هل تحسم “السوشيال ميديا” اختيار نواب 2022؟
تشهد ساحات التسخين للانتخابات البرلمانية والبلدية المقبلة 2022 تحركًا واضحًا ومبكرًا من المرشحين المحتملين، بالرغم من الظروف القاهرة للجائحة والتي أجلست الناس في بيوتهم، وضيقت نطاق التواصل الاجتماعي إلى أدنى مستوياتها، بشكل لم تعرف له البشرية مثيلًا.
وتتركز هذه التحركات بالدرجة الأولى في ساحات “السوشيال ميديا” والتي أصبحت الخيار الأساس والوحيد تقريبا للوصول إلى الناس، بمشاركة سياسية واجتماعية فعالة أو متصنعة، سمتها الرئيسة خلق صورة ذهنية لدى الناخبين عن كفاءة هذا الشخص وذاك، وحضوره، ومهارته، أملًا باختياره حين يترشح، ولكن هل يكفي ذلك فعلا؟
يعول بعض النشطاء الاجتماعيين أو السياسيين كما يكنون أنفسهم - وهذا من حقهم - على منصات الإعلام الحديثة لأن يكونوا خيارًا أمثل للناخبين في الانتخابات المقبلة، ولكن هل ستكفيهم هذه الجهود الحثيثة، أم سيكون الأمر بنطاق أوسع من تصورهم؟
ويؤكد مواطنون أهمية الإرث الخدمي للمرشح، ووصله للناس، وسمعته الحسنة، وأيضًا الكاريزما، والمؤهلات، والأهم.. وقوفه على مسافة واحدة مع جميع المواطنين، فالتجربة السابقة أنهكتهم بالتأكيد، وعلمتهم الحذر قبل الاختيار، فكم مرشح محتمل يتصف بهذه الصفات المطلوبة؟
إلى ذلك، ساعد الأداء “المتذبذب” لمجلس النواب الحالي، على فتح الأبواب على مصراعيها للمرشحين المحُتملين في دخول ساحات “السوشيال ميديا” بقوة، كناشطين وناطقين بصوتهم، وهو أمر سهل وبسيط، لا يتطلب أكثر من إدارة كاميرة الهاتف، ثم الفضفضة، والحديث عن هموم الناس، وقضايا الساعة، والنقد اللاذع أحيانًا.
فهل سيكفي ذلك أو سيؤثر في اختيار الناخبين لمرشحيهم؟ أم أنها مضيعة للوقت ليس إلا؟
ولقد أدت الأحداث المتلاحقة والخصبة التي تشهدها الساحة المحلية سياسيا واقتصاديا ومعيشيا لإثراء ساحات “السوشيال ميديا” بالطرح الهادف والبناء والجريء، وتأثير “الكليبات الفيديو” أو التسجيلات الصوتية على قرارات كثير من المسؤولين وتصحيح مساراتهم، بما يخدم الموطن والمواطن، وفي أكثر من جانب.
منها مثلًا، خروج الكثير من “قروبات” تطبيق الواتساب والتي أصبحت أقرب للبرلمانات المصغرة، بمشاركة شعبية كبيرة، من مختلف التوجهات الفكرية والسياسة والأكاديمية، تبحث عن المعلومة والخبر، وتتبادل أطراف الحديث والنقاش، لتصل - أحيانًا - بنتائج وتوصيات يتلقفها النواب والصحافيون وغيرهم.
ولكن في المقابل أيضًا، ساهم هذا الانفتاح لمساعدة “الرويبضة” بالطفو إلى السطح، وهم من وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بـ “الرجل التافه يتكلم في أمر العامة”، إذ حولوا المنصات الإعلامية لساحة للمناوشات واستهداف الشخوص والضرب بهم، ومحاولة الحط من كرامتهم، وفي أحيان أخرى المزايدة على عمل بعض الوزارات والجهات الحكومية الخدمية، للصعود على ظهرها ليس إلا.
كلها أمور تحمّل الناخب الكثير من المسؤوليات الجسام، في الوعي، والانتباه، والاختيار الصائب، وأن يكون بكل الأحوال بيدقًا لخدمة الوطن ولو في أضيق نطاق.