العدد 4548
الأحد 28 مارس 2021
banner
صناعة المحتوى
الأحد 28 مارس 2021

لغط كبير سببه مصطلح صناعة المحتوى، خصوصا أنه انتشر كالنار في الهشيم دون وعي تام من قبل مستخدميه، فوجدنا الأغلبية تسأل بتهكم عن ماذا يقدم “فلان” من محتوى في صفحته في وسائل التواصل الاجتماعي، دون الالتفات إلى أن فلان قد يكون يهدف إلى تقديم “اللاشيء”، فـ “اللاشيء” بحد ذاته محتوى مختلف ومغاير، وأستذكر هنا وفي صناعة السينما أن الكثير من الأفلام كانت تترك نهاياتها مفتوحة، وذلك أن اللاشيء في النهاية يعطي نوعا من إعمال الفكر والمخيلة لدى المتلقي والجمهور كل حسب توجهه، فمن يميل للشر يرى الأحداث ونهايتها بشكل مغاير لمن يميل للخير، وعليه فإنه ليس من الضروري أن تكون  صناعة المحتوى هدفا محددا أو موضوعا بعينه أو شكلا معينا يقدم للجمهور، ومع ذلك فإن من يلجأون لما تقدم من مواصفات يقدمون أيضا ما هو ناجح ويمكن متابعته.

الحقيقة أن الموضوع بين هبوط وصعود، فأستاذ جامعي غارق بين الكتب والأبحاث قد يود أن ينشر جانبا خفيا في شخصيته لم يلمسه المحيطون به، كحبه السفر مثلا وزيارته عددا من الأماكن حول العالم، فليس قسرا عليه أن يقدم العلوم أو الأبحاث فقط أو غيرها عبر صفحته في العالم الافتراضي، أيضا المحامية المعروفة من الممكن أن تتشارك مع متابعيها وصفات الطعام وكيفية تزيين المائدة وغيرها، وقد نجد طبيبا يقدم الكثير من الفن عبر رسومات ينشرها في صفحته.

ببساطة شديدة، النفس البشرية عبارة عن مجموعة من المتغيرات والظروف التي صقلت ما وصل إليه كل إنسان عبر تجربته الخاصة، لذلك قد يكون المحتوى أوسع مما تتصوره، وقد يكون أفضل مما تتخيله لدى البعض، كل حسب ذائقته وخياراته وما تميل له نفسه، فلا محتوى ثابت دوما وإن كان البعض يعمل بكل جهد على الثبات على منهجية واحدة وشكل ومضمون واحد، فدعواتنا له بالتوفيق، لكن المحتوى أوسع بكثير من سؤال من الممكن أن يطرأ على البال.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية