لندع المعلومات تتحدث الآن أكثر من أي وقت مضى، إذ نجد المعلومات تنمو بصورة أسرع لصياغة بعض العلوم مثل علم الفلك وعلم الهندسة الوراثية حتى انتشرت في جميع مجالات النشاط الإنساني. وتعد قواعد البيانات الكبرى أهم مصدر للقيمة الاقتصادية الحديثة، إذ تساعدنا في تصور ورسم كثير من الصناعات المختلفة وليس التجارة الإلكترونية فقط، كما تساعدنا على التكهن والتوقعات المستقبلية، وهنا إشارة إلى ما قامت به “متاجر ولمارت بالولايات المتحدة” كمثال توضيحي على هذا الأمر بتخصيص محاسبين متخصصين في العمليات الحسابية، إذ قامت الشركة بالتدقيق على الأصناف الأساسية التي يشتريها كل عميل وإجمالي تكلفتها والأصناف الأخرى حسب الإحصائية الدقيقة للأعوام العشرة التي سبقت العام 2006، إذ رصدت الوقت والطقس معاً الذي كان يشتري فيه العميل. وقد لاحظت الشركة أنه في وقت الأعاصير مباشرة، لم تتزايد مبيعات الكشافات فحسب بل أقبل الزبائن على شراء الوجبات الخفيفة التي يتناولها الأميركيون في الإفطار، ومن ثم قامت “ولمارت” بعرض تلك الوجبات الخفيفة في مداخل متاجرها بجوار الأصناف الأساسية التي يشتريها عملاؤها قبل الإعصار؛ لتسهيل مهمة الشراء بالنسبة لهم ولزيادة مبيعاتها في آن واحد طبقاً للتوقعات السابقة، حسب سجل البيانات المدرجة، ما ساهم بتنشيط مبيعات الشركة من موسم إلى آخر.

“التعاون البياني للشركات الكبرى”

تعتبر أجهزة تحديد الموقع”GPS” أحد الأنظمة الحديثة التي صممت بهدف تحديد الموقع الجغرافي، حيث نجد أنظمة الأقمار الصناعية المتنافسة تنتشر في الصين وأوروبا وغيرها؛ من أجل المسح الثلاثي بين الأبراج الخلوية وأجهزة التوجيه الشبكي “واي فاي” من أجل الاعتماد على قوة الإشارة، ولهذا السبب صممت جوجل ومايكروسوفت قواعد حاضنة للبيانات الضخمة. فقد نجحت التقنية في تحديد مواقع السيارات في الشوارع والخاصة بمحرك البحث جوجل في جمع البيانات، من تتبع حركة السير للمواقع ونقلها لشركة أبل دون علم المستخدمين، إذ تقدم تلك البيانات طفرة في عالم التأمينات من خلال وحدات بث الموجات اللاسلكية المنبثقة من داخل سيارات المالكين، وتوفر معلومات مدى قياس المسافات التي تقطعها السيارة لكي تحدد قيمة البوصلة التأمينية والمخاطر التي قد تتعرض لها بصورة أفضل، كما يستطيع الأفراد في الولايات المتحدة وبريطانيا الاستفادة من أنظمة التأمين المناسبة طبقا للأماكن والأوقات التي يقودون فيها سياراتهم، إذ لم يعودوا مجبرين على دفع اشتراكات سنوية باهظة بناء على السن أو الجنس بل على سجل القيادة للسائق، وهنا تشجع تسعيرة التأمين المنبثقة من إحداثيات “GPS” تلك على إتباع نظام سلوكي جيد أثناء القيادة.

وهنا يمكن تشبيه قيمة البيانات الحقيقية بجبل جليدي يسبح في محيط ليظهر منه لأول وهلة سوى جزء صغير، بينما يختفي الجزء الأكبر منه تحت سطح المياه، لتتيح البيانات فرصة ثمينة للشركات للتنبؤات المستقبلية والأهداف المرسومة.

“من كتاب ثورة البيانات الكبرى” فيكتور ماير & كنيث كوكير.