+A
A-

انتخابات جمعية النويدرات تفنّد جدلية العزوف عن العمل الخيري

استفاضت‭ ‬الآيات‭ ‬القرآنية‭ ‬التي‭ ‬تحثّ‭ ‬على‭ ‬السعي‭ ‬لعمل‭ ‬الخير،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭ ‬“فاستبقوا‭ ‬الخيرات”‭ (‬البقرة‭ ‬148‭)‬،‭ ‬وورد‭ ‬في‭ ‬الأحاديث‭ ‬الشريفة‭ ‬صورًا‭ ‬تبيّن‭ ‬منزلة‭ ‬المشتغلين‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الناس،‭ ‬فعن‭ ‬أمير‭ ‬المؤمنين‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬إنه‭ ‬قال‭: ‬“تنافسوا‭ ‬في‭ ‬المعروف‭ ‬لإخوانكم‭ ‬وكونوا‭ ‬من‭ ‬أهله،‭ ‬فإن‭ ‬للجنة‭ ‬بابًا‭ ‬يقال‭ ‬له‭ ‬المعروف،‭ ‬لا‭ ‬يدخله‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬اصطنع‭ ‬المعروف‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الدنيا”‭ (‬جامع‭ ‬السعادات،‭ ‬ج2،‭ ‬صفحة‭ ‬228‭)‬،‭ ‬وعن‭ ‬الإمام‭ ‬الكاظم‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬“إن‭ ‬للَّه‭ ‬عبادًا‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬يسعون‭ ‬في‭ ‬حوائج‭ ‬الناس‭ ‬هم‭ ‬الآمنون‭ ‬يوم‭ ‬القيامة”‭ (‬البحار،‭ ‬ج‭ ‬74،‭ ‬صفحة‭ ‬319‭).‬

وفق‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬المحببة‭ ‬للعمل‭ ‬الخيري‭ ‬ليس‭ ‬غريبًا‭ ‬أن‭ ‬يتقدم‭ ‬“23‭ ‬مرشحًا”‭ ‬لانتخابات‭ ‬جمعية‭ ‬النويدرات‭ ‬الخيرية‭ ‬لتشكيل‭ ‬إدارة‭ ‬جديدة‭ (‬للعامين‭ ‬2021‭- ‬2022‭)‬،‭ ‬رغم‭ ‬تفشي‭ ‬ظاهرة‭ ‬العزوف‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الخيري‭ ‬في‭ ‬مجتمعات‭ ‬كثيرة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭ ‬والمحلي،‭ ‬فهذا‭ ‬الرقم‭ ‬يعطي‭ ‬مؤشرًا‭ ‬للموقع‭ ‬الريادي‭ ‬لهذه‭ ‬القرية‭ ‬التي‭ ‬دأبت‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭ ‬المبادرات‭ ‬المتقدمة‭ ‬والواعية‭ ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬مراحل‭ ‬العمل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والخيري‭.‬

هؤلاء‭ ‬المرشحون‭ ‬هم‭ ‬كوكبة‭ ‬من‭ ‬كافة‭ ‬التخصصات‭ ‬ممن‭ ‬يحملون‭ ‬روح‭ ‬المبادرة‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي‭ ‬الخالص‭ ‬لوجه‭ ‬الله؛‭ ‬يقدمون‭ ‬نموذجًا‭ ‬طيّبًا‭ ‬لمجتمع‭ ‬متعاون‭ ‬ومتماسك‭ ‬يشدّ‭ ‬بعضه‭ ‬أزر‭ ‬بعض‭ ‬في‭ ‬الشدة‭ ‬والرخاء‭. ‬لذلك‭ ‬ليس‭ ‬مهمًّا‭ ‬من‭ ‬يفوز،‭ ‬فالفائز‭ ‬هو‭ ‬حبّ‭ ‬الخير‭ ‬والعمل‭ ‬الصالح‭.‬

إن‭ ‬تحليل‭ ‬“الرقم‭ ‬23”‭ ‬سيعكس‭ ‬روح‭ ‬المبادرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬المعطاء،‭ ‬فقد‭ ‬مثلت‭ ‬المرأة‭ ‬نسبة‭ ‬35‭ % ‬من‭ ‬عدد‭ ‬المترشحين،‭ ‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬يدلّ‭ ‬على‭ ‬الوعي‭ ‬الاجتماعي‭ ‬المتقدم‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬النويدري،‭ ‬لذلك‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬تمثيل‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الدورات‭ ‬الأربع‭ ‬الأخيرة‭ ‬بنسبة‭ ‬20‭ % ‬تمثيلاً‭ ‬شكليًّا،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬مؤشرًا‭ ‬حقيقيًّا‭ ‬لتنامي‭ ‬الوعي‭ ‬بدور‭ ‬المرأة‭ ‬وأهميته‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والخيري‭.‬

ومثّلت‭ ‬الدماء‭ ‬الجديدة‭ ‬أي‭ ‬الأسماء‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬مجالس‭ ‬الإدارات‭ ‬السابقة‭ ‬نسبة‭ ‬44‭ % ‬من‭ ‬قائمة‭ ‬المترشحين،‭ ‬وإذا‭ ‬احتسبنا‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬شاركوا‭ ‬في‭ ‬دورة‭ ‬واحدة‭ ‬سابقًا‭ ‬فإن‭ ‬النسبة‭ ‬ترتفع‭ ‬إلى‭ ‬65‭ %‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الحالة‭ ‬التراكمية‭ ‬للعمل‭ ‬الخيرية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬نابضة‭ ‬ومتجددة،‭ ‬فهناك‭ ‬جيل‭ ‬جديد‭ ‬يتسلّم‭ ‬المسئولية‭ ‬بوعي‭ ‬مكتسبًا‭ ‬الخبرة‭ ‬بالاحتكاك‭ ‬والعمل‭ ‬مع‭ ‬الأجيال‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬لاتزال‭ ‬تساهم‭ ‬وتبني‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة‭.‬

وبتحليل‭ ‬تخصصات‭ ‬المترشحين‭ ‬فإننا‭ ‬نجد‭ ‬55‭ % ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الكوكبة‭ ‬من‭ ‬المتخصصين‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬علمية‭ ‬تخدم‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية،‭ ‬فقد‭ ‬ترشّح‭ ‬ثلاثة‭ ‬من‭ ‬المتخصصين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإدارة‭ ‬والموارد‭ ‬البشرية،‭ ‬وثلاثة‭ ‬من‭ ‬المتخصصين‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬المالية،‭ ‬واثنان‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الطبي،‭ ‬وستة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم،‭ ‬و12‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬أخرى،‭ ‬وهذا‭ ‬التوزيع‭ ‬يكشف‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬عدد‭ ‬الكفاءات‭ ‬والخبرات‭ ‬التي‭ ‬تزخر‭ ‬بها‭ ‬هذه‭ ‬القرية‭ ‬الطيبة،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬يكشف‭ ‬قدرة‭ ‬الإدارة‭ ‬القادمة‭ ‬على‭ ‬النهوض‭ ‬بمسئولياتها‭ ‬بكفاءة‭.‬

في‭ ‬مقابل‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬المتقدمة‭ ‬التي‭ ‬تكشفها‭ ‬حقائق‭ ‬الرقم‭ ‬23‭ ‬وهو‭ ‬عدد‭ ‬المترشحين،‭ ‬لابدّ‭ ‬أن‭ ‬نشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬جمعية‭ ‬النويدرات‭ ‬الخيرية‭ ‬تستند‭ ‬على‭ ‬إرث‭ ‬اجتماعي‭ ‬عريق،‭ ‬ففضلاً‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬كلّ‭ ‬فرد‭ ‬من‭ ‬القرية‭ ‬هو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الجمعية،‭ ‬فعدد‭ ‬أعضائها‭ ‬الرسميين‭ ‬يقارب‭ ‬600‭ ‬عضو‭ ‬موزعين‭ ‬بين‭ ‬العضوية‭ ‬العاملة‭ ‬والمشاركة،‭ ‬وتحتوي‭ ‬هذه‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬الكفاءات‭ ‬والخبرات‭ ‬التي‭ ‬تزخر‭ ‬بها‭ ‬القرية،‭ ‬ومما‭ ‬يدعو‭ ‬للفخر‭ ‬أن‭ ‬اجتماعات‭ ‬الجمعية‭ ‬العمومية‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬السابقة‭ ‬كانت‭ ‬تشهد‭ ‬مشاركة‭ ‬تفوق‭ ‬الأغلبية‭ ‬المطلقة‭ ‬التي‭ ‬يحددها‭ ‬النظام‭ ‬الأساسي‭ ‬لإجراء‭ ‬الانتخابات‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬اجتماع‭ ‬يعقد،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤشر‭ ‬على‭ ‬تعاون‭ ‬المجتمع‭ ‬مع‭ ‬جمعيته‭ ‬الخيرية‭ ‬وارتباطه‭ ‬بها‭ ‬وثقته‭ ‬المتنامية‭ ‬بدورها،‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تقدم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العطاء‭ ‬عبر‭ ‬إداراتها‭ ‬المتعاقبة‭.‬

وجليٌّ‭ ‬أن‭ ‬مئات‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬القرية‭ ‬يشاركون‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬اللجان،‭ ‬مثل‭ ‬لجان‭ ‬حفل‭ ‬المتفوقين،‭ ‬والزواج‭ ‬الجماعي،‭ ‬وزكاة‭ ‬الفطر،‭ ‬ووجبة‭ ‬العقيقة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬وستبقى‭ ‬مفتوحة‭ ‬وشاهدة‭ ‬على‭ ‬مشاركة‭ ‬كلّ‭ ‬فرد‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬القرية‭ ‬في‭ ‬أنشطة‭ ‬هذه‭ ‬الجمعية‭.‬

وكان‭ ‬آخر‭ ‬الجهود‭ ‬المشكورة‭ ‬والكبيرة،‭ ‬ذلك‭ ‬الجهد‭ ‬الذي‭ ‬نهضت‭ ‬به‭ ‬الإدارة‭ ‬الأخيرة‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬تفشي‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬حيث‭ ‬تصدّت‭ ‬هذه‭ ‬الإدارة‭ ‬لهذه‭ ‬المهمة‭ ‬بكلّ‭ ‬مسئولية‭ ‬واقتدار‭ ‬وشكّلت‭ ‬لجنة‭ ‬موسّعة‭ ‬شارك‭ ‬فيها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬شباب‭ ‬القرية‭ ‬وسجلوا‭ ‬ملحمة‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬المتفاني‭ ‬والمضحي‭.‬

 

جعفر‭ ‬الهدي