“البلاد” تنشر مبدأ لـ “التمييز”: النفقة دين في ذمة الزوج لا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء
إذا لم تعد الناشز لبيت الزوجية بحكم قضائي تسقط نفقتها
الزوجة طلبت 300 دينار نفقة وكسوة.. و”الاستئناف” خفضت المبلغ
أرست محكمة التمييز مبدأ يرسي ضمانات للزوجات الناشزات اللائي يغادرن بيت الزوجية بسبب خلافات زوجية ثم يلاحقون أقرانهن قضائيا لسداد النفقة.
وقالت المحكمة في مبدأ جديد غير منشور، حصلت عليه “البلاد”، بأن نفقة الزوجة تعد دينا في ذمة زوجها كسائر الديون الأخرى ولا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء، ولا يسقط بالطلاق أو بنشوز الزوجة.
واشترطت المحكمة لإسقاط تسديد النفقة قيام الزوج بتنفيذ حكم قضائي بإلزام الزوجة بالانتقال لبيت العمر، وامتناع الزوجة عن ذلك.
وكسبت مطلقة حكما قضائيا بإلزام زوجها السابق بسداد النفقة بعد رفض محكمة الاستئناف طلباتها.
وصدر الحكم في شهر يوليو 2020. ويحمل الطعن رقم 18 لسنة 2020/ شرعي.
قصة القضية
وفي التفاصيل، رفعت سيدة قضية ضد طليقها، الذي خلعته، أمام المحكمة الصغرى الشرعية (الدائرة السنية). وتطلب الحكم بـ:
- نفقة شهرية قدرها 100 دينار.
- كسوة للعيدين قدرها 100 دينار لكل عيد.
- تأدية متجمد النفقة اعتبارا من العام 2017 لغاية 2019، حيث امتنع الزوج عن الانفاق عليها.
وقررت المحكمة الشرعية بحكم أول درجة بفرض نفقة مقدارها 50 دينارا شهريا، وكسودة للعيدين قدرها 50 دينارا لكل عيد، وتأدية متجمد النفقة قدرها 1250 دينارا، ومتخلف كسوة العيدين ومقدارها 300 دينار.
استأنف الزوج ضد الحكم. ونقضت المحكمة الكبرى الشرعية الاستئنافية الحكم. وقررت رفض الدعوى.
ولجأت السيدة لمحكمة التمييز بعد خسارتها القضية بمحكمة الاستئناف للفصل بشأن هذا الموضوع.
الحيثيات
وفي تفاصيل القضية، تبين أن خلافات بين الزوجين تصاعدت، حيث امتنعت الزوجة عن الانتقال لمسكن الزوجية، وصدر حكم قضائي بإلزامها بذلك، ولكن الزوج لم يقدم دعوى النشوز ولم يتخذ إجراءات تنفيذ الحكم الصادر لصالحه في هذا الشأن، وهو ما أدى لانهيار طلبه بمحكمة التمييز.
وذكرت المحكمة في حيثياتها أنه يشترط لتحقق نشوز الزوجة وإسقاط نفقتها أن يستصدر الزوج من القضاء حكما نهائيا يقضي بالزام الزوجة بمتابعة زوجها إلى بيت الزوجية، وأن يقوم الزوج بتنفيذ الحكم الصادر له، وأن تمتنع الزوجة عن تنفيذ الحكم، وإذ تحقق الشرطان السابقان ثبت نشوز الزوجة على زوجها ومن هذا التاريخ يسقط حقها في نفقة الزوجية.
وأضافت المحكمة أن نفقة الزوجة – في حالة وجوبها –تعد ديناً في ذمة زوجها كسائر الديون الأخرى من وقت امتناعه عن الإنفاق عليها ولا يسقط هذا الدين إلا بالأداء أو الابراء فلا يسقط بالطلاق أياً كان نوعه ولا بنشوز الزوجة اللاحق إذ النشوز يسقط النفقة مدة النشوز فقط، فهو دين يقابل حقاً استهلك بالفعل، فمتى وجب بأنه لايقبل الاسترداد ولا يرد عليه الاسقاط.
وخلصت المحكمة إلى أن الطاعنة كانت زوجة للمطعون ضده حتى تاريخ الخلع ومن ثم، فإن نفقته عليه من تاريخ امتناعه عن تاريخ الإنفاق عليها، ولا يسقطه مجرد صدور حكم نهائي بإلزامها بمتابعة الزوج لمسكن الزوجية، بل يجب أن يقوم الزوج بتنفيذ الحكم الصادر له وتمتنع الزوجة عن تنفيذه، وهو ما خلت منه الأوراق.
وبينت المحكمة بأن حكم محكمة الاستئناف قضى بإسقاط متخلف النفقة لنشوز الزوجة، وهو ما لم يتحقق، فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب مما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
الحكم بالنشوز لا يعني إجبارها بالقوة للعودة لبيت الزوجية
يحق للزوجة الامتناع عن طاعة الزوج إذا سكن أهله بمسكنها دون رضاها
يُشترط لإسقاط النفقة ثبوت امتناعها عن تنفيذ حكم الطاعة والرجوع
تعتبر الزوجة ناشزا بامتناعها عن طاعة زوجها والخروج دون مسوغ من مسكن الزوجية
بقلم المحامي محمود ربيع
من المقرر فقها وقانونا أن الطاعة واجبة على الزوجة لزوجها متى توافرت شروطها وثبتت أمانة الزوج عليها، وأن مناط دعوى الطاعة هو هجر الزوجة لزوجها وإخلالها بواجب الإقامة المشتركة والقرار في مسكن الزوجية المستوفي لكافة شروطه الشرعية من كونه مسكنا مستقلا عن سكن الغير وملائما لها ويوفر لها الأمن والراحة ومنفقا مع حالة الزوج المالية من حيث بناؤه و محتوياته. والأصل يجب أن يكون المسكن خاليا من أهله وغيرهم إلا برضاها شريطة ألا تضرر بسبب سكناها فيه، حيث لا يجوز إدخال الضرر عليها بالتضييق عليها في مسكنها، وإذا تخلفت هذه الشروط آنفة البيان ولم تتوفر فيه الشروط الازمة لإلزام الزوجة بالإقامة معه في مسكن الزوجية فقد المسكن شرعيته، ويكون للزوجة الامتناع عن طاعة الزوج وفق مسوغ شرعي.
تنص المادة (54)/ب من قانون الأسرة رقم 19 لسنة 2017 (يكون امتناع الزوجة عن الانتقال إلى مسكن الزوجية بعذر إذا كان الزوج غير أمين على نفسها أو عرضها أو مالها، أو لم يدفع معجل مهرها قبل الدخول، أو لم يقم بإعداد مسكن الزوجية، ووفقا للفقه السني كذلك إذا امتنع عن الإنفاق عليها، أو لم تستطع تنفيذ الحكم بنفقتها لعدم وجود مال ظاهر له).
إن سبب نفقة الزوجة على زوجها هو عقد الزواج الذي جعلها مقصورة عليه، وهي تكون كذلك بالعقد الصحيح، حيث تجب نفقتها، وهي تشمل ما يكفيها من الطعام والشراب والإدام، والكسوة اللائقة، والسكنى المناسبة، وتقدر بحسب حال المنفق يسرا وعسرا مع اعتبار لحال المنفق عليه استنادا إلى قوله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف)، وقوله تعالى: (ليُنفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يُكلف الله نفسا إلا ما آتاها).
وإذا امتنعت الزوجة عن الطاعة والإقرار بمسكن الزوجية دون مسوغ شرعي يكون للزوج أن يطلب من القضاء صدور الحكم بالرجوع إلى مسكن الزوجية والدخول في طاعته، ولا تسقط نفقتها إلا بعد ثبوت امتناعها عن تنفيذ الحكم النهائي الصادر بطاعتها لزوجها، وبعد ذلك صدور حكم بالنشوز ومتى حاز قوة الأمر المقضي سقط حق الزوجة في النفقة بما فيها حق السكنى إلى أن تعود الزوجة لطاعة زوجها.
وتعتبر الزوجة ناشزا بامتناعها عن طاعة زوجها في المسكن الذي أعده لها إذا كان هذا المسكن مناسبا لحال الزوج المالية والاجتماعية، وتأمن فيه على نفسها ومالها، وخاليا من سكنى الغير، وأن يشتمل على جميع المرافق والأدوات المنزلية وفقا لحال أمثال الزوج حسبما يجري به العرف.
وأخيرا و ليس آخرا لا يجوز استخدام القوة الجبرية أو الاستعانة برجال الشرطة لإلزام الزوجة على الرجوع إلى بيت الزوجية كما يعتقد البعض، بل يقتصر الأمر على سقوط نفتها وذلك لصريح المادة 55 من قانون الأسرة البحريني التي تنص على ألا يُنفذ حكم المتابعة إلى مسكن الزوجية جبرا على الزوجة.