يعتبر النظام والانضباط من أهم مقومات النجاح لأي مجتمع، حيث تقوم المجتمعات المتقدمة على تنظيم علاقات أفراد المجتمع ببعضهم، ويتم تعليمهم ذلك منذ نعومة أظافرهم، فالأطفال الصغار بذرة المجتمع ويجب تربيتهم في بيئة صالحة لتخريج أجيال صالحة للمجتمع، لأنه إذا فسدت هذه الأجيال فسد المجتمع كله، ويستخدم الناس لفظ الانضباط للتعبير عن مدى الانتظام واتباع النظم والقوانين العامة، وقد يعتقد البعض أن لتطبيق الانضباط لابد من العقاب، لكن مفهوم الانضباط أشمل وأعم من هذا المفهوم، فالانضباط معناه إطاعة الأوامر واحترام القوانين والقواعد، واكتساب الانضباط عن طريق الاحترام أفضل، لكن بالتوجيه والإرشاد.
ويشمل الانضباط كل نواحي الحياة، سواء حياة الفرد أو الجماعة، مثل الحفاظ على النظام، واحترام المواعيد، والوفاء بالعهود، واحترام إشارات المرور بالشارع، كل هذه من أشكال الانضباط، ويعتبر الانضباط مطلبا دينيا حثت عليه كل الأديان السماوية، وذلك نظرًا لأهميته في المجتمع.
واستوقفني خبر عن أن إدارة مجمع السلمانية الطبي وبالتعاون مع الإدارة العامة للمرور قامت بتحرير ١٥٠ مخالفة مرورية عن الوقوف الخاطئ في مواقف السيارات في المجمع! وأكدت إدارة المجمع في الخبر المنشور أن هذه المخالفات تسبب عرقلة للحركة المرورية داخل المجمع، داعية المترددين على المجمع الطبي من مراجعين وزوار لضرورة الالتزام والوقوف الصحيح لتسهيل آلية وصول المرضى دون تأخير.
هذا الخبر يذكرني بمسرحية "مدرسة المشاغبين" للفنان القدير عادل إمام عندما قال في مقطع مشهور "عاوزين جملة مفيدة"! كناية عن عدم وضوح وفهم الكلام أو الحوار.
وبصراحة وبدون مجاملات لا أعلم ما هدف الخبر، وكأن إدارة المجمع كانت في سبات عميق وفجأة أدركت أهمية تحرير مخالفات مرورية للوقوف الخاطئ، هذه أمور تعتبر من البديهيات وهي من الأمور الإدارية والروتينية، والإدارة العامة للمرور من صميم عملها أن تقوم بعملها في شوارع البحرين وجميع المجمعات التجارية والطبية والرياضية، وحتى عند الجوامع في صلاة الجمعة، فهذه المواقع تعتبر مواقع عامة، وحتى إن كانت خاصة فإن إدارة المرور لا تتردد في أخذ الإجراءات اللازمة لتصحيح الأوضاع متى ما تلقت بلاغًا عن ذلك، وكما تلاحظون بأن عدد المخالفات بلغ ١٥٠، ما يعتبر عالياً جدًا! وهذا يؤكد غياب المتابعة الإدارية والمرورية من الطرفين. هذه الممارسات الخاطئة تثبت لنا أننا نفتقد سلوك الانضباط والالتزام بسبب غياب الثقافة بشكل عام، وإلا بماذا تفسرون هذا التهاون، صدقوني إن تحرير المخالفات بشكل دائم سيؤتي ثماره ويجعل الزوار يحسبون ألف حساب لتفادي دفع الغرامات، ويؤسفني القول إنها عادة سيئة بل سيئة جدًا وتعطي انطباعًا خاطئا عن وطننا الغالي، وإذا أردنا أن نعمل بشكل صحيح فإن الصرامة في تطبيق القوانين الوسيلة الوحيدة لاستعادة السمعة الرائعة التي كانت البحرين تتحلى بها في العقد الماضي فيما يخص النظام المروري، كفانا استهتارًا، فالبحرين دولة المؤسسات والقانون، والصرامة مطلوبة في التطبيق بشكل يحفظ حقوق الجميع.
وكما يعلم الجميع بأن عدد السكان في ازدياد، والأجانب يشكلون نسبة كبيرة من التركيبة السكانية، لذا فإنه من الطبيعي أن تكون هناك زيادة كبيرة في أعداد المركبات، ويؤسفني القول إن نسبة كبيرة من المقيمين لا يلتزمون بالقوانين، بالإضافة إلى الشباب المستهتر. والله من وراء القصد.