+A
A-

فعاليات وطنية تستذكر “أمير الاستقلال” بذكرى رحيله

كان‭ ‬وشقيقه‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬“صنوين”‭ ‬عاشقين‭ ‬للوطن

كان‭ ‬الأمير‭ ‬الحكيم‭ ‬يتبع‭ ‬مبدأ‭ ‬“الحكمة‭ ‬أساس‭ ‬الحكم”

شهدت‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬عهده‭ ‬تقدما‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات

سياسي‭ ‬محنك‭ ‬اتصف‭ ‬بالكرم‭ ‬والسماحة‭ ‬والتواضع

لم‭ ‬يتغافل‭ ‬عن‭ ‬حق‭... ‬ولم‭ ‬يتأخر‭ ‬عن‭ ‬مكرمة

الحواج‭: ‬رمز‭ ‬لقائد‭ ‬قريب‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬ومثل‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬التواضع

البدران‭: ‬مركز‭ ‬القلب‭ ‬“مشروعه”‭... ‬وسائرون‭ ‬بحسِّ‭ ‬وصاياه

فولاذ‭: ‬اتسم‭ ‬عهده‭ ‬الزاهر‭ ‬بذكرى‭ ‬الكرامة‭ ‬والعزة‭ ‬والمحبة‭ ‬والمودة

القعود: ‬أحب‭ ‬شعبه‭ ‬وجمعهم‭ ‬تحت‭ ‬ظله‭ ‬وكان‭ ‬وملاذًا‭ ‬للجميع

 

يصادف‭ ‬اليوم‭ ‬ذكرى‭ ‬رحيل‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭  (‬رحمه‭ ‬الله‭)‬،‭ ‬ولد‭ ‬الراحل‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬الجسرة،‭ ‬في‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬العام‭ ‬1933،‭ ‬وتعلم‭ ‬بمدارس‭ ‬البحرين‭ ‬ثم‭ ‬سافر‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬التحصيل‭ ‬العلمي،‭ ‬وأصبح‭ ‬وليا‭ ‬للعهد‭ ‬في‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬يوليو‭ ‬1957،‭ ‬وتولى‭ ‬مقاليد‭ ‬الحكم‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬والده‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭).‬

نشر‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬ظلال‭ ‬الأمن‭ ‬وتطورت‭ ‬الإدارة‭ ‬في‭ ‬عهده،‭ ‬وازدهرت‭ ‬التجارة،‭ ‬وامتدت‭ ‬يد‭ ‬الإصلاح‭ ‬لكل‭ ‬مرافق‭ ‬الحياة‭ ‬ولأكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬المستمر‭ ‬لصروح‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬شاخصة‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭.‬

كان‭ ‬الأمير‭ ‬الحكيم‭ ‬يتبع‭ ‬مبدأ‭ ‬“الحكمة‭ ‬أساس‭ ‬الحكم”،‭ ‬وهو‭ ‬الرجل‭ ‬المحنك‭ ‬والسياسي‭ ‬الذي‭ ‬اتصف‭ ‬بالكرم‭ ‬والسماحة‭ ‬والتواضع‭ ‬وسيرة‭ ‬الملوك،‭ ‬فورث‭ ‬عن‭ ‬آبائه‭ ‬وأجداده‭ ‬تلك‭ ‬الصفات‭ ‬الكريمة،‭ ‬ورث‭ ‬عن‭ ‬أبيه‭ ‬الهدوء‭ ‬والاتزان‭ ‬وحصافة‭ ‬الرأي‭ ‬وامتاز‭ ‬بالرقة‭ ‬والسماحة‭ ‬واللطف‭ ‬والطلعة‭ ‬الباسمة،‭ ‬فأصبح‭ ‬شخصية‭ ‬محبوبة‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الأوساط‭ ‬الشعبية‭.‬

هذا‭ ‬وشهدت‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬عهده‭ ‬تقدما‭ ‬شمل‭ ‬المجال‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والثقافي‭ ‬والسياسي،‭ ‬وسعى‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬استقلال‭ ‬البحرين‭ ‬حتى‭ ‬نالت‭ ‬استقلالها‭ ‬في‭ ‬14‭ ‬أغسطس‭ ‬1971،‭ ‬وقام‭ ‬بتنويع‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬بروز‭ ‬البحرين‭ ‬كمركز‭ ‬للوحدات‭ ‬المصرفية‭ ‬الخارجية‭.‬

اهتمت‭ ‬حكومته‭ ‬بالتعليم‭ ‬العالي،‭ ‬فافتتحت‭ ‬جامعة‭ ‬البحرين‭ ‬عام‭ ‬1984،‭ ‬والمستشفى‭ ‬العسكري،‭ ‬ومطار‭ ‬البحرين‭ ‬الدولي،‭ ‬وميناء‭ ‬سلمان،‭ ‬وأرسى‭ ‬حجر‭ ‬الأساس‭ ‬لمدينة‭ ‬عيسى،‭ ‬وتأسيس‭ ‬قوة‭ ‬دفاع‭ ‬البحرين‭ ‬والتي‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع،‭ ‬وافتتح‭ ‬متحف‭ ‬البحرين،‭ ‬واصدر‭ ‬مرسوما‭ ‬بتأسيس‭ ‬مجلس‭ ‬الدولة‭ ‬وتعيين‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رئيسا‭ ‬له،‭ ‬وصدرت‭ ‬الصحف‭ ‬البحرينية،‭ ‬وافتتح‭ ‬الحوض‭ ‬الجاف،‭ ‬وتأسس‭ ‬مركز‭ ‬الوثائق‭ ‬التاريخية،‭ ‬وافتتح‭ ‬سموه‭ ‬مجمعي‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬ووزارة‭ ‬الإعلام،‭ ‬ووضع‭ ‬حجر‭ ‬الأساس‭ ‬لمشروع‭ ‬جسر‭ ‬الملك‭ ‬فهد،‭ ‬ومدينة‭ ‬حمد‭ ‬ومركز‭ ‬احمد‭ ‬الفاتح‭ ‬الإسلامي‭.‬

 

الدموع‭ ‬قبل‭ ‬المآثر

قال‭ ‬الرئيس‭ ‬المؤسس،‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬أمناء‭ ‬الجامعة‭ ‬الأهلية،‭ ‬عبدالله‭ ‬الحواج‭: ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬أمير‭ ‬بحجم‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬مؤسس‭ ‬البحرين‭ ‬الحديثة‭ (‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭)‬،‭ ‬فإن‭ ‬الدموع‭ ‬قبل‭ ‬المآثر،‭ ‬وشجن‭ ‬القلوب‭ ‬قبل‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الذكريات،‭ ‬فهي‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬وتتحكم‭ ‬في‭ ‬غزارة‭ ‬الدموع‭ ‬عندما‭ ‬لا‭ ‬تهون،‭ ‬وفي‭ ‬سلوان‭ ‬النفس‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬تفارق‭ ‬عزيز‭.‬

وأردف‭: ‬كان‭ ‬رمزًا‭ ‬لقائد‭ ‬قريب‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬ومثلا‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭ ‬للتواضع‭ ‬والتقارب‭ ‬والالتحام‭ ‬مع‭ ‬شؤون‭ ‬وشجون‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭ ‬وكل‭ ‬مقيم،‭ ‬وكان‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬وشقيقه‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭  ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ ‬حجرا‭ ‬أساس‭ ‬لمسيرة‭ ‬شعب،‭ ‬وصنوين‭ ‬عاشقين‭ ‬لهذا‭ ‬الوطن‭.‬

واسترسل‭ ‬قائلا‭: ‬كان‭ ‬أميرا‭ ‬للمحبة‭ ‬والتنازل‭ ‬عن‭ ‬البروتوكولات،‭ ‬وأميرًا‭ ‬للإنسانية‭ ‬جمعاء،‭ ‬وقريبا‭ ‬بحميمية‭ ‬لا‭ ‬تصدق‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬الناس‭ ‬ولم‭ ‬يقتصر‭ ‬مجلسه‭ ‬على‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬لكنه‭ ‬امتد‭ ‬لثلاث‭ ‬مرات‭ ‬أسبوعيا‭ ‬وأكثر،‭ ‬وحضره‭ ‬الجميع‭ ‬وبلا‭ ‬استثناء‭ ‬ليس‭ ‬للسلام‭ ‬على‭ ‬سموه‭ ‬فحسب‭ ‬إنما‭ ‬لتبادل‭ ‬الأحاديث‭ ‬الودية،‭ ‬التي‭ ‬تنبع‭ ‬من‭ ‬الصلب‭ ‬والى‭ ‬القلب،‭ ‬لا‭ ‬مسافات‭ ‬لديه‭ ‬مع‭ ‬أحد،‭ ‬الجميع‭ ‬كانوا‭ ‬قريبين‭ ‬منه،‭ ‬وكان‭ ‬قريبا‭ ‬من‭ ‬الجميع،‭ ‬يسأل‭ ‬عن‭ ‬أدق‭ ‬دقائق‭ ‬حياتهم،‭ ‬ولا‭ ‬يتردد‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬أي‭ ‬محتاج،‭ ‬ولم‭ ‬يتغافل‭ ‬عن‭ ‬حق،‭ ‬ولم‭ ‬يتأخر‭ ‬عن‭ ‬مكرمة‭.‬

ومضى‭ ‬يقول‭: ‬الذكريات‭ ‬مع‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان،‭ ‬يشاركني‭ ‬فيها‭ ‬والدي‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬عليهما،‭ ‬فالوالد‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ ‬كان‭ ‬يشرف‭ ‬على‭ ‬“بشوت”‭ ‬سمو‭ ‬أمير‭ ‬البلاد‭ ‬الراحل،‭ ‬وكان‭ ‬سموه‭ ‬يكلف‭ ‬والدي‭ ‬كي‭ ‬يجهز‭ ‬له‭ ‬“البشوت”‭ ‬التي‭ ‬يصطحبها‭ ‬معه‭ ‬عند‭ ‬السفر،‭ ‬وأذكر‭ ‬أن‭ ‬سموه‭ ‬قام‭ ‬بتكليف‭ ‬والدي‭ ‬بمهمة‭ ‬تصميم‭ ‬وحياكة‭ ‬“بشت”‭ ‬خاص‭ ‬بمناسبة‭ ‬سفره‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا،‭ ‬وأشرف‭ ‬الوالد‭ ‬بنفسه‭ ‬على‭ ‬تفصيل‭ ‬وحياكة‭ ‬البشت‭ ‬وقام‭ ‬بخياطة‭ ‬جزء‭ ‬بيده،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬إطلاق‭ ‬اسم‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬“البشت”‭ ‬تحت‭ ‬كلمة‭ ‬“معلمة”‭.‬

وتابع‭: ‬والدي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أشد‭ ‬المعجبين‭ ‬بسموه‭ ‬ومواظبا‭ ‬على‭ ‬حضور‭ ‬مجالسه‭ ‬حتى‭ ‬امتد‭ ‬هذا‭ ‬الحضور‭ ‬لي‭ ‬شخصيا‭ ‬ولإخوتي‭ ‬جميعا،‭ ‬حيث‭ ‬كنت‭ ‬ومن‭ ‬حسن‭ ‬الطالع‭ ‬قريبا‭ ‬من‭ ‬الراحل‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬سموه‭ ‬كان‭ ‬يستشيرني‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأمور‭ ‬وشركني‭ ‬في‭ ‬المواقف،‭ ‬وكانت‭ ‬تغمرني‭ ‬السعادة‭ ‬والفخر‭ ‬بان‭ ‬أمير‭ ‬البلاد‭ ‬يقربني‭ ‬منه‭ ‬وإنا‭ ‬ببداية‭ ‬طريقي‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الأكاديمية‭ ‬والعلوم‭ ‬والثقافة‭ ‬العامة‭.‬

وأردف‭ ‬الحواج‭: ‬ولا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬احد‭ ‬بان‭ ‬علاقة‭ ‬أمير‭ ‬البلاد‭ ‬الراحل‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬بشقيقه‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬عليهما‭ ‬وثيقة‭ ‬وحميمية،‭ ‬فتحابا‭ ‬علي‭ ‬خير‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬ووضعا‭ ‬يديهما‭ ‬في‭ ‬أيدي‭ ‬بعضهما‭ ‬بعضا‭ ‬وخاضا‭ ‬غمار‭ ‬التحدي‭ ‬وبأقل‭ ‬الإمكانات‭ ‬وفي‭ ‬أصعب‭ ‬المفترقات‭ ‬ليقيما‭ ‬البنيان‭ ‬المرصوص‭ ‬لدولة‭ ‬البحرين‭ ‬الحديثة‭..‬

واختتم‭ ‬الحواج‭ ‬قائلا‭: ‬ولقد‭ ‬امتد‭ ‬هذا‭ ‬الإرث‭ ‬التاريخي‭ ‬الإنساني‭ ‬التليد‭ ‬لينهل‭ ‬منه‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬منذ‭ ‬تسلمه‭ ‬مقاليد‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬ليؤكد‭ ‬من‭ ‬مشروعه‭ ‬الإصلاحي‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬دشنه‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2001‭ ‬قيم‭ ‬القداسة‭ ‬والتراحم‭ ‬والتعايش‭ ‬والتسامح‭ ‬والنزول‭ ‬عند‭ ‬رغبة‭ ‬المواطن‭ ‬والانحياز‭ ‬لمصالحه‭.‬

 

لا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬علاقة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬بشقيقه‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬وثيقة‭ ‬وحميمية،‭ ‬فتحابا‭ ‬على‭ ‬خير‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬ووضعا‭ ‬يديهما‭ ‬في‭ ‬يدي‭ ‬بعضهما‭ ‬البعض‭ ‬وخاضا‭ ‬غمار‭ ‬التحدي‭ ‬في‭ ‬أصعب‭ ‬المفترقات‭ ‬ليقيما‭ ‬البنيان‭ ‬المرصوص‭ ‬للبحرين‭ ‬الحديثة

 

فارس‭ ‬البحرين

المدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬لمركز‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬التخصصي‭ ‬للقلب،‭ ‬ريسان‭ ‬البدران،‭ ‬يطرز‭ ‬ذكرياته‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل،‭ ‬بخيوط‭ ‬من‭ ‬ذهب‭ ‬إذ‭ ‬قال‭: ‬كان‭ ‬الراحل،‭ ‬أميرا‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تحمل‭ ‬الكلمة‭ ‬من‭ ‬معان،‭ ‬كان‭ ‬عربيا‭ ‬وأصيلا‭ ‬وكريما‭ ‬في‭ ‬تعامله‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬كانوا‭ ‬حوله،‭ ‬محبا‭ ‬للجميع‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬شعبه‭ ‬وللمقيمين‭.‬

‭ ‬واستدرك‭: ‬لم‭ ‬أرَ‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬شخصية‭ ‬تحمل‭ ‬“الإنسانية”‭ ‬مثله‭ ‬أبدا،‭ ‬تمتلك‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الحب‭ ‬والرحمة‭ ‬والتواضع،‭ ‬يهرع‭ ‬لمساعدة‭ ‬من‭ ‬يعرف‭ ‬ومن‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭.‬

واستذكر‭: ‬كان‭ ‬لي‭ ‬شرف‭ ‬مقابلة‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬العام‭ ‬1980‭ ‬وحتى‭ ‬رحيله‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1999،‭ ‬وللعلم‭ ‬فإن‭ ‬مركز‭ ‬القلب‭ ‬هو‭ ‬مشروعه‭ ‬وفكرته،‭ ‬كان‭ ‬محبا‭ ‬للطب‭ ‬والأطباء،‭ ‬ويتابع‭ ‬التطور‭ ‬الطبي‭ ‬خلال‭ ‬زياراته‭ ‬الرسمية‭ ‬بالخارج،‭ ‬ولذلك‭ ‬أراد‭ ‬للبحرين‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬مصاف‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬التقدم‭ ‬الطبي،‭ ‬وان‭ ‬تضم‭ ‬أول‭ ‬مركز‭ ‬لأمراض‭ ‬وجراحات‭ ‬القلب،‭ ‬ولكنه‭ ‬اشترط‭ ‬علينا‭ ‬شرطين‭ ‬عند‭ ‬انطلاق‭ ‬العمل‭ ‬بالمشروع،‭ ‬أولهما،‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مشروعا‭ ‬وصرحا‭ ‬طبيا‭ ‬ورياديا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬تفتخر‭ ‬به‭ ‬البحرين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تحقق‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬وثانيهما‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬المركز‭ ‬خدماته‭ ‬مجانا‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يحتاجها‭ ‬من‭ ‬الفقراء‭ ‬والمحتاجين،‭ ‬مردفا‭ ‬“ونحن‭ ‬سائرون‭ ‬ولحد‭ ‬اليوم‭ ‬بما‭ ‬أوصى‭ ‬به‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬وسنستمر”‭.‬

وذكر‭: ‬وعن‭ ‬الذكريات‭ ‬فلا‭ ‬تكفينا‭ ‬مجلدات‭ ‬لذكر‭ ‬مناقب‭ ‬الراحل،‭ ‬كان‭ ‬يقف‭ ‬بالساعات‭ ‬الطويلة،‭ ‬ليسلم‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يحضر‭ ‬لمجلسه،‭ ‬وكانوا‭ ‬يتجاوزون‭ ‬3500‭ ‬مواطن‭ ‬ومقيم،‭ ‬كان‭ ‬يحب‭ ‬الناس،‭ ‬يستقبلهم‭ ‬ببشاشة‭ ‬وجه‭ ‬يعرفها‭ ‬الجميع،‭ ‬كان‭ ‬يستقبل‭ ‬الأطفال‭ ‬ويداعبهم،‭ ‬متواضعا‭ ‬حليما‭ ‬كريما‭ ‬محبا‭ ‬للجميع،‭ ‬ينادي‭ ‬مواطنيه‭ ‬“أبنائي”،‭ ‬ويحاورهم‭ ‬عن‭ ‬حاجاتهم،‭ ‬أحبه‭ ‬شعبه‭ ‬وبادلهم‭ ‬الحب،‭ ‬كان‭ ‬فارس‭ ‬البحرين‭ ‬وسيبقى‭ ‬كذلك‭.‬

نصير‭ ‬العمال

إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬قال‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لجمعية‭ ‬البحرين‭ ‬لمراقبة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬فيصل‭ ‬فولاذ‭: ‬لقد‭ ‬ارتبط‭ ‬اسم‭ ‬الراحل‭ ‬بحقبة‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الحركة‭ ‬العمالية‭ ‬البحرينية‭ ‬التي‭ ‬عاصرتها‭  ‬وأن‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬العامة‭ ‬لعمال‭ ‬البحرين‭ ‬“1996-1998”‭ ‬وعضو‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬الراحل‭ ‬نصيرا‭ ‬للعامل‭ ‬البحريني‭ ‬وسُنت‭ ‬خلال‭ ‬عهده‭ ‬الميمون‭ ‬التشريعات‭ ‬العمالية‭ ‬التي‭ ‬حافظت‭ ‬علي‭ ‬حقوق‭ ‬العمال‭.‬

وأضاف‭: ‬اتسم‭ ‬عهده‭ ‬بذكرى‭ ‬الكرامة‭ ‬والعزة‭ ‬والمحبة‭ ‬والمودة،‭ ‬وهي‭ ‬ذكرى‭ ‬الدولة‭ ‬البحرينية‭ ‬التي‭ ‬بناها‭ ‬بمعية‭ ‬أخيه‭ ‬وعضده‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬وكان‭ ‬الراحل‭ ‬يتسم‭ ‬بحبه‭ ‬لشعبه‭ ‬والسؤال‭ ‬عنهم‭ ‬وبالتواضع‭ ‬والبساطة‭ ‬وسمو‭ ‬الأخلاق‭ ‬والكرم،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعله‭ ‬يعتبر‭ ‬أميرًا‭ ‬للاستقلال‭ ‬والقلوب‭. ‬

وتابع‭: ‬قاد‭ ‬الراحل‭ ‬البحرين‭ ‬سنوات‭ ‬عدة‭ ‬وخلالها‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬أحداث‭ ‬تغييرات‭ ‬مهمة‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬العمران‭ ‬والتنمية‭ ‬الصناعية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والحقوق،‭ ‬حيث‭ ‬تأسست‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة‭ ‬وتعززت‭ ‬التنمية‭ ‬والتحديث‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬أراد‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬نموذجا‭ ‬للتعايش‭ ‬والسماحة‭ ‬والمحبة‭ ‬بين‭ ‬الأطياف‭ ‬والمذاهب‭ ‬كافة،‭ ‬فكانت‭ ‬أخلاقه‭ ‬ومواقفه‭ ‬وإنسانيته‭ ‬الدليل‭ ‬لشعبه‭.‬

ملاذ‭ ‬الجميع

ويروي‭ ‬رجل‭ ‬الأعمال‭ ‬خالد‭ ‬القعود،‭ ‬ذكريات‭ ‬والده‭ ‬وجده‭ ‬مع‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل،‭ ‬فيقول‭: ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صور‭ ‬تحتفظ‭ ‬بها‭ ‬العائلة،‭ ‬كان‭ ‬والدا‭ ‬للجميع،‭ ‬أحب‭ ‬شعبه،‭ ‬وجمعهم‭ ‬تحت‭ ‬ظله،‭ ‬وكان‭ ‬يلتقي‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬مجلسه‭ ‬في‭ ‬الرفاع‭ ‬الغربي،‭ ‬حتى‭ ‬يحسوا‭ ‬أنهم‭ ‬في‭ ‬بيتهم‭ ‬الصغير،‭ ‬آلاف‭ ‬الصور‭ ‬جمعت‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬بكبار‭ ‬الرؤساء‭ ‬والمسؤولين،‭ ‬جمعته‭ ‬أيضا‭ ‬بشعبه‭ ‬وهو‭ ‬يشاركهم‭ ‬كل‭ ‬المناسبات،‭ ‬كان‭ ‬كريما‭ ‬في‭ ‬عطائه‭ ‬وفي‭ ‬سيرته‭ ‬العطرة‭ ‬التي‭ ‬مازالت‭ ‬حاضرة‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬شعبه‭ ‬حتى‭ ‬اليوم،‭ ‬كان‭ ‬يحب‭ ‬الأطفال،‭ ‬ويسأل‭ ‬عن‭ ‬من‭ ‬يتأخر‭ ‬عن‭ ‬حضور‭ ‬مجلسه‭ ‬ويطمئن‭ ‬على‭ ‬الجميع،‭ ‬كان‭ ‬أميرا‭ ‬وإنسانا‭ ‬وملاذا‭ ‬للجميع‭.‬