العدد 4586
الأربعاء 05 مايو 2021
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
إعادة ترتيب أثاث الخطاب
الأربعاء 05 مايو 2021

يجب ألا ننهزم أمام أي خطاب متورم، بل نسعى لصناعة التنوير بأفكار تقلل من وجع الناس، وتفكك الأحزمة الفكرية المفخخة والمتكدسة في العقول، أو علها تلقت أي قنبلة عالقة بضفيرتي طفلة أو جناح حمامة أو حقيبة في قطار مثقل بمدنيين،. . . لتحيلها إلى فراشة زرقاء، في عالم إسلامي مثقل بالوجع والأفكار المفخخة المستيقظة من التاريخ المعبأ بالنرجسية والكبرياء، عالم مهووس بالموت والقبر والزنزانة، متناسيا أن خلف الزنزانة حديقة وقبلة وحبا وحياة.

يجب أن نستبدل الخطاب المفخخ لخطاب منفتح على الحياة، وأن نسعى لأن نحول مسدس الشاب المغرر به إلى وردة حب يقدمها للشعوب الأخرى، والأمم الحالمة بمضاجعة النجوم والطامحة وللاستقرار على جبين الشمس؛ محاولة لتحويل القنبلة إلى قبلة، والخنجر إلى نهر، والرصاص إلى باقة ورد.

المحاولة صعبة، وطالما اتهمت بالمثالية، ولكني مؤمن بمبدأ أن الحياة حق لكل البشرية، وأن كل فرد في هذا العالم له حق أن يعيش وأن يسبح في بحيرة الحقوق، وأن مدعي الحقيقة المطلقة، أيًّا يكن حامضهم النووي هم أقرب إلى تضييع فضاء العالم ومحاولتهم تسير باتجاه جعل الكون مقيدا داخل ثقب إبرة، وتحويل كل هذا الفضاء الواسع إلى فروة حذاء.

المؤدلج المتشدد هو الخطر الأكبر على العالم، أكان مسيحيا أو يهوديا أو مسلما أو بوذيا. يجب أن نقلل من نسبة تورم الخطاب، ونسعى لتوصيل الرسائل الإيجابية المتبادلة لخلق مناخ يعيد الفرح، وأن نؤسس لعلاقة تقوم على تفكيك تلك الرؤية ذات الشعارات القاتلة إلى شعارات وطنية، تشجع على صناعة أجواء الخير، وتخدم حاجات الناس، وتحفز هطول المطر. لا يكفي الهمس، ولا دس الوجه في الوحل أو الاختباء وراء إصبع؛ هذا إذا كان هدفنا أن ننقذ ما يمكن إنقاذه من ضحايا ذهبوا حطبا للمحارق، ومواجهة الخطابات المتشظية المسكونة بالرومانسية السياسية.

لا يكفي كاتب واحد، ولا سيد واحد، ولا دكتور واحد ولا فنان واحد ليكون إيقاع صوت العقل هو الأعلى، لابد من تحرك الجميع لبناء الوطن ودعم الوطن والقيادة والمجتمع وحلحلة الملفات.

كلمة أقولها للتاريخ؛ سماحة السيد بين خيارين: إما تعليق الأجراس، وإنقاذ أسماك الزينة من سمك قرشِ الأحزان أو أن يسمح للبحر إخفاءَ قناديله، فيركن للسكون. فهل يضع السيدُ معطفَه على كتفه، ويتكئ على عصاه، ليخرجَ من الباب الخلفي للغياب، ويعود من بوابة الخلاص، كاسرا (خطاب القطيعة) الذي ضيع العباد وراكم الأوجاع لأجيال، واضعا يده بيد جلالة الملك، منتصرا للوطن والأمل؟

أعلم أن هناك خطاب تعبئة مفخخ عكسي متواصل ضد قانون العقوبات وخطاب الاعتدال رغم أن هدفنا هو صناعة أمل، وفرصة كموقف إنساني، ولكن مهما كان حجم التشويه الذي يمارس، يجب أن نعزز الثقة، ويجب أن نشكر القيادة، وأن نسعى لخلق أجواء إيجابية، ونواجه أي خطاب تشكيكي أو أي تدخل إقليمي يأتي من بوابات التفافية لدحض أي بادرة أمل.

يجب إعادة ترسيخ الخطاب الجميل الواعي للشيخ سليمان المدني، والشيخ عبدالأمير الجمري، والشيخ أحمد خلف العصفور والشيخ عبداللطيف المحمود، وغيرهم والشخصيات الوطنية الوسطية في خلق الأجواء الإيجابية. قانون العقوبات مهم، والأمل أن يتسع عددا أكثر. وهذا ليس بعيدا عن قائد الإنسانية أبي سلمان. أقول للوسطيين: اصنعوا الأجواء الإيجابية لننعم بالفرح أكثر. ساهموا كتابة، وفي توعية الناس بما يخدمهم ويخدم الوطن، فالنهر عبارة عن قطرات، وقطرة قطرة وتمتلئ الساقية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .