العدد 4555
الأحد 04 أبريل 2021
banner
البحرين والذكاء الاصطناعي
الأحد 04 أبريل 2021

كان المنتدى حول الذكاء الاصطناعي في الصحافة، وكان المنظم الشريك هو العالِم المصري البروفيسور فاروق الباز، وكانت إدارة التظاهرة الإلكترونية من خلال نخبة لا يشق لها غبار من أساتذة وعلماء عرب في دبي الشقيقة، وكنت من المشمولين بالتحدث في كلمة رئيسة عن استخدامات الذكاء الاصطناعي في الصحافة.

لحسن الطالع وقبل أن ينطلق المنتدى قبل أيام وجدت نفسي وجهًا لوجه في حوار استمر لدقائق مع العالِم العربي فاروق الباز، لم نتحدث عن المنتدى، فالشمولية التي يحظى بها عالِم مثله تفرض أن يكون الحديث متسابقًا مع الزمن المتاح، مع الفرص التي تضاهي فرصًا ذهبية أخرى إن لم نقتنصها سنكون قد أضعنا عمرًا مخصومًا من عمر.

تحدثنا عن الأجيال السابقة وحتى عن جيلنا قبل أن تتقدم العلوم، وهل كانت أمهاتنا رحمة الله عليهن يتصورن قبل 50 أو 60 عامًا أن السفر لأداء فريضة الحج أو العمرة يمكن أن يستغرق 24 ساعة فقط، حيث كانت الرحلة إلى الأراضي المقدسة تستغرق شهورًا، ولم يتصور أحدنا ومثلما أشار لي العالِم فاروق الباز بالعام 1960 أن كائنًا من كان على كوكب الأرض يمكنه تحديد مواقع سفينة الفضاء “أبوللو” التي وصلت إلى القمر آنذاك وعلى متنها عالِمان أميركيان كبيران.

ولكن العلم، ولكن التقنية، ولكن فنون الإنسان التي استقاها من نضارة عمرها في زمان الكون، قد مكنت هذا الإنسان من الوصول إلى أبعد نقطة في هذا الكون، وها نحن في منتدى الذكاء الاصطناعي والصحافة أو استخدامات هذا العلم الاستباقي في الصحافة وأجهزة الإعلام، نتحدث ضمن النخبة المختارة عن الكيفية والمصير، عن المدى والأسطورة، عن الملحمة الإنسانية والعلوم الاجتماعية والطبيعية.

التداخل كان شديدًا، والخلط بين المترادفات كان أشد، حيث البعض يرفض فكرة الإحلال والاستبدال بين الإنسان والآلة، بين وكيل الخالق في السماوات ووكيل وكيل الخالق على الأرض، بين الصانع والمحرك في المعامل ومراكز البحوث، وبين الروبوت المتخفي في عنفوانه الافتراضي الذي قد يتفوق على خالقه، لكن لن يتفوق بطبيعة الحال على خالق خالقه.

النظريات المتعاكسة تختلف في طبيعتها وجوهرها عن التناضح العكسي أو الأواني المستطرقة في خلقها الأول، أو في مداولاتها المعملية القديمة، الاتجاهات عندما تتعاكس تستطيع تكوين طاقة حركة، حالة معتبرة من التكوين بعد أن نمر مرور الكرام على “حالة” بدء التكوين، برمجة تصرفات لم تخطر على بال لكنها تمكنت من كسب احترام العالم لها.

الصحافة عمل إبداعي إنساني خالص، والذكاء الاصطناعي علم متقدم إبداعي متنافس وبقوة مع الإنسان في خلقه، والإنسان في سرعة حركته، والإنسان في مستوى إبداعه، هذا ما يمكن أن نصل إليه عندما يكون للذكاء الاصطناعي مكانًا بين صحافيي هذه الأيام، بين زعماء الأقلام المهددة، وأباطرة الحروف المستمتعة بحالتها الفنية الخالصة.

الصحافة لا تختفي ولن، والتطور الذي تشهده سواء من عصر المطابع التقليدية القديمة أو عند صف الحروف بالرصاص، أو عندما دخل الكومبيوتر والحاسوب على الخط، أو بعد ثورة الانترنت، جميعها خطوات قطعها مشهد التطور الإعلامي في أقل من 4 عقود، ولا أحد يستطيع التكهن في العقود الأربعة المقبلة إذا ما كانت ثورة المعلومات سوف تمارس سطوتها عند القفز بمهنة الصحافة من منطقة عبقرية غير ثابتة، وغير مستقرة، وغير واثقة من مستقبلها إلى منطقة عبقرية أخرى قد نشهد فيها اختفاء الصحافي بمفهومه الحاضر، وشكله الراهن، وخصوصيته الضوضائية الراهنة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية