العدد 4511
الجمعة 19 فبراير 2021
banner
لغة الدراما الجريئة
الجمعة 19 فبراير 2021

هناك محاولات لتقديم الجديد، وللأسف الشديد فإن الجديد لدى البعض هو تقديم دراما جريئة فقط، والعيب ليس في تقديم المواضيع الجريئة من وجهة نظري الخاصة، بل في تقديمها بشكل قد لا يتناسب مع الثقافة السائدة في المجتمع وأخلاقياته، أو تصيب في مقتل عاداته وتقاليده وقيمه.

ولا يخفى علينا أن الجميع يمكنه مشاهدة ما يشاء، من الصالح والطالح على حد سواء، ومن مختلف أقطار العالم من أعمال درامية تملأ الشاشات الصغيرة منها والكبيرة، وقد يتذمر البعض عند رؤية دراما جريئة في المقياس الخليجي مثلاً، وهم يشاهدون في نفس الوقت الدراما الأجنبية التي قد تقدم دراما أجرأ بكثير، لكنهم لا يمتعضون منها قيد أنملة، والعيب ليس فيهم، بل في لغة الخطاب التي اعتمدها صناع العمل الخليجي. الدراما تمثل خطاباً بين الفنان والجمهور، وهذا الخطاب - بمعناه الجيد - ينبغي أن يكون مؤدباً، ومهذباً، يحترم عقلية وثقافة وذائقة وأخلاقيات المجتمع الذي يمثله، ومتى ما كان هذا الخطاب ساذجاً، أو متهاوناً، أو غير مهذب، فإن ردود فعل جمهور المجتمع المعني ستكون بكل تأكيد رافضة بل وقاسية أيضاً. لا ضير من تقديم أية مواضيع تندرج تحت بند المواضيع غير الشائع تناولها درامياً، حتى لو كانت مواضيع لا تعد كونها ظاهرة، مثل قصص الحالات الفردية أو الاستثنائية، لكن المسألة تكمن في كيفية تقديم الجريء منها بمعالجة وشكل يتفق وينسجم مع ثقافة وثوابت المجتمع.

وإذا كانت الدراما تعكس الواقع المعاش في أي مجتمع، فينبغي أن تكون مهذبة في طرحها وخطابها مع المجتمع المعني، نعم، قد يشاهد الجمهور أعمالاً أخرى غربية بعيدة كل البعد عن التهذيب وأخلاقيات مجتمعاته، لكنه لن يتقبل ولا يصح أن يتقبل ما لا يمثله ويشبهه في الدراما الخاصة به، التي يفترض أن تعكس واقعه وقيمه وأخلاقياته، وهنا يأتي دور الكاتب، ودور المنفذين للنص الجريء بتقديمه بطريقة مناسبة، وبخطاب راقٍ، يحترم الجمهور، مما يعني أن المخاطبة الدرامية الجريئة ليست أصل العلة، بل الكيفية واللغة التي تقدم بها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية