يستقبل المواطنين ببشاشة ويناديهم “أبنائي” ويحاورهم عن حاجاتهم
فعاليات وطنية تستذكر “أمير الاستقلال” بذكرى رحيله
كان وشقيقه خليفة بن سلمان “صنوين” عاشقين للوطن
كان الأمير الحكيم يتبع مبدأ “الحكمة أساس الحكم”
شهدت البحرين في عهده تقدما في شتى المجالات
سياسي محنك اتصف بالكرم والسماحة والتواضع
لم يتغافل عن حق... ولم يتأخر عن مكرمة
الحواج: رمز لقائد قريب جدا من الناس ومثل يحتذى به في التواضع
البدران: مركز القلب “مشروعه”... وسائرون بحسِّ وصاياه
فولاذ: اتسم عهده الزاهر بذكرى الكرامة والعزة والمحبة والمودة
القعود: أحب شعبه وجمعهم تحت ظله وكان وملاذًا للجميع
يصادف اليوم ذكرى رحيل صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة (رحمه الله)، ولد الراحل في قرية الجسرة، في الثالث من يونيو العام 1933، وتعلم بمدارس البحرين ثم سافر إلى أوروبا لمزيد من التحصيل العلمي، وأصبح وليا للعهد في الخامس من يوليو 1957، وتولى مقاليد الحكم بعد وفاة والده (رحمه الله).
نشر الأمير الراحل ظلال الأمن وتطورت الإدارة في عهده، وازدهرت التجارة، وامتدت يد الإصلاح لكل مرافق الحياة ولأكثر من 30 عامًا من العمل المستمر لصروح ما زالت شاخصة حتى اليوم.
كان الأمير الحكيم يتبع مبدأ “الحكمة أساس الحكم”، وهو الرجل المحنك والسياسي الذي اتصف بالكرم والسماحة والتواضع وسيرة الملوك، فورث عن آبائه وأجداده تلك الصفات الكريمة، ورث عن أبيه الهدوء والاتزان وحصافة الرأي وامتاز بالرقة والسماحة واللطف والطلعة الباسمة، فأصبح شخصية محبوبة من جميع الأوساط الشعبية.
هذا وشهدت البحرين في عهده تقدما شمل المجال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي، وسعى من اجل استقلال البحرين حتى نالت استقلالها في 14 أغسطس 1971، وقام بتنويع النشاط الاقتصادي مما أدى إلى بروز البحرين كمركز للوحدات المصرفية الخارجية.
اهتمت حكومته بالتعليم العالي، فافتتحت جامعة البحرين عام 1984، والمستشفى العسكري، ومطار البحرين الدولي، وميناء سلمان، وأرسى حجر الأساس لمدينة عيسى، وتأسيس قوة دفاع البحرين والتي تحولت إلى وزارة الدفاع، وافتتح متحف البحرين، واصدر مرسوما بتأسيس مجلس الدولة وتعيين صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيسا له، وصدرت الصحف البحرينية، وافتتح الحوض الجاف، وتأسس مركز الوثائق التاريخية، وافتتح سموه مجمعي وزارة العدل ووزارة الإعلام، ووضع حجر الأساس لمشروع جسر الملك فهد، ومدينة حمد ومركز احمد الفاتح الإسلامي.
الدموع قبل المآثر
قال الرئيس المؤسس، رئيس مجلس أمناء الجامعة الأهلية، عبدالله الحواج: عندما يكون الحديث عن أمير بحجم المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عيسى بن سلمان مؤسس البحرين الحديثة (طيب الله ثراه)، فإن الدموع قبل المآثر، وشجن القلوب قبل الحديث عن الذكريات، فهي التي تحكم وتتحكم في غزارة الدموع عندما لا تهون، وفي سلوان النفس حين لا تفارق عزيز.
وأردف: كان رمزًا لقائد قريب جدا من الناس ومثلا يحتذى به للتواضع والتقارب والالتحام مع شؤون وشجون كل مواطن وكل مقيم، وكان رحمه الله وشقيقه الأمير الراحل خليفة بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه حجرا أساس لمسيرة شعب، وصنوين عاشقين لهذا الوطن.
واسترسل قائلا: كان أميرا للمحبة والتنازل عن البروتوكولات، وأميرًا للإنسانية جمعاء، وقريبا بحميمية لا تصدق مع كل الناس ولم يقتصر مجلسه على يوم واحد في الأسبوع لكنه امتد لثلاث مرات أسبوعيا وأكثر، وحضره الجميع وبلا استثناء ليس للسلام على سموه فحسب إنما لتبادل الأحاديث الودية، التي تنبع من الصلب والى القلب، لا مسافات لديه مع أحد، الجميع كانوا قريبين منه، وكان قريبا من الجميع، يسأل عن أدق دقائق حياتهم، ولا يتردد في مساعدة أي محتاج، ولم يتغافل عن حق، ولم يتأخر عن مكرمة.
ومضى يقول: الذكريات مع الأمير الراحل عيسى بن سلمان، يشاركني فيها والدي رحمة الله عليهما، فالوالد طيب الله ثراه كان يشرف على “بشوت” سمو أمير البلاد الراحل، وكان سموه يكلف والدي كي يجهز له “البشوت” التي يصطحبها معه عند السفر، وأذكر أن سموه قام بتكليف والدي بمهمة تصميم وحياكة “بشت” خاص بمناسبة سفره إلى فرنسا، وأشرف الوالد بنفسه على تفصيل وحياكة البشت وقام بخياطة جزء بيده، حيث تم إطلاق اسم جديد على هذا “البشت” تحت كلمة “معلمة”.
وتابع: والدي كان من أشد المعجبين بسموه ومواظبا على حضور مجالسه حتى امتد هذا الحضور لي شخصيا ولإخوتي جميعا، حيث كنت ومن حسن الطالع قريبا من الراحل لدرجة أن سموه كان يستشيرني في بعض الأمور وشركني في المواقف، وكانت تغمرني السعادة والفخر بان أمير البلاد يقربني منه وإنا ببداية طريقي في عالم الأكاديمية والعلوم والثقافة العامة.
وأردف الحواج: ولا يخفى على احد بان علاقة أمير البلاد الراحل عيسى بن سلمان بشقيقه الأمير خليفة بن سلمان رحمة الله عليهما وثيقة وحميمية، فتحابا علي خير هذا الوطن ووضعا يديهما في أيدي بعضهما بعضا وخاضا غمار التحدي وبأقل الإمكانات وفي أصعب المفترقات ليقيما البنيان المرصوص لدولة البحرين الحديثة..
واختتم الحواج قائلا: ولقد امتد هذا الإرث التاريخي الإنساني التليد لينهل منه عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة منذ تسلمه مقاليد الحكم في البلاد ليؤكد من مشروعه الإصلاحي الكبير الذي دشنه في العام 2001 قيم القداسة والتراحم والتعايش والتسامح والنزول عند رغبة المواطن والانحياز لمصالحه.
لا يخفى على أحد أن علاقة صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رحمه الله بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رحمه الله وثيقة وحميمية، فتحابا على خير هذا الوطن ووضعا يديهما في يدي بعضهما البعض وخاضا غمار التحدي في أصعب المفترقات ليقيما البنيان المرصوص للبحرين الحديثة
فارس البحرين
المدير التنفيذي لمركز الشيخ محمد بن خليفة بن سلمان آل خليفة التخصصي للقلب، ريسان البدران، يطرز ذكرياته الأمير الراحل، بخيوط من ذهب إذ قال: كان الراحل، أميرا بكل ما تحمل الكلمة من معان، كان عربيا وأصيلا وكريما في تعامله مع كل من كانوا حوله، محبا للجميع من أبناء شعبه وللمقيمين.
واستدرك: لم أرَ في حياتي شخصية تحمل “الإنسانية” مثله أبدا، تمتلك كل هذا الحب والرحمة والتواضع، يهرع لمساعدة من يعرف ومن لا يعرف.
واستذكر: كان لي شرف مقابلة الأمير الراحل العام 1980 وحتى رحيله في العام 1999، وللعلم فإن مركز القلب هو مشروعه وفكرته، كان محبا للطب والأطباء، ويتابع التطور الطبي خلال زياراته الرسمية بالخارج، ولذلك أراد للبحرين أن تكون في مصاف الدول الكبرى في التقدم الطبي، وان تضم أول مركز لأمراض وجراحات القلب، ولكنه اشترط علينا شرطين عند انطلاق العمل بالمشروع، أولهما، أن يكون مشروعا وصرحا طبيا ورياديا غير مسبوق تفتخر به البحرين، وهو ما تحقق على أرض الواقع، وثانيهما أن يقدم المركز خدماته مجانا لكل من يحتاجها من الفقراء والمحتاجين، مردفا “ونحن سائرون ولحد اليوم بما أوصى به الأمير الراحل وسنستمر”.
وذكر: وعن الذكريات فلا تكفينا مجلدات لذكر مناقب الراحل، كان يقف بالساعات الطويلة، ليسلم على من يحضر لمجلسه، وكانوا يتجاوزون 3500 مواطن ومقيم، كان يحب الناس، يستقبلهم ببشاشة وجه يعرفها الجميع، كان يستقبل الأطفال ويداعبهم، متواضعا حليما كريما محبا للجميع، ينادي مواطنيه “أبنائي”، ويحاورهم عن حاجاتهم، أحبه شعبه وبادلهم الحب، كان فارس البحرين وسيبقى كذلك.
نصير العمال
إلى ذلك، قال الأمين العام لجمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان، فيصل فولاذ: لقد ارتبط اسم الراحل بحقبة مهمة في تاريخ الحركة العمالية البحرينية التي عاصرتها وأن رئيس اللجنة العامة لعمال البحرين “1996-1998” وعضو مجلس الشورى، فقد كان الراحل نصيرا للعامل البحريني وسُنت خلال عهده الميمون التشريعات العمالية التي حافظت علي حقوق العمال.
وأضاف: اتسم عهده بذكرى الكرامة والعزة والمحبة والمودة، وهي ذكرى الدولة البحرينية التي بناها بمعية أخيه وعضده المغفور له بإذن الله صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وكان الراحل يتسم بحبه لشعبه والسؤال عنهم وبالتواضع والبساطة وسمو الأخلاق والكرم، وهو ما جعله يعتبر أميرًا للاستقلال والقلوب.
وتابع: قاد الراحل البحرين سنوات عدة وخلالها عمل على أحداث تغييرات مهمة على صعيد العمران والتنمية الصناعية والاجتماعية والاقتصادية والحقوق، حيث تأسست الدولة الحديثة وتعززت التنمية والتحديث في دولة أراد لها أن تكون نموذجا للتعايش والسماحة والمحبة بين الأطياف والمذاهب كافة، فكانت أخلاقه ومواقفه وإنسانيته الدليل لشعبه.
ملاذ الجميع
ويروي رجل الأعمال خالد القعود، ذكريات والده وجده مع الأمير الراحل، فيقول: من خلال صور تحتفظ بها العائلة، كان والدا للجميع، أحب شعبه، وجمعهم تحت ظله، وكان يلتقي بهم في مجلسه في الرفاع الغربي، حتى يحسوا أنهم في بيتهم الصغير، آلاف الصور جمعت الأمير الراحل بكبار الرؤساء والمسؤولين، جمعته أيضا بشعبه وهو يشاركهم كل المناسبات، كان كريما في عطائه وفي سيرته العطرة التي مازالت حاضرة في ذاكرة شعبه حتى اليوم، كان يحب الأطفال، ويسأل عن من يتأخر عن حضور مجلسه ويطمئن على الجميع، كان أميرا وإنسانا وملاذا للجميع.