العدد 4484
السبت 23 يناير 2021
banner
أحمد عمران
أحمد عمران
انتقد لتصلح لا لتهدم
السبت 23 يناير 2021

يكثر في مجتمعنا الأشخاص الذين يمارسون الانتقاد الهدّام في كل شاردة وواردة بهدف الظهور أمام الآخرين أو الشهرة الإعلامية، وللأسف فإن هذا الانتقاد تتم فيه الإشارة إلى المخطئ والتركيز على شخصه دون الخطأ نفسه، ولعل الذي ساهم في انتشار هذه الظاهرة بين أفراد المجتمع وسائل التواصل الاجتماعي التي سهلت عملية الانتقاد حتى أصبح كل من هب ودب يدلو بدلوه، وهذا ما يتضح جلياً في تعليقات الناس حول خبر معين حيث ترى فيه سيلا من الانتقادات التي يجتهد فيها المعلقون في البحث عن أية ثغرة في الموضوع أو في الأشخاص ذات العلاقة به ليبنوا آراءهم حوله ويأخذوا دور الخبراء الناصحين ويحولوا الحدث إلى موضوع سلبي خلاف الواقع الإيجابي الذي نشر من أجله. وعند النظر إلى واقع النقد في حياتنا فإننا سنراه في الغالب لا يوجه للفعل الذي قد يحتمل الخطأ بل لمن قام به، ما يجعل هذا النقد يأخذ طابعاً شخصياً يؤثر على مرتكب الفعل ويصيبه بالإحباط واليأس ويضعف من إمكانية تلافيه الخطأ أو إصلاحه، كما أن الأجواء تخلو من الهدوء ويسودها الصراخ أو تعلو فيها النبرة المرتفعة وكأنها حالة من الهجوم تشعر الطرف الآخر بالنيل منه أو الاستنقاص من مكانته، ويحس بأنه تتبع مقصود لعيوبه أو هفواته وغرضه التشهير به، وفي النهاية يصر الناقد على أن أفكاره هي الأصح ويجب على الآخرين تقبلها، وهذا هو النقد الهدّام بعينه والذي يصنف بأنه أحد الآفات التي تنخر جسد المجتمع وتضعفه.

وحتى يكون الانتقاد بناءً من الواجب أن يمتلك الناقد قدرا كافيا من المعرفة والدراية بموضوع النقد، وأن يتحلى بأدب الحوار الذي يرتكز على الهدوء والاحترام المتبادل، وأن يكون الهدف من الانتقاد إصلاح الأخطاء وتفاديها بعيدا عن الشخصنة والاستهداف المباشر، فالانتقاد للخطأ لا المخطئ، فالكثير من الأشخاص يتقبلون الانتقاد إذا تم تغليفه بقالب إيجابي. وما دمنا بشرا فنحن بحاجة إلى من يقومنا ويصوب أعمالنا ويدلنا على أخطائنا كي لا نكررها ونطور أنفسنا نحو الأفضل ونرتقى بأعمالنا والتي بلا شك سيكون لها الأثر الإيجابي على رقي وتحضر المجتمع ككل. لذلك فإن ثقافة النقد البنّاء يجب أن تكون حاضرة بين أفراد المجتمع وأن يؤسس لها في المدارس وتدرج في مناهج التربية للمواطنة، لخلق مجتمع واع متماسك يسوده الحب والوئام مبتعداً كل البعد عن العصبية والتطرف.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .