العدد 4532
الجمعة 12 مارس 2021
banner
جمعيات لا وسطاء
الجمعة 12 مارس 2021

إنّ السؤال الذي كان الشغل الشاغل على مدار السنوات الفائتة للمهتمين بالعمل الخيري وكل أفراد المجتمع هو كيف يمكن الارتقاء بالعمل الخيري، بمعنى أن يتجاوز دوره التقليدي الذي هو عليه الآن والذي يمكن اختصاره في تلقي ما يجود به أهل العطاء ومنحه لذوي الحاجة من الأسر المتعففة، أي أنّ دورهم لا يتعدى الوسيط ليس إلاّ.

إنّ واقع الجمعيات الخيرية يؤكد أنّها تدار بـ “البركة” بينما المطلوب إحداث تغيير جوهري يجعلها تواكب العصر. المثل العربيّ يقول لا تعطني سمكة لكن علمني كيف أصيد السمك، المعنى هو أنه وبدلا من تلقي أبناء الأسر المحتاجة المساعدات ولأمد لا يعلمه إلا الله، فإنه يجب تدريبهم وتعليمهم وجعلهم قادرين على إعالة أسرهم، ولابد من الإشارة هنا إلى أنّه قبل سنوات انتهجت إحدى الجمعيات تعليم أبناء الأسر المتعففة بتمويل من أهل العطاء حتى المستوى الجامعيّ وأسهمت هذه الخطوة في إحداث تنمية حقيقية وتحول جوهري في مفهوم العمل الخيري، لكن المؤسف أنّ المبادرة توقفت ولم يعد أحد اليوم يكمل هذه التوجه الإنساني.

الذي يبعث على الأمل أنّ أغلبية مجالس الجمعيات الخيرية كوادر شبابية تتمتع بالمؤهلات والخبرة الإدارية القادرة على تسيير العمل والنهوض به، وبالتالي فإن المطلوب مبادرات تستجيب للواقع، غير أنّ السمة الطاغية على المؤسسات الخيرية المفهوم التقليدي الذي كان سائدا منذ سنوات بعيدة ولا يراد له التغيير والمؤطر في منح المساعدات المادية.

مثل هذا النمط لا يمكن أن يسهم بتنمية الأسرة ولا يحقق أي طموح، بالطبع نستثني بعض الجمعيات الخيرية التي خرجت عن النمط التقليدي وأحدثت تنوعا محمودا ومطلوبا في أنشطتها انطلاقا من مفهوم تنمية المجتمع، وتعد جمعية سار الخيرية نموذجا في تبني عدد من الأنشطة الثقافية والاجتماعية نذكر بينها إطلاق مسابقة تحت مسمى “مشروعي”، هذه المبادرة تمثل فكرة ريادية تسهم في التنمية الاقتصادية الفردية والمجتمعية، وفي نفس الوقت تحفز الشباب على الإبداع كما تسهم في حل معضلة البطالة، نتمنى لو أنّ الجمعيات الخيرية أطلقت مثل هذه المبادرات للخروج من وضعها الراهن.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية