العدد 4552
الخميس 01 أبريل 2021
banner
الترويج لحسابات “الميوعة”... حالة غريبة تطوق مجتمعنا بالظلال
الخميس 01 أبريل 2021

تلقيت عدة اتصالات من بعض الإخوة الأدباء عن زاوية الأمس “لماذا يتجه الناس إلى حسابات الهشك بشك”، وجميعهم أكدوا لي بالأحجام الدقيقة أن الظاهرة التي أشرنا إليها خطيرة جدا وبمختلف الصيغ، وتكرس كل ما هو ضار بالمجتمع، فعندما يتحول هذا المنبر الحيوي المؤثر في حياة الناس “وسائل التواصل الاجتماعي” إلى حقول دخان ورقص وثرثرة وفيضانات من الإسفاف، وتجد نسبة كبيرة من الناس تقبل على نفسها الطواف حول هذا القبر لتأخذ منه الاستشارات وكأنها قطعة من الألماس الأزرق، فقل على مجتمعنا السلام.

صديق روائي أخبرني أنه لا خوف إطلاقا على الكلمة المكتوبة من الكلمة المسموعة أو المرئية، فالكتاب سيظل قائما رغم السينما والتلفزيون والإذاعة، والرواية رغم طولها ستظل قائمة ما بقيت أشكال الكلمة الأخرى من شعر وقصة ومقال، لكن هناك قلق في مجتمعنا يأخذ شكلا حادا وهو الترويج لحسابات التخلف والميوعة في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مخيف، والعزوف عن متابعة حسابات الأدباء والمثقفين، فقد لاحظت – الكلام للصديق - أن من يتابع حساباتنا ويعلق على ما ننشره من مقالات وغيرها، هم أصدقاؤنا فقط الذين نلتقي بهم في الأمسيات والندوات، وتكاد تخلو قائمة المتابعين من اسم يهتم بالخلق الأدبي والجوانب المتعددة للفكر، ليس معي فقط، إنما مع عدد كبير من الأدباء في مجتمعنا، وهذا ما يجعل الدهشة تأكل وجوهنا وتجعلنا نبحث في طيات الزمن الخاسر عن ميناء واحد فقط. أتساءل والقهر يتدفق في شرياني كلدغ الجمر.. كيف لمجتمع معروف بثروته الثقافية منذ فجر التاريخ أن يتحول فيه عدد كبير من الناس إلى التفكير بهذه الحدود الضيقة وتشجيع الترويج لحسابات التخلف والميوعة؟

وأرد على الصديق.. حالة غريبة تطوق مجتمعنا بالظلال، فعندما تردم حسابات الأدباء والمفكرين وحتى بعض كبار الفنانين بتراب التجاهل إن جاز لنا التعبير، وتملأ صدور الناس بموسيقى حسابات “الهشك بشك” فقد وصلنا فعليا إلى أهوال التصدع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .