العدد 4565
الأربعاء 14 أبريل 2021
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
عندما قرأت الفاتحة على روح جان جاك روسو
الأربعاء 14 أبريل 2021

شهر رمضان شهر يتسلل للخبز ليؤنسنه، يخترق موائد الأغنياء ليمنح الفقير شيئًا من عدالة كون كانت مهملة على أرصفة الارستقراطيين. أن نونسن واقعنا، أن نوزع ربطات الخبز على كل فقير مسلم أو غير مسلم، مادام فقيرًا أو معوزًا، مسيحيًا أو يهوديًا أو بوذيًا، لأن المواساة تشمل كل البشر، ولن نجد أفضل من هذا الشهر الكريم في كرمه، وهو يبذل المال لأجل الفقراء.


القران الكريم أرسل النبي محمد ص رحمة للجميع قائلًا: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، أنت رحمة للعالمين، وليس فقط رحمة للمسلم، بل لكل العالمين.


والآية الإنسانية تقول: (ولقد كرمنا بني آدم)، كرم الإنسان وليس فقط المسلم. فالكرامة لبني آدم، وكل إنسان يستحقها مسلمًا أو مسيحيًا أو يهوديًا أو بوذيًا أو من السيخ أو أي ديانة. هكذا أقرأ النصوص الإسلامية بالمنطق الإنساني. يجب أن نخرج من نظرية احتكار الجنة فقط للمسلم.

الجنة التي عرضها السموات والأرض هي للمسلم ولكل إنسان خدم البشرية. فهل يعقل أن الذي اخترع الكهرباء التي أنقذت الملايين والبشرية في العمليات في المستشفيات وغيرها، هل يعقل أن لا يدخل الجنة؟


هل يعقل أن مانديلا الذي خدم العدالة وغاندي الذي دافع عن تحرير الهند من الاستعمار الإنجليزي ومارتن لوثر كينك الذي حارب لأجل حقوق السود لا يدخلون الجنة؟ دعونا نفتح نقاشًا علميًا حضاريًا، فالتساؤل والنقد يثري النقاش. هذا جدل في علم الكلام اختلف فيه فقهاء وفلاسفة ومفكرون ومثقفون. في مقالاتي سأطرح أسئلة لتتحول إلى نقاشات في السوشيال ميديا لأجل إثراء الحوار والتنوير بعيدًا عن الأحكام المعلبة والجاهزة، فالحكيم حكيم يبحث عن الحكمة. دعونا ننزع فتيل القنابل الفكرية المخبأة في عقولنا سنينا ونفتح ستار العقل على النقد والمراجعة فبالنقاش العلمي، نستطيع تحويل القنبلة إلى قبلة والزنزانة إلى بحر والخنجر إلى مبخر.


قبل عامين زرت مقبرة العظماء في باريس واسمها (Panthéon)، زرت قبر جان جاك روسو، هذا العظيم الذي خدم الإنسانية بفكره (العقد الاجتماعي)، وقرأت الفاتحة على روحه، وزرت قبر فيكتور هيجو صاحب رواية “البؤساء” التي خدم الإنسانية بها في طلبه للعدالة. وزرت قبر فولتير صاحب كتاب “رسالة في التسامح” وكل القبور في منطقة واحدة متقاربة. قرأت الفاتحة على أرواحهم، نظر إلي سائق التكسي المرافق إلي، وهو بالمناسبة مسلم تونسي، وسألني متعجبًا: كيف تقرأ الفاتحة على هؤلاء وهم غير مسلمين؟ أجبته: كل إنسان، وكل فرد وكل عظيم يستحق الترحم على روحه؛ لأن رحمة الله وسعت كل شيء وما أرسل الرسول (ص) إلا رحمة للعالمين.


يا سيدي، يجب أن تخرج من “البوكس” وتركز بقلبك حب الله، إله الحب والجمال والإنسان. الله عز وجل ليس حكرًا على طائفة أو ديانة أو مذهب. إن الله خالق الجميع. ختامًا نقدم الشكر لجلالة الملك على تطبيق قانون العقوبات البديلة فالبحرين فرحت والأمهات انتعشت قلوبهن فرحًا، شكرًا لجلالته على موقفه الإنساني الكبير. شهر رمضان شهر الإنسانية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية