العدد 4549
الإثنين 29 مارس 2021
banner
نبض العالم علي العيناتي
علي العيناتي
مرتكزات إيران عبر محاوريها
الإثنين 29 مارس 2021

بلا شك، إن المحاورين الإيرانيين يتحدثون بلغة يغلب عليها طابع الفكر السياسي الناعم ذي التوجه البرغماتي، لكنه مغلف بآيديولوجية العصبية العرقية المذهبية وأوهام التاريخ المفقود في عالم المتغيرات المتلاحقة، وكثيرا ما تستضيف القنوات الفضائية مثل “الفرنسية” و”الروسية” وقناة “بي بي سي عربي” سياسيين ومن مراكز دراسات إيرانية من أمثال مير موسوي والبحراني وغيرهما، حيث يمتازون بالالتفاف على أسئلة المحاورين بهدف تسويق إيران بأنها الحمل الوديع في الشرق الأوسط التي تسعى إلى استقرار المنطقة والتعاون المشترك فيما بين جيرانها.

ويتفق المتحدثون الإيرانيون دائما في تحليلاتهم المتكررة على أربعة محاور! على رأسها عدم سعي إيران إلى امتلاك سلاح نووي بدعوى فتوى من المرشد بتحريمه وأن مشروعها النووي سلمي!! ثاني هذه المحاور أن إيران تمد يدها لدول الخليج من أجل أمن المنطقة والتعاون الأخوي فيما بينها وأن المملكة العربية السعودية هي التي ترفض الحوار وحل القضايا العالقة من أجل أمن الممرات والملاحة وإبعاد القوات الأجنبية عن التدخل في أمن المنطقة!! ثالث هذه المحاور أن إيران دولة كبيرة في المنطقة ومستهدفة، فوجودها في لبنان شرعي لردع إسرائيل وفي العراق وسوريا تواجد رسمي بناء على طلب حكوماتها! أما اليمن فكان على إيران لزاما إنسانيا دعمه في صراعه!! أما المحور الرابع فهو أن تطوير المنظومة الصاروخية البالستية للدفاع عن أمنها وسيادتها!

بهذه التصورات الواهية يطرح المحاورون الإيرانيون مواقفهم عبر مختلف المقابلات التلفزيونية دون الإبحار في التفاصيل المتشعبة، وجميعهم واثقون أن الولايات المتحدة الأميركية ستخضع لمطالبهم وفق معطياتهم التي انتهوا في خلاصتها بأن إيران قادرة على الصمود وتحمل العواقب بما فيها الضربة العسكرية وأن حصارها الاقتصادي الخانق منذ عقود لم يوقف تطوير قدراتها الدفاعية، وأن العقوبات فشلت!

الواقع يثبت أن موقع إيران بالنسبة لأميركا مهم، فهي تطل على روسيا وأن الاستراتيجية الأميركية القادمة ستكون في اتجاه الصين ووقف نموها الاقتصادي وستحاول احتواء إيران من أجل مصالحها وكل المؤشرات توحي أن الجليد سيذوب تدريجيا وإيران ستزيد من تعنتها ورفع سقف التوتر لأنها تدرك أهميتها في المرحلة القادمة، وأن الكساد الاقتصادي الذي تعانيه أميركا بسبب جائحة كوفيد ١٩ غير استراتيجية الديمقراطيين وأصبحوا يؤمنون بأن إيران قد تكون حصان طروادة للسباق الاقتصادي مع الصين.

ومما سبق ذكره، على دول الخليج ومنطقتنا العربية عدم الاعتماد على الولايات المتحدة، فالابتزاز حول عودة الملف النووي ما هو إلا تسويق لمرحلة جديدة تندرج في إطار الصراع الاقتصادي، وهو ما سنشهده في الفترة القادمة، لذلك علينا أن ننتقل من ضفة أميركا إلى الضفة الأخرى نحو عالم متعدد الأقطاب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .