العدد 4574
الجمعة 23 أبريل 2021
banner
جيل بدون تدخين.. هدفنا
الجمعة 23 أبريل 2021

نشرت الصحف المحلية تقريرًا صحافيًا عن أن الحكومة النيوزيلندية وضعت خططًا ومقترحات طموحة تهدف إلى القضاء على التدخين وتحقيق هدفها المتمثل في أن تكون خالية من التبغ ومشتقاته بحلول عام ٢٠٢٥، وأقف هنا وقفة إجلال وتقدير لهذه المبادرة الرائدة والشجاعة التي اتخذتها الحكومة النيوزيلندية بهدف المحافظة على صحة شعبها، ومن أجل توفير الميزانية العامة المخصصة لعلاج المرضى الذين يعانون من أضرار صحية جسيمة وفي مقدمتها أمراض القلب والسرطان.

وبدون سرد الخطط العامة لتنفيذ هذا المقترح الرائع الذي ينم عن الفكر الصحيح والعلمي لتحقيق أهداف إنسانية بلاشك تعتبر في غاية الصعوبة، لكن وكما يقول المثل الإنجليزي القديم " were there is will there is a way" أي "متى وجدت الإرادة وجد الطريق"، وأنا على ثقة بأن الحكومة النيوزيلندية ستنجح في تحقيق أهدافها بكل اقتدار لسبب واحد لا غير هو قناعتها وأسلوب عملها الاحترافي والعلمي.

ووجدت ككاتب عمود هذا التقرير موضوعًا في غاية الأهمية، وذلك لتتبناه الجهات الرسمية والأهلية ومؤسسات المجتمع المدني، ولا يخفى على الجميع أن هذه العادة السيئة تعتبر آفة لأي مجتمع، وقد تسببت في فقد الكثير أرواحهم بسبب الأمراض المرتبطة بالتدخين! قال تعالى "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"، من وجهة نظري أنه يجب علينا وعلى الرغم من انشغالنا بجائحة كورونا سيئة الصيت، إلا أننا يجب علينا أن لا نغفل موضوع التدخين المنتشر وسط الجنسين وانتشار مقاهي الشيشة ومحلات السجائر الإلكترونية الذي أصبح هاجسًا وأمرا في غاية الخطورة، ويتفق الجميع معي بأن وزارة الصحة والجمعيات المعنية عليها مسؤولية جسيمة للحد من هذه الظاهرة من خلال نشر الوعي اللازم خلال وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المرئي والمسموع والمقروء وبشكل مستمر وبدون تقصير.

لا شك أن دور العائلة مهم، بل مهم للغاية، وكذلك المسؤولية الكبيرة على عاتق وزارة التربية والتعليم من خلال التوعية بأهمية المحافظة على صحة وسلامة الطلبة وخصوصا في سن المراهقة. لا ننكر بأن وزارة الصحة قامت مشكورة بجهود مضنية وحثيثة في هذا الجانب وقامت بسن قوانين وتشريعات للحد من هذه الظاهرة، وقد تم منع التدخين في الأماكن المغلقة والمطاعم والفنادق والمواصلات العامة، متمنيًا أن يتم منعه في أماكن أخرى، وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن التدخين يؤدي إلى وفاة ٨ ملايين نسمة من سكان العالم، أي ما يقرب من نصف متعاطي التبغ حول العالم. وفي حين ينتج أكثر من 7 ملايين من هذه الوفيات عن التعاطي المباشر للتبغ، فإن التعرض للتدخين غير المباشر هو السبب في وفاة حوالي 1.2 مليون شخص.

وإذا كنا حقًا جادين في تحقيق الهدف لتصبح البحرين خالية من التبغ مثل نيوزيلندا فإننا مطالبون بوضع خارطة طريق واضحة المعالم ورسم خطة عمل شاملة ومتكاملة وفرق عمل وفي إطار زمني محدد.

نحن قادرون على تحقيق ذلك متى ما وجدت النية والعزيمة والإرادة، وأنا على ثقة تامة بأن السلطة التشريعية والتنفيذية لا تتردد في تقديم كل الدعم والمساندة لهذا المشروع الوطني الطموح، وكما يعلم الجميع بأن الحكومة تخصص ميزانية ضخمة لعلاج المواطنين من الأمراض المرتبطة بالتدخين، ولعل وضع حلول للحد من المدخنين سيؤدي حتما إلى توفير هائل في الميزانية على المدى البعيد.

والحكومة عندما قامت برفع أسعار التبغ ومشتقاته وكذلك على سبيل المثال المشروبات الغازية فإن هدفها كان الحد من استهلاكها، ونجحت في ذلك، لكن المساعي والجهود الأخرى كالحملات التوعوية يجب أن تتواصل طوال العام ويجب استغلال وسائل التواصل الاجتماعي الاستغلال الأمثل لتوصيل رسائل مباشرة لتعزيز الثقافة وتوعية المجتمع في هذا الجانب.

كما أن مشاركة القطاع الخاص من الشركات نفطية والصناعية والبنوك وشركات الاتصالات والتجار والشركات العائلية وغيرها مهمة جدًا في دعم هذه المبادرات الرائعة التي تندرج تحت سياستها في الشراكة الاجتماعية، وفي اعتقادي إن إعلان حملة وطنية يشارك فيها الجميع أفضل وسيلة لإنجاح هذه المبادرة، مشددًا على الدور المحوري الذي تلعبه الجمعيات الخيرية والمهنية والإسلامية جميعها حيث إنها مسؤولة في إنجاح هذا العمل، ويكفينا أن نعلم أن عددها يتجاوز أكثر من ٦٠٠ جمعية!

دعواتي الصادقة أن يلاقي اقتراحي هذا كل ترحيب وقبول، ونحن في هذا الشهر الفضيل أسأل الله التوفيق والسداد لما فيه خير البلاد والعباد، وأن ينعم على هذا البلد نعمة الأمن والأمان وأن يحفظ قيادته وشعبه من كل مكروه ويسبغ عليهم ثياب الصحة والعافية والعمر المديد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .