العدد 4617
السبت 05 يونيو 2021
banner
عِبر الحرب الأهلية اللبنانية
السبت 05 يونيو 2021

في منتصف شهر أبريل الماضي مرت في هدوء الذكرى السادسة والأربعون للحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 15 عاما (1975 - 1990)، لتحصد الأخضر واليابس في البلاد؛ إذ أسفرت عن مقتل 300 ألف لبناني و150 ألف جريح وهجرة مليون شخص، وأحدثت خسائر مادية وعمرانية هائلة تقدر بمئة مليار دولار.

كان المحوران المتقاتلان يتكونان من طرفين رئيسين: الأول يشمل أحزاب اليسار بمختلف توجهاتها الآيديولوجية ومنظمة التحرير الفلسطينية بشتى فصائلها المتعددة، والمحور الثاني يشمل أحزاب اليمين ويتكون من حزب الكتائب والقوات اللبنانية وحزب الوطنيين الأحرار، ورغم أن ما يبدو بأن الطابع الأساسي للصراع هو بين اليمين واليسار؛ إلا أن البعد الطائفي كامن فيه متمظهر كصراع بين المسيحيين - الموارنة خصوصا - والمسلمين، ولم يتوان الطرفان عن توظيفه لصالحهما، بدعم من قوى إقليمية ودولية لكليهما بالمال والسلاح، فيما يتعلق بتوظيف ذاك البُعد سنكتفي هنا بشهادة أطلقها على سبيل الدعابة التي لا تخلو من مغزى قائد الحركة الوطنية كمال جنبلاط (اُغتيل 1977) ونقلها عنه رفيقه في نفس التحالف جورج حاوي (اُغتيل 2005)، فيقول جنبلاط مزهواً بقرب النصر على خصمه: “الموارنة في لبنان.. إذا بقوا على هذا النهج ثلثهم سيموت وثلثهم سيهاجر وثلثهم سيشهر إسلامه”! (غسان شربل، الحرب والمقاومة والحزب، ص 101). أما الطرف الآخر فقد كان توظيفه لذلك البعد أكثر سفوراً، وإذ خرج الطرفان من الحرب مهزومين منهكين بشدة، واعترفا بعبثيتها الجنونية نادمين على تغييب الخيار السلمي دون استلهام عِبرها؛ فإن آثارها لم تمح من النفوس بعد؛ عدا آثارها الاقتصادية التي تلقي بظلالها القاتمة، بصورة أو بأخرى، على الأزمة السياسية الراهنة. أما الأهم من ذلك فإنه في ظل ذلك الإنهاك والاتفاق على إلغاء ميليشات الطرفين تنامت في المقابل قوة ميليشيا حزب الله المدعوم من إيران وبلغت ذروتها مطلع الألفية؛ حيث انسحبت القوات الإسرائيلية من الجنوب وبرز كلاعب أساسي على الساحة السياسية، مدعياً أنه الذي صنع النصر وحده، فقد خلق أزمة شديدة التعقيد على الساحة اللبنانية لارتهانه لأجندة مصالح دولة مختلفة عن مصالح الشعب اللبناني وضعف الدولة أمامه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية