+A
A-

سيكولوجية الشخوص في مسلسل المسباح ”رحلة عابرة“

بداية مسلسل المسباح في موسمه الثاني تعتبر بداية تجاوزت كلمة النجاح لتصل إلى الإبداع، وصلت المشاهدات خلال اليوم الأول أكثر من مليون مشاهدة و ترند في أكثر من دولة، هذا ليس بغريب على نجوم مملكة البحرين المتألقين في سماء الإبداع بأفكارهم المختلفة وإطلالتهم الجميلة وجهودهم التي تعكس شغفهم الفني، ولكن هذه الحلقة بالتحديد لا أعتقد أنها مرت على المشاهد بصورة عادية لأن سيناريو الحلقة كان يعكس رسائل نفسية عميقة تخلق حالة من التأمل الواعي في أحداث تلك الرحلة العابرة.

ان تجسيد الشخوص للصراعات النفسية التي يعاني منها الأفراد في حياتهم الطبيعية يجعلنا نقف على منصة التحليل النفسي من أجل إيجاد وسائل جديدة لكشف مكونات النفس البشرية والولوج في التشوهات التي تصيبها وللدراما دور كبير في ذلك بلاشك، لقد اختزلت فكرة المسلسل في إنتظار الموت حيث لامزيد من الأمل والنجاة مما أدى لتعري النفس والإفصاح عن مكنوناتها، إختيار مبهر لسمات الشخصيات التي تلامس الواقع، و قد أبدع الممثلون في تجسيد الشخصيات التي تعبر عن الصراع النفسي الذي يعيشه الإنسان في حياته العادية ربما، ظهرت شخصيات متعددة تعيش حالة من التناقض وتترجم محدودية الفكر أثناء الأحداث الضاغطة وتعكس الرغبات المكنونة في الوقت ذاته، على سبيل المثال ظهرت خلال هذا المسلسل شخصية الرجل الذي كان يعكس صراع الشخصية الضعيفة والمنقادة من قبل زوجته وكان يتمنى أن يواجه صراعه النفسي ويعيش حالة السواء قبل أن تنهي حياته، و ظهرت الشخصية التي كانت تسعى لكسر حاجزها النفسي من الخوف والخجل في التواصل مع الجنس الآخر، وشاهدنا شخصية تعكس عقدة النقص في موضوع التحصيل الدراسي وشخصية تعاني صراع الأنا من خلال الإرتباط بوسائل التواصل الإجتماعي، كما ظهرت الشخصية التي لديها خبرات مؤلمة مترسبة في اللاشعور مما أدى لعجزها عن تقديم المساعدة.

أن هذا العمل الإبداعي الذي قدم من قبل نخبة من ممثلين مملكة البحرين هو بمثابة ملحمة نفسية ففي كل شخصية هناك رسالة تتضمن واقع النفس البشرية وصراعاتها الأزلية وقد أختتمت الحلقة بعبارات تلخص الأفكار الثمينة لهذا العمل ”نختلف، نتصارع، نهللك، وننسى إننا في رحلة عابرة“ كما أن بين السطور هناك مقاصد ثمينة أخرى يتركها هذا العمل الذي أستحق أن يتصدر المشاهدات، فمن خلال هذا المسلسل هناك دعوة صريحة للحد من الصراعات النفسية ومحاولة التخلص منها من خلال التصالح مع الذات والتحرر من الأفكار اللاعقلانية المستوطنة في اللاشعور.

تحية كبيرة لنجوم هذا العمل على ملامسة أفكار ومشاعر المشاهدين، و ننتظر منهم المزيد من الإبداع الذي يعيدنا إلى أنفسنا.

كتبت: ندى نسيم

”كاتبة وباحثة في المجال النفسي“