفنون التشكيلية لكل فئات المجتمع العربي.

وحول رؤيته لحاضر ومستقبل المشهد التشكيلي العربي، قال الحلواجي إن الفنان العربي، بات يعيىش حالة من التشتت والإحباط الناتجة عن تعرضه لمؤثرات خارجية جعلته يعيش حالة من الصراع مع الذات أدت لتعرض أفكاره لـ”التشويش”، وأن الأزمة تكمن في الاستعمار الفكري والمد الثقافي الوافد من الخارج، وهو الأمر الذي أدى بالكثير من الفنانين للوقوع في فخ التقليد لكل ما هو غربي، فصار الفن التشكيلي العربي يتعرض لتهديد مباشر لهويته، مشددا على ضرورة أن يستلهم الفنان العربي صور بيئته الغنية بالمفردات التشكيلية، والتي جذبت العشرات من الفنانين والمستشرقين من بلدان الغرب طوال قرون مضت.​