+A
A-

متولي مأتم جدالحاج يختار “البلاد” للإعلان عن قرار المصالحة

نأمل‭ ‬من‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬تسريع‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬مشروعات‭ ‬القرية

 

“دربك‭ ‬خضر”‭.. ‬كلمتان‭ ‬بالإمكان‭ ‬أن‭ ‬تستشعرهما‭ ‬وأنت‭ ‬في‭ ‬طريقك‭ ‬إلى‭ ‬قرية‭ ‬جدالحاج‭ ‬الواقعة‭ ‬على‭ ‬شارع‭ ‬النخيل‭ ‬بالمحافظة‭ ‬الشمالية،‭ ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬زحف‭ ‬العمران‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المساحات‭ ‬الخضراء‭ ‬والبساتين،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬تحتفظ‭ ‬بسماتها‭ ‬الجميلة،‭ ‬وليست‭ ‬تلك‭ ‬السمات‭ ‬هي‭ ‬أشجار‭ ‬النخيل‭ ‬وبضعة‭ ‬بساتين‭ ‬على‭ ‬جانبي‭ ‬طريقك‭ ‬وأنت‭ ‬تتجه‭ ‬نحو‭ ‬القرية،‭ ‬بل‭ ‬السمة‭ ‬الأجمل‭ ‬هي‭ ‬طيبة‭ ‬وكرم‭ ‬وبياض‭ ‬قلوب‭ ‬أهلها،‭ ‬حالها‭ ‬حال‭ ‬كل‭ ‬قرى‭ ‬البحرين‭.. ‬لذلك،‭ ‬“دربك‭ ‬خضر”‭ ‬هي‭ ‬العبارة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تمثل‭ ‬طابع‭ ‬هذا‭ ‬اللقاء‭ ‬مع‭ ‬متولي‭ ‬مأتم‭ ‬جدالحاج‭ ‬حسن‭ ‬جاسم،‭ ‬فالحديث‭ ‬عن‭ ‬خلاف‭ ‬واختلاف‭ ‬واعتصام‭ ‬هنا‭ ‬ووقفة‭ ‬احتجاجية‭ ‬هناك‭ ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬محله،‭ ‬والكلام‭ ‬عن‭ ‬عداوة‭ ‬وتباغض‭ ‬بين‭ ‬الأهل‭ ‬والجيران‭ ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬مكانه،‭ ‬والمجال‭ ‬لتأجيج‭ ‬الصدام‭ ‬بين‭ ‬الأحبة‭ ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬مجاله،‭ ‬المجال‭ ‬في‭ ‬الدرب‭ ‬الأخضر‭ ‬هو‭ ‬لم‭ ‬الشمل‭ ‬وإصلاح‭ ‬ذات‭ ‬البين‭ ‬وتجاوز‭ ‬صفحة‭ ‬الماضي‭.‬

 

أشكر‭ ‬“البلاد”

لم‭ ‬أجد‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬ذلك‭ ‬التساؤل‭ ‬الذي‭ ‬أردت‭ ‬أن‭ ‬أستهل‭ ‬به‭ ‬الحوار‭ ‬مناسبًا‭ ‬“حجي‭ ‬حسن‭.. ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تتنحى؟”،‭ ‬ولكن،‭ ‬حين‭ ‬تجلس‭ ‬مع‭ ‬رجل‭ ‬في‭ ‬العقد‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬العمر،‭ ‬له‭ ‬مكانته‭ ‬واحترامه‭ ‬وسيرته‭ ‬وكذلك‭ ‬سعة‭ ‬صدره‭ ‬التي‭ ‬تتسع‭ ‬للجميع،‭ ‬فالأفضل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬السؤال‭ ‬الأول‭ ‬“كيف‭ ‬هي‭ ‬علاقتك‭ ‬اليوم‭ ‬مع‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القرية‭ ‬الطيبة‭.. ‬مع‭ ‬من‭ ‬اتفق‭ ‬واختلف‭ ‬معك؟”‭.‬

‭- ‬الحاج‭ ‬حسن‭: ‬أجد‭ ‬نفسي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬وغيره‭ ‬كالأب‭ ‬مع‭ ‬أبنائه،‭ ‬وليس‭ ‬لدي‭ ‬صيغة‭ ‬أخرى‭ ‬توصل‭ ‬الفكرة،‭ ‬فمهما‭ ‬فعل‭ ‬الأبناء،‭ ‬يلزم‭ ‬أن‭ ‬يداري‭ ‬الأب‭ ‬أبناءه،‭ ‬وبودي‭ ‬أن‭ ‬أتقدم‭ ‬بجزيل‭ ‬الشكر‭ ‬إلى‭ ‬أسرة‭ ‬تحرير‭ ‬“البلاد”‭ ‬على‭ ‬مبادرتها‭ ‬الطيبة‭ ‬لتبريد‭ ‬الأجواء‭ ‬والدفع‭ ‬نحو‭ ‬الالتقاء‭ ‬لمصلحة‭ ‬القرية‭ ‬وأهاليها،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬عهدناه‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬“البلاد”‭ ‬طوال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬وأقول‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬الذي‭ ‬جرى‭ ‬وانتشر‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬وغيرها،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أنا‭ ‬أقدر‭ ‬موقف‭ ‬بعض‭ ‬الأبناء‭ ‬لاسيما‭ ‬الشباب‭ ‬منهم،‭ ‬ولك‭ ‬أن‭ ‬تتخيل‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬شباب‭ ‬يتلقون‭ ‬معلومات‭ ‬مغلوطة‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬أن‭ ‬مدخول‭ ‬المأتم‭ ‬يقارب‭ ‬90‭ ‬ألف‭ ‬دينار،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬المدخول‭ ‬السنوي‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬مليون‭ ‬و80‭ ‬ألف‭ ‬دينار،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬حساب‭ ‬المأتم‭ ‬بالسالب،‭ ‬ثم‭ ‬لا‭ ‬يجد‭ ‬مشروعًا‭ ‬لبناء‭ ‬مأتم‭ ‬أو‭ ‬مسجد،‭ ‬فالتأكيد‭ ‬سيؤثر‭ ‬ذلك‭ ‬عليه‭ ‬بشكل‭ ‬سلبي،‭ ‬وأكرر‭.. ‬لاسيما‭ ‬حينما‭ ‬تكون‭ ‬المعلومة‭ ‬مغلوطة‭ ‬ولا‭ ‬تفاصيل‭ ‬دقيقة‭ ‬بشأنها،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬وحين‭ ‬تصل‭ ‬الصورة‭ ‬الخاطئة،‭ ‬فإنها‭ ‬تعكس‭ ‬صورة‭ ‬أخرى،‭ ‬فأنت‭ ‬هناك‭ ‬ستكون‭ ‬محل‭ ‬تهمة‭ ‬بعدم‭ ‬الأمانة‭ ‬والسرقة‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭.‬

وفي‭ ‬هذه‭ ‬الجزئية،‭ ‬يمكن‭ ‬توضيح‭ ‬الصورة‭ ‬ببساطة‭ ‬بالقول‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬جهة‭ ‬مسؤولة‭ ‬وهي‭ ‬إدارة‭ ‬الأوقاف‭ ‬الجعفرية،‭ ‬والكل‭ ‬يعرف‭ ‬أنها‭ ‬تؤجر‭ ‬الأراضي‭ ‬بعقود‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬25‭ ‬و30‭ ‬سنة،‭ ‬وتستخدم‭ ‬تلك‭ ‬الأراضي‭ ‬لمشروعات‭ ‬ومنشآت،‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬تلك‭ ‬المشروعات‭ ‬يحدث‭ ‬بشأنها‭ ‬خلاف‭ ‬قد‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬المحاكم‭ ‬حين‭ - ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ - ‬يتأخر‭ ‬المستثمر‭ ‬عن‭ ‬دفع‭ ‬الإيجارات،‭ ‬وبعض‭ ‬تلك‭ ‬القضايا‭ ‬تأخذ‭ ‬مدى‭ ‬طويلًا‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬وتتابعها‭ ‬الأوقاف‭ ‬لأنها‭ ‬مسؤوليتها،‭ ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمتولي‭ ‬فهو‭ ‬حلقة‭ ‬وصل‭ ‬بين‭ ‬القرية‭ ‬والأوقاف،‭ ‬والأوقاف‭ ‬هي‭ ‬حلقة‭ ‬الوصل‭ ‬بين‭ ‬القرى‭ ‬ومؤسسات‭ ‬الدولة،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬يجري‭ ‬وفق‭ ‬آلية‭ ‬إدارية‭ ‬وقانونية،‭ ‬وليس‭ ‬تحت‭ ‬محور‭ ‬تصرف‭ ‬شخص‭.‬

إصرار‭ ‬الأهالي

ولكن‭ ‬يا‭ ‬حاج،‭ ‬يقال‭ ‬إنك‭ ‬أحجمت‭ ‬عن‭ ‬توضيح‭ ‬هذه‭ ‬النقاط،‭ ‬فلا‭ ‬تظهر‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬وكأنك‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬الدفاع‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬تبيان‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأمور؟

‭- ‬الحاج‭ ‬حسن‭: ‬نعم‭ ‬هذا‭ ‬صحيح،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الإخوة‭ ‬يلومونني‭ ‬لأنني‭ ‬لا‭ ‬أخرج‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬لأتحدث،‭ ‬ولي‭ ‬أسبابي‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬وقلتها‭ ‬من‭ ‬البداية،‭ ‬إن‭ ‬حل‭ ‬المشكلات‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬عبر‭ ‬أدوات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬إنما‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الشرع‭ ‬والقانون‭ ‬والمبادرات‭ ‬الخيرة،‭ ‬وللأسف‭ ‬جميع‭ ‬من‭ ‬تناول‭ ‬الموضوع‭ ‬لم‭ ‬يجلس‭ ‬معي‭ ‬أو‭ ‬يسمع‭ ‬مني‭ ‬بل‭ ‬تناوله‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬بينة‭ ‬أو‭ ‬تحقق،‭ ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬إشكال‭ ‬شرعي‭ ‬وقانوني‭ ‬وتجنٍ،‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬جانب‭. ‬

ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬أصدرت‭ ‬بيانًا‭ ‬أوضحت‭ ‬فيه‭ ‬سبب‭ ‬إغلاق‭ ‬المأتم‭ ‬ليلة‭ ‬الحادي‭ ‬والثاني‭ ‬من‭ ‬المحرم‭ ‬وقلت‭ ‬إنني‭ ‬لن‭ ‬أنجر‭ ‬للتراشق‭ ‬الإعلامي؛‭ ‬لأنه‭ ‬يعقد‭ ‬المشكلة‭ ‬ولا‭ ‬يحلها،‭ ‬ودعني‭ ‬أعود‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬قليلًا،‭ ‬فبعد‭ ‬وفاة‭ ‬والدي‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭) ‬في‭ ‬العام‭ ‬1994،‭ ‬بقي‭ ‬المأتم‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬والدي‭ ‬معطلًا‭ ‬لمدة‭ ‬6‭ ‬أشهر،‭ ‬ولم‭ ‬أكن‭ ‬حينها‭ ‬راغبًا‭ ‬في‭ ‬تولي‭ ‬شؤونه،‭ ‬ولكن‭ ‬بإصرار‭ ‬من‭ ‬الأهالي،‭ ‬وبطلب‭ ‬من‭ ‬سماحة‭ ‬العلامة‭ ‬السيد‭ ‬جواد‭ ‬الوداعي،‭ ‬استجبت‭ ‬وتوكلت‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬وأعلنتها‭ ‬أنني‭ ‬سأتسلم‭ ‬المأتم‭ ‬كأمانة،‭ ‬ولأن‭ ‬الناس‭ ‬اختارتني،‭ ‬فلا‭ ‬أفعل‭ ‬ما‭ ‬يملي‭ ‬عليَّ‭ ‬غيري،‭ ‬بل‭ ‬أعمل‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬تقتضيه‭ ‬المصلحة،‭ ‬وحتى‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬أنا‭ ‬ما‭ ‬زلت‭ ‬عند‭ ‬كلمتي‭.. ‬والغريب‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬طلب‭ ‬مني‭ ‬التنحي‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬طالب‭ ‬بعودتي‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬

 

‭- ‬ألم‭ ‬يكن‭ ‬حينها،‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬من‭ ‬ترشح‭ ‬لإدارة‭ ‬المأتم‭ ‬أو‭ ‬تشكيل‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬معه‭ ‬أو‭ ‬إجراء‭ ‬انتخابات‭ ‬للإدارة؟

‭- ‬أجريت‭ ‬أول‭ ‬انتخابات‭ ‬لجان‭ ‬محلية‭ ‬لإدارة‭ ‬المأتم‭ ‬معي‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1998‭. ‬ومنذ‭ ‬العام‭ ‬2008‭ ‬حتى‭ ‬2016‭ ‬قبل‭ ‬رفع‭ ‬الدعوى‭ ‬القضائية‭ ‬ضدي،‭ ‬كنت‭ ‬أدعو‭ ‬لانتخابات‭ ‬إدارية‭ ‬كل‭ ‬4‭ ‬سنوات‭ ‬أكون‭ ‬فيها‭ ‬متوليا‭ ‬شرعيًا‭ ‬وعضوًا‭ ‬إداريًا‭ ‬وأترك‭ ‬رئاسة‭ ‬الإدارة‭ ‬لغيري،‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬تقصير‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬فمن‭ ‬باب‭ ‬الانصاف‭ ‬أن‭ ‬يتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬الجميع‭ ‬وليس‭ ‬المتولي‭ ‬وحده،‭ ‬وهذ‭ ‬مستندات‭ ‬الأوقاف‭ ‬تشهد‭ ‬بذلك‭.‬

 

التنحي‭ ‬“هروب”

المطلوب‭ ‬منك‭ ‬هو‭ ‬التنحي‭.. ‬لو‭ ‬سألتك‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تتنحى‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬هناك‭ ‬مشاكل‭ ‬قائمة؟

‭- ‬الحاج‭ ‬حسن‭: ‬الخلافات‭ ‬والمشاكل‭ ‬الإدارية‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المؤسسات،‭ ‬وعن‭ ‬سؤال‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬أتنحى،‭ ‬دعني‭ ‬أتحدث‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬وليخضعها‭ ‬القارئ‭ ‬الكريم‭ ‬للمنطق‭.. ‬الإدارات‭ ‬المتتالية‭ ‬في‭ ‬المأتم‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1998‭ ‬كانت‭ ‬تواجه‭ ‬بعض‭ ‬الخلافات‭ ‬والاختلافات‭ ‬والتباين‭ ‬في‭ ‬وجهات‭ ‬النظر،‭ ‬وتواجه‭ ‬بعض‭ ‬المشكلات‭ ‬أيضًا،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أنني‭ ‬حين‭ ‬أواجه‭ ‬ذات‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬إدارتي،‭ ‬فهذا‭ ‬أمر‭ ‬ليس‭ ‬خارجًا‭ ‬عن‭ ‬العادة‭! ‬بل‭ ‬شهدت‭ ‬الإدارات‭ ‬توافقًا‭ ‬مع‭ ‬الجميع‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬الخلاف،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬وضع‭ ‬حدود‭ ‬لمكانة‭ ‬اجتماعية‭ ‬أو‭ ‬لكبر‭ ‬سن‭ ‬أو‭ ‬لسنوات‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬هذا‭ ‬الصرح،‭ ‬فهو‭ ‬أمر‭ ‬يحز‭ ‬في‭ ‬النفس،‭ ‬وأقول‭.. ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬العام،‭ ‬2003‭ ‬حينما‭ ‬استشرنا‭ ‬الأهالي‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬ترميم‭ ‬المأتم،‭ ‬وخاطبنا‭ ‬الأوقاف،‭ ‬واتضح‭ ‬أن‭ ‬الترميم‭ ‬سيكلف‭ ‬15‭ ‬ألف‭ ‬دينار،‭ ‬فكان‭ ‬الرأي‭ ‬هو‭: ‬إن‭ ‬كان‭ ‬الترميم‭ ‬سيكلفنا‭ ‬هذا‭ ‬المبلغ،‭ ‬وربما‭ ‬سنعود‭ ‬لهدمه‭ ‬بعد‭ ‬عامين،‭ ‬فلنصبر‭ ‬إلى‭ ‬حين‭ ‬بدء‭ ‬مشروع‭ ‬البناء،‭ ‬وقلت‭ ‬أنا‭ ‬معكم‭ ‬في‭ ‬الرأي،‭ ‬وبعد‭ ‬مضي‭ ‬3‭ ‬سنوات‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬الموافقة‭ ‬بهدم‭ ‬المأتم‭ ‬بخطاب‭ ‬رسمي‭ ‬من‭ ‬الأوقاف‭ ‬الجعفرية،‭ ‬ومعه‭ ‬مقترح‭ ‬شراء‭ ‬الأرض‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬خلف‭ ‬المأتم،‭ ‬ومضت‭ ‬السنين‭ ‬حتى‭ ‬وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬العام‭ ‬2005‭ ‬إذ‭ ‬تم‭ ‬الشراء‭ ‬وعمل‭ ‬الخرائط‭ ‬وإعداد‭ ‬الاتفاقية‭ ‬والإجراءات‭ ‬الرسمية،‭ ‬وعن‭ ‬نقطة‭ ‬التأخر،‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أوضح‭ ‬أننا‭ ‬قدمنا‭ ‬شهادات‭ ‬مسح‭ ‬عدة‭ ‬وكلها‭ ‬مرفوضة؛‭ ‬كون‭ ‬الأرض‭ ‬حينها‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬الحزام‭ ‬الأخضر،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬تواصل‭ ‬التنسيق‭ ‬مع‭ ‬الأوقاف‭ ‬واستمرت‭ ‬الاجتماعات،‭ ‬وكان‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬يتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬وليس‭ ‬أنا‭ ‬وحدي‭.‬

عودًا‭ ‬إلى‭ ‬السؤال،‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬التنحي‭ ‬هروب‭ ‬من‭ ‬تحمل‭ ‬المسؤولية،‭ ‬وليس‭ ‬أسهل‭ ‬من‭ ‬الهروب‭ ‬وإلقاء‭ ‬الحبل‭ ‬على‭ ‬الغارب،‭ ‬ولكن‭ ‬دعني‭ ‬أعيد‭ ‬صياغة‭ ‬السؤال،‭ ‬هل‭ ‬التنحي‭ ‬سيحل‭ ‬المشكلة‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬أم‭ ‬يزيدها‭ ‬تعقيدًا؟‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬نقبل‭ ‬حكم‭ ‬القضاء‭ ‬الشرعي‭ ‬والقانوني‭ ‬الذي‭ ‬لجأنا‭ ‬له‭ ‬بمحض‭ ‬إرادتنا‭ ‬في‭ ‬محاكمة‭ ‬استمرت‭ ‬3‭ ‬سنوات؟

موافقة‭ ‬الوزير‭ ‬

وفي‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬هل‭ ‬كان‭ ‬الأهالي‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بالتفاصيل‭ ‬والتحرك‭ ‬والإجراءات‭ ‬وغيرها؟

‭- ‬الحاج‭ ‬حسن‭: ‬بالتأكيد،‭ ‬فكما‭ ‬أسلفت،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬إدارات‭ ‬متعاقبة‭ ‬ومعتمدة‭ ‬لدى‭ ‬دائرة‭ ‬الأوقاف‭ ‬تدير‭ ‬المأتم‭ ‬مع‭ ‬المتولي‭ ‬ولكن‭ ‬كما‭ ‬تعلم،‭ ‬تأخذ‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الإجراءات‭ ‬وقتًا،‭ ‬ومنها‭ ‬بعض‭ ‬الأمور‭ ‬الفنية‭ ‬كضم‭ ‬الزوايا‭ ‬بين‭ ‬المأتم‭ ‬والأرض،‭ ‬ومسألة‭ ‬استقطاع‭ ‬شارع‭ ‬بعرض‭ ‬12‭.‬5‭ ‬متر‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الأرض،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬رفضته‭ ‬الإدارة‭ ‬حينها‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬أعمل‭ ‬على‭ ‬“بناء‭ ‬أبيض”‭ ‬فلا‭ ‬يظهر‭ ‬الجهد‭ ‬لأنه‭ ‬مخفي‭ ‬وليس‭ ‬الحال‭ ‬كما‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬أسود،‭ ‬أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الأرض‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬3‭ ‬أوقاف‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬وقتًا‭ ‬لأخذ‭ ‬موافقة‭ ‬الشرع‭ ‬والقانون‭.‬

عموما،‭ ‬بعد‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬المسح‭ ‬النهائية‭ ‬والموافقة‭ ‬على‭ ‬البناء،‭ ‬أعددنا‭ ‬الخرائط‭ ‬لدى‭ ‬مكتب‭ ‬“محمد‭ ‬صلاح‭ ‬الدين‭ ‬للهندسة”،‭ ‬وللعلم،‭ ‬مازلنا‭ ‬نتابع‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬موافقة‭ ‬من‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬والشؤون‭ ‬الإسلامية‭ ‬والأوقاف،‭ ‬الذي‭ ‬نتمنى‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬ينظر‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬تسريع‭ ‬الموافقة،‭ ‬فهو‭ ‬كما‭ ‬عهدناه‭ ‬لا‭ ‬يتأخر‭ ‬ولا‭ ‬يتوانى‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬والمساندة‭ ‬لمشروعات‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدينية،‭ ‬حتى‭ ‬نباشر‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬بناء‭ ‬المأتم،‭ ‬والمشروع‭ ‬باختصار‭ ‬يشمل‭ ‬بناء‭ ‬وتوسعة‭ ‬المأتم،‭ ‬وبناء‭ ‬مأتم‭ ‬للنساء‭ ‬كون‭ ‬القرية‭ ‬لا‭ ‬تحوي‭ ‬مأتمًا‭ ‬للنساء،‭ ‬وتوسعة‭ ‬مسجد‭ ‬الأمام‭ ‬علي،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مبان‭ ‬استثمارية،‭ ‬ولا‭ ‬يفوتني‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬أشكر‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬لتوجيه‭ ‬اهتمامه‭ ‬بمشروعات‭ ‬القرية‭ ‬ومتابعتها‭.‬

 

نواجه‭ ‬عراقيل

وكيف‭ ‬تتابع‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬ولا‭ ‬إدارة‭ ‬تدير‭ ‬المأتم؟

‭- ‬الحاج‭ ‬حسن‭: ‬معي‭ ‬فريق‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬القرية،‭ ‬وهم‭ - ‬جزاهم‭ ‬الله‭ ‬خير‭ ‬الجزاء‭ - ‬يتابعون‭ ‬كل‭ ‬التفاصيل‭ ‬ويتواصلون‭ ‬مع‭ ‬الأوقاف،‭ ‬أما‭ ‬الإدارة‭ ‬المنتخبة‭ ‬فقد‭ ‬انتهت‭ ‬برفضها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المحكمة‭ ‬وبانتهاء‭ ‬مدتها،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التفاصيل‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬بها‭ ‬الناس‭ ‬ومنها‭ ‬التأخير‭ ‬بسبب‭ ‬الإجراءات‭ ‬الرسمية،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬أشير‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬2001‭ ‬كانت‭ ‬لدينا‭ ‬تصاميم‭ ‬هندسية‭ ‬للمشروع‭ ‬بطابقين‭ ‬وسرداب،‭ ‬وواجهنا‭ ‬بعض‭ ‬العراقيل‭ ‬ومنها‭ ‬إضافة‭ ‬الأرض‭ ‬التي‭ ‬خلف‭ ‬المأتم،‭ ‬وتأخرت‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬الترخيص،‭ ‬واستمر‭ ‬العمل‭ ‬حتى‭ ‬العام‭ ‬2005‭ ‬إذ‭ ‬تم‭ ‬شراء‭ ‬الأرض‭ ‬ومساحتها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬متر‭ ‬مربع‭ ‬وسعرها‭ ‬آنذاك‭ ‬387‭ ‬ألف‭ ‬دينار،‭ ‬واليوم‭ ‬سعرها‭ ‬قد‭ ‬يتجاوز‭ ‬مليوني‭ ‬دينار،‭ ‬وكل‭ ‬تلك‭ ‬المراحل‭ ‬موثقة‭ ‬بمراسلات‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬المحاكم‭ ‬أو‭ ‬الأوقاف‭ ‬الجعفرية،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬ذلك‭ ‬تقسيم‭ ‬نسب‭ ‬الأوقاف‭ ‬للإمام‭ ‬الحسين‭ ‬وللإمام‭ ‬زين‭ ‬العابدين‭ ‬عليه‭ ‬السلام،‭ ‬وأكرر‭ ‬أن‭ ‬المشروع‭ ‬يشمل‭ ‬بناء‭ ‬المأتم‭ ‬على‭ ‬مساحة‭ ‬1400‭ ‬متر‭ ‬مربع،‭ ‬وتوسعة‭ ‬مسجد‭ ‬الإمام‭ ‬علي‭ (‬ع‭)‬،‭ ‬وتشييد‭ ‬مأتم‭ ‬للنساء‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مبان‭ ‬استثمارية‭.‬

خطاب منذ العام 2010 حول أولوية مشاريع القرية

تجنب‭ ‬الضعائن

نريد من خلال هذا اللقاء أن "نطيب القلوب"، ويعود الوئام والتلاحم بين أهل القرية، هل هناك تصور للحل من وجهة نظركم وباستشارة الأخوة معكم؟

الحاج حسن: هذا كل ما يهمنا في الحقيقة... فالخلافات والمواجهات والقضايا في المحاكم والمراكز لن تنتج حلاً وكلنا أهل وأخوة.. هذه الأمور الرابح فيها خاسر، وأقول.. هناك حكم صدر لصالحي كمتولي، لكن من المهم التأكيد على أن هناك من رضي بالحكم وهناك من لم يرضى! هذا صحيح.. لكن الذي يهمني هو أن نجلس مع بعضنا البعض من أجل حل توافقي، وقد قدمنا مقترحاً لدى دائرة الأوقاف ملخصه أن يكون هناك ثلاثة أعضاء يتم تسجيلهم رسميًا لدى الأوقاف الجعفرية ولهم مطلق الصلاحية في متابعة شؤون الأوقاف، وأن تشكل إدارة توافقية بين الأهالي لإدارة المأتم ونعمل معًا وننجز، بل ولا بأس من أن نهيئ الأرضية لاعادة الانتخابات في المستقبل، ونتفق من الآن، للحفاظ على استقرار القرية، وتجنيبها أي ممارسة تثير العداوة والبغضاء من أي طرف..أي أن نتوافق على إدارة وولاية يشعر فيها الجميع بالمسؤولية وعدم التهميش ونعمل كلنا مع بعض، فالولاية في النهاية غطاء شرعي ورقابي ولكن الدور الفاعل للإدارة التنفيذية ولجان العمل، وهذا منهجي طوال الفترة الماضية، لأن الحفاظ على نسيج القرية وعلاقاتها هو هدفي وهدف الجميع إن شاء الله، بل وأنا مدرك تمامًا بأن الجميع لا يرغب في الانجرار وراء تهور وعدم مسؤولية بعض قنوات التواصل الاجتماعي والتي بعضها لا يتردد في نقل المعلومات الخاطئة التي تثير الضغائن.

وحقًا، تستحق إدارة الأوقاف الجعفرية، من مجلس الإدارة إلى جميع منتسبيها، أن نوجه لهم كل الشكر والتقدير والعرفان بالجهود التي بذلوها ولا يزالون، من أجل أن ترى المشروعات المنظورة النور على أرض الواقع.

 

مستعد لمزيد من التنازلات

إن شاء الله تتكلل الجهود بالنجاح ويلتئم الجرح، وماذا تقول لمن لا يريدك أصلًا؟

الحاج حسن: أقول لئن نزغ الشيطان بيني وبين أخوتي ، فها أنا اليوم يدي ممدودة.. قلت ذلك سابقًا وأقوله الآن، فهذا مأتم جميع أبناء القرية وكل من يريد يخدم فليتفضل مشكور السعي، ولنرجع إلى الوئام الذي كنا عليه حتى مع وجود اختلافات فهذا أمر طبيعي، ولنتجاوز التأجيج والمواجهة والعداوة، وحقًا أقول، كان تأثير هذه الأزمة كبيرًا علي وعلى عائلتي، بل وأحزنني وقوع بعض العداوات والاعتداءات، ومع كل هذا أقول.. أنا أضع رقبتي جسرًا، ومستعد لمزيد من التنازلات من أجل المصلحة والله نسأل أن يجمعنا مع الجيران والأخوة وأبناء القرية بلا استثناء وكلي أمل في أن الأمور تسير على خير.. وسنشهد شهر رمضان المبارك هذا العام ونستقبل شهر محرم في مأتم يضمنا جميعًا.

نسخة من اتفاقية التصاميم المعمارية

مستند طلب الوقفية منذ العام 2016