+A
A-

هل استطاع المسرح البحريني أن يكون جزءا من ثقافة الناس؟

لقد حملت ندوة "البلاد" عن المسرح البحريني تيارات فكرية شتى انصب اهتمامها على التماس الحجج لنصرة هذا المذهب أو ذاك، فراشد نجم يرى أن المسرح البحريني موجود على الخريطة الثقافية وبقوة، وفي المقابل يرى الناقد المسرحي سوف الحمدان أن الحراك المسرحي متبعثر وفرقة مسرح الصواري أحدثت الانقلاب، بينما قال الفنان خالد الرويعي رئيس مسرح الصواري بأنه لا يوجد عندنا مسرح في البحرين وإنما تجارب وقفزات.

ان الاحداث المتسارعة في الـ 100 سنة الأخيرة قد ألحَّت على الفنون والآداب أن تصبح جانبا خطيرا من السلاح الفكري والفني، ولما كان المسرح فعالية اجتماعية فنية بارزة، فقد باتت توجهاته الأساسية ضمن ذلك السياق الراهن، ولكن من وجهة نظرنا الشخصية أن المسرح البحريني كان متحفظا من دخول المغامرة، محاولا في أن يقيم التوازن بين تأسيس تراث مسرحي والمساهمة في الإدلاء برأي فيما يجري على الساحة الحياتية اليومية، ولهذا فقد أصيب بحمى الانخراط في دوامة اليومي والواقع، فكأنما المسرح صورة عاكسة لما يجري في المشهد اليومي، وليس هو ذلك الفن الجامع للفنون الأخرى المعبرة عن توق الإنسان الدائم إلى المستقبل وإلى الخلق الموازي للرغبة في الكمال، ولم يكن ذلك الأمر إلا استجابة لميول رجال المسرح في الالتزام، التزاما هادفا مبرمجا أو تقليديا، وقد أصبح هذا النوع من الالتزام شيئا أشبه بالدغدغة لأحلام المشاهد في الفرجة المجانية تحت ستار الانتصار لقضية شائعة هي قضية الالتزام.

إن العمل المسرحي يقاس بقدرته على التوصيل، وبمعنى أدق بمحصلته الفنية، إذ لا معنى لمناقشة الأفكار الأساسية للمسرحية إلا من خلال محصلتها الفنية التي تتفاعل فيها الفكرة، أي النص مع الأسلوب، أي الإخراج، والتي تؤدي إلى طاقة التوصيل إلى المشاهد، وهنا ينبغي أن نتساءل: هل استطاع مسرحنا البحريني أن يفعل ذلك ويتفوق من حيث الجودة وطاقة التوصيل وقيمتها. هل استطاع أن يحقق أهدافه من خلال طبيعة تكوينه ومرونته. هل تحول عندنا المسرح - بالفعل - إلى أداة مخاطبة في المجتمع وانفتح على الجماهير الواسعة. هل استطاعت الفرق المسرحية الأهلية برموزها وروادها أن تأخذ الجوهر الحقيقي، وهو البحث عن الأعماق والجذور ونجحت في إثارة الجدل ونجحت أيضا في أن تثير الفكر حول القضايا التي تطرحها. والأهم هل استطاعت ان تكون منبرا للحقيقة وتحررت من القيود الكثيرة التي تفرض عليها.

لنحترم مسألة الإخلاص في قول الحقيقة ونسأل أنفسنا: هل استطاع المسرح البحريني وعلى مدى 90 سنة أن يكون جزءا من ثقافة الناس وتطلعاتهم وليس حالة طارئة. هل ساهم في تدعيم الثقافة السائدة والمستقبلية ومنسجما مع الفنون والآداب الأخرى. هل نعتبره في البحرين بمختلف ثقافتنا وتوجهاتنا وميولنا الفكرية والاجتماعية حاجة ملحة في الحياة وطقسا مهما للتعلم والاستفادة والاستمتاع والارتقاء بالتكوين النفسي والثقافي؟

المسرح لا يستطيع أن يغير الأوضاع، ولكن المهم جدا أن يطرح المشكلات الموجودة في المجتمع بشكل صحيح وبصورة يمكن أن تنفتح إمكان التغيير أمام المتفرج، وهذه هي الإيجابية في المسرح، فهل فعل المسرح البحريني ذلك؟            ​