+A
A-

900 جندي أميركي في سوريا.. ماذا سيفعل بايدن؟

لا شك أن بيان وزراء خارجية مجموعة التحالف ضد داعش، كان لافتا جدا حين أعلن أن هناك حاجة لتخصيص "إمكانيات عسكرية" ومدنية لقوات التحالف والشركاء الشرعيين في عملهم ضد التنظيم الإرهابي في العراق وسوريا.

فيما يطرح الحضور العسكري المباشر للأميركيين في سوريا أسئلة كثيرة حول سياسة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في بلد تتقاسم فيه أطراف متعددة السيطرة على الأرض.

وفي السياق، أبدى عاملون في الإدارة الأميركية استغرابهم خلال حديث "للعربية/الحدث" من عدم توضيح الرئيس الأميركي جو بايدن وفريق الأمن القومي العامل معه بعد، سياسته تجاه سوريا، علماً أن الأميركيين لديهم 900 جندي هناك وهذه المجموعة على قلّة عددها تضع الأميركيين في "منطقة استراتيجية".

وفي سعي العربية للاستفهام حول تفكير إدارة بايدن بشأن الأوضاع في سوريا إعداداً لقرار أميركي مستقبلا، تبيّن أولاً أن الأميركيين ينظرون إلى خطر داعش على أنه "خطر جدّي" يهدّد الولايات المتحدة والدول الحليفة والصديقة.

لا زيادة قوات

فمن الناحية العملية، يتمسّك الأميركيون بنظرية منع التنظيمات المسلحة من السيطرة على بقعة أرض يستعملونها لإطلاق عملياتهم الإرهابية، ويفهم أن الأميركيين موجودون في سوريا لمنع داعش من إعادة سيطرته على مناطق معينة.

كما يعتبر الأميركيون أن قوات سوريا الديموقراطية تحتاج إلى بقاء العسكري الأميركي إلى جانبهم، في حين يتصاعد خطر التنظيم الإرهابي في مخيم الهول "حيث يعيش 65 ألف لاجئ من بينهم 10 آلاف من غير السوريين، لكن الأميركيين يؤكدون ألا نية لديهم بزيادة عديد قواتهم، ويعبّرون عن ثقة عالية بقسد، ذات الأغلبية والسيطرة الكردية.

التهديد التركي

لعل هذا بالذات ما يدفع الإدارة الأميركية لتقييم الحضور التركي في سوريا أيضا، فتركيا دخلت مباشرة إلى مناطق شمال شرق البلاد لمنع تلك القوات الكردية الحليفة للأميركيين من السيطرة على منطقة الحدود المحاذية لهم، كما هدّد الأتراك أكثر من مرة بمتابعة التقدّم جنوباً لمنع قيام جيب كردي.

منذ هذا التقدم والتهديد في خريف العام 2019 لم يتحرّك الأتراك أو الميليشيات التابعة لهم باتجاه الجنوب، ويتخوّف الأميركيون من أي خطوة يقوم بها الأتراك الآن، ومن بينها توجيه ميليشيات ومسلحين ولاجئين من داخل الأراضي التركية، أو من مناطق يشغلونها حول منبج والتوجّه إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية، ويكون هدفهم القضاء على هذا "الحكم الذاتي للأكراد".

مشاركة روسيا

أما أطراف النزاع الأخرى في سوريا فينظر الأميركيون إليهم من زوايا مختلفة، فالأميركيون لا يريدون تحدّي الوجود والنفوذ الروسي، كما أن خطوط الاتصال لـ"فك الاشتباك" بين القيادتين العسكريتين والتي أقيمت منذ التدخل الروسي في سوريا، ما زالت مفتوحة وتعمل بين موسكو وواشنطن.

وفي تصريحات لـ"العربية/الحدث"، قالت المتحدثة باسم البنتاغون القائد البحري جيسيكا ماكنولتي "إن التحالف لديه قنوات مفتوحة مع القوات الروسية لفك الاشتباك جوا وبرا، وخفض مخاطر التصعيد غير المحسوب"، مؤكدة "أن التحالف يستعمل قنوات الاتصال مع العسكريين الروس يومياً".

كما أشارت إلى حساسية الحضورين العسكريين في سوريا وقالت "إن الولايات المتحدة تدعو روسيا للالتزام بآليات منع الاشتباك وأن لا تأخذ أية خطوات استفزازية".

ويعتقد أن الأميركيين أبلغوا الروس بتحليق المقاتلات الأميركية في أجواء سوريا عندما اقتربت حاملة الطائرات ايزنهاور الأسبوع الماضي إلى شرق المتوسط وشنّت غارات ضد تنظيم داعش.

إيران: فوضى وإرهاب

أما الوجود الإيراني والميليشيات الموالية لطهران، فيعتبره الأميركيون عنصر فوضى وإرهاب في المنطقة ومن ضمنها سوريا، لكنهم لا ينظرون إليها كتهديد مباشر للعسكريين الأميركيين المنتشرين في التنف وفي مناطق شمال شرق سوريا، أو أقلها ليست تهديداً مباشراً "الآن" وبالتالي ليس من الضروري مواجهتها أو ضربها في الوقت الحالي.

وفي هذا السياق، قالت القائدة البحرية جيسيكا ماكنولتي لـ"العربية/الحدث"، "إن القوات الأميركية إلى جانب الشركاء في التحالف تعمل مع الشركاء المحليين في شمال شرق سوريا ومن التنف لمتابعة الضغط على داعش"، لكن الحقيقة أيضاً أن الأميركيين يهددون الوجود العسكري الإيراني في سوريا، فهم يسيطرون على مسافات كبيرة من الحدود السورية العراقية، ولا يبقى للميليشيات الإيرانية سوى المرور في عنق الزجاجة عند خط الحدود في منطقة البوكمال، وهذه منطقة على رغم أنها معبر الإيرانيين لكنها تحت رقابة الأميركيين ويستغلّها الإسرائيليون للانقضاض عند الضرورة على أي شحنات يكتشفون أنها خطيرة مثل الصواريخ الدقيقة.

ليست أولوية

أمام كل تلك المعطيات، لا يبدو الملف السوري ضمن سلم أولويات الاهتمام الأميركي، بل تأتي العودة إلى الاتفاق النووي في المقدمة، لكن اللافت جداً في هذه المرحلة الباكرة من عهد بايدن، أن العديد من الأطراف لديهم مصالح وحضور في سوريا كما أنها رسمت خطوط تماس لها هناك، ويكفي أن يبادر أحد تلك الأطراف إلى خرق خط التماس العسكري حتى يتسبب بمشكلة أمنية أكبر.