العدد 4533
السبت 13 مارس 2021
banner
البحرين الأولى عربيًا
السبت 13 مارس 2021

أتذكر جيدًا أنني عندما كنت صغيرًا في المرحلة الابتدائية قرأت خبرًا صحافيًا كان مصدر متابعة وترقب للكثير من القراء للتعرف على تفاصيله من باب التشويق الصحافي.. مناسبة مقدمة المقال ما قرأناه في صفحات صحفنا المحلية الأسبوع المنصرم عن أن البحرين احتلت المرتبة الأولى عربيًا في إهدار الطعام حسب التقرير الأممي الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة! وبصراحة شدني كثيرًا الخبر وفي الوهلة الأولى اعتقدت أن البحرين حققت إنجازا، كما أنني أعلم تمامًا أن الصحف أرادت إبراز هذا الخبر من باب حرصها على البلد، حيث إن الأمر يعتبر نقطة سلبية.

مملكتنا الغالية رغم صغر مساحتها الجغرافية إلا أنها كبيرة بشعبها المبدع والمبتكر وصاحب الأخلاق الرفيعة، فهي ومن باب غيرتها وحبها لن ترضى بهذا التقرير بحقها، خصوصا أنه صادر من الأمم المتحدة، فإذا أردنا معالجة هذا الوضع علينا العمل وبشكل رسمي وشعبي ووضع خطة متكاملة لتغيير هذا الوضع وأن نضع البحرين في المركز الأخير بين الدول العربية أي الأقل هدرًا للطعام. لا شك أن هذه الخطة تتطلب وضع خارطة طريق لتحقيق الهدف المنشود وهو ليس مستحيلًا أو صعب المنال متى ما وجدت الإرادة والعزيمة والأهم الغيرة على اسم وسمعة هذا الوطن الغالي.

بصراحة ما نراه بشكل يومي في منازلنا وعندما نقصد المقاهي والمطاعم ونشاهد كيف أن الكثير من الناس لا يحترمون النعمة ويفتقدون أبسط قواعد الاستهلاك والسلوك العقلاني فيما يتعلق بالتقنين في طلب الطعام ولا يكترثون في طلب قائمة طويلة من الأكلات التي تفوق عدد الاشخاص الحاضرين بأضعاف مضاعفة! وفي نفس الوقت نجدهم يشتكون في نهاية الجلسة بأن الفاتورة باهظة!

قال صلى الله عليه وسلم: طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة وطعام الأربعة يكفي الثمانية. لكن ما نشاهده العكس تمامًا!

أتمنى من كل قلبي أن نتذكر دائمًا أن الله سبحانه وتعالى وهبنا هذه النعمة لنحافظ عليها، وكما يقولون إن النعمة زوالة، ونتذكر الناس في عدد من الدول في العالم الذين يموتون من المجاعة لنتعلم ونتعظ من هذه الأمثلة التي تقطع قلوبنا وأبداننا، قال عز وجل "وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لرَبِّهِ كَفُوراً". وفي المقابل لابد أن ننوه بما تقوم به جمعيات حفظ النعم على جهودها الحثيثة والمضنية التي تبذلها في التنسيق مع الجهات المعنية، ووفقًا لجمعية حفظ النعمة البحرينية فقد بلغ مجموع هدر الطعام يوميًا في البحرين أكثر من ٤٠٠ ألف كيلوجرام! في حين ترمى أكثر من ٦٠٠ ألف كيلوجرام من الطعام في النفايات خلال شهر رمضان فقط! وإذ أقدر عاليًا جهود هذه الجمعية في عملها الإنساني وتعزيز الشراكة المجتمعية مع الأفراد والمؤسسات لحفظ فائض الأطعمة وتوزيعها على المحتاجين، أدعو إلى العمل بكل ما أوتينا من قوة على توعية المواطنين والمقيمين حول مساوئ الإسراف وهدر الفائض من الطعام الذي يؤثر سلبًا على البيئة، فحسن التصرف وعدم التبذير من الصفات والعادات الحسنة التي يدعونا لها ديننا الحنيف، كما أن هذه الصفات الجميلة تجعلنا نعيش حياة كريمة بسبب توفير مبالغ كبيرة لا تخطر على بالنا، وهذا لا يعتبر بخلا إنما ثقافة استهلاكية بحتة وصحيحة تنم عن ثقافة ومستوى ورقي الشعوب، فقليل من حسن التصرف والتحكم في مصروفاتنا غير الضرورية في مأكلنا ومشربنا وملبسنا، حيث نستطيع عمل الكثير لأفراد العائلة والمجتمع على حد سواء. وأدعو من أعماق قلبي ونحن على أبواب شهر رمضان المبارك إلى تقنين وترشيد استهلاك الطعام قدر الإمكان، وذلك لنكسب أجرا مضاعفًا من الخالق العظيم ونسطر أروع الأمثال في تطبيق ديننا الحنيف، وقد كان من دعائه عليه الصلاة والسلام "اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك". والله من وراء القصد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .