يرتبط مفهوم المواطنة في أي مجتمع ارتباطًا وثيقًا ببناء الدولة وتحديد دور المواطن في البناء والإنتاج وترسيخ القِيَم الاجتماعية والأخلاقية والثقافية والمهنية. إن التعددية الفكرية والثقافية تنمي المواطنة وتسمو بروح التسامح وترفض التعصب وتحترم الآخر، ما يعمل على بث روح العمل والعِلم والإبداع، ويحافظ على هويتنا القومية العربية الأصيلة، والوحدة الوطنية، ويُحقق المصلحة الوطنية المشتركة، وبالمواطنة يفخر المواطن بالانتساب إلى بلاده هويةً ولغة، ويتمسك بتقاليد بلاده وعاداتها العربية.

وتتحقق المواطنة أيضا بالشراكة المجتمعية وتحمل المسؤولية الوطنية في العمل وأداء الواجبات في مؤسسات الدولة العامة والخاصة، وفي البيت والمدرسة، والأندية والجمعيات بأشكالها، وفي المهرجانات والمنتديات والبرامج والمبادرات، وفي العمل التطوعي، وبانتهاج الخطاب الديني المُعتدل، دون تعصب وكراهية، النابذ للعُنف والتفرقة، وبالمنهج التعليمي الفاعل بمخرجاته القادرة على إضافة نوعية متميزة من القدرات الوطنية لسوق العمل العام والخاص، وغيرها من المشروعات والمبادرات الوطنية الخلاقة.

وتحظى المواطنة وما يرتبط بها من سلوكيات وقِيَم باهتمام شديد في ظل ما يشهده العالم اليوم من متغيرات علمية وتقنية دون أن تؤثر على قيم وخصوصية الشعوب الحضارية والثقافية، وهذا ما يُضفي على المؤسسات التربوية والتعليمية والإعلامية والثقافية والمجتمعية مسؤوليات مُضاعفة بتحويل الانتماء إلى سلوك يستشعره المواطن في كل مناحي حياته ليكون قادرًا على الوفاء بمتطلبات المواطنة.

إن تنمية الفكر بالوعي الوطني والقومي يُعزز الانتماء للبلاد والأمة العربية وتاريخها الحضاري، ولأجل ذلك لابد من تحمل المسؤولية تجاه أنفسنا ومجتمعنا كإحدى وسائل ترجمة الانتماء الوطني، وفي ظل جائحة كورونا شهدت البحرين وعيًا مجتمعيًا صادقًا تمثل بركون الجميع في جبهة واحدة لمواجهة الكورونا وتحدياتها، وهذا أسهم في المحافظة على صحة وسلامة جميع المواطنين والمقيمين وخفف من تداعيات الجائحة.