+A
A-

فتيات في عالم الفنون القتالية.. حبٌّ وتحدٍّ أم تجربة جديدة؟

كثيرة هي المجتمعات التي لا تزال المرأة تعاني فيها من وجود نظرة تمييزية ضدها في مختلف الجوانب الحياتية. فتقدمها في مجالات العلم والعمل والأنشطة الثقافية لم يحمها من هذه النظرة المختلفة، ولم يقتصر الأمر على دورها في المراكز الوظيفية والحقوق السياسية والاجتماعية فقط بل وصل إلى حد التفرقة في الرياضات التي يمكن أن تمارسها المرأة. اتجهت عدة نساء وفتيات إلى عالم الرياضة الواسع، فطرقن الأبواب الموصدة واقتحمن ميدان الفنون القتالية لا لمنازلة الشباب ومقارعتهم.. فهل تعلم الفتيات لتلك المهارات القتالية يحسب لهن أم عليهن؟ وهل يؤثر على أنوثتهن أم يتقبل المجتمع اقتحامهن لهذا النوع من الرياضات؟


مهارات
يقول محمد خالد إن السبب الأهم في دخول الفتاة لعالم الفنون القتالية هي حبها وشغفها لتعلم تلك المهارات بجانب احتياجها لوسيلة للدفاع عن نفسها في بعض الحالات، ويرى محمد أنه ليس هناك أي علاقة بين استخدام الفتاة لتلك المهارات عند الحاجة وبين كونها عنيفة بل يسميها “حسن تصرف” لرد الضرر، وعن تأثير تلك الرياضة على أنوثة المرأه قال “بيئة التدريب المختلطة قد تؤثر على الفتاة وتبدأ في التطبع بطباع الرجال وأنا أفضّل دائمًا أن تتعلم الفتيات المهارات وتكتسب الخبرة واللياقة بعيدًا عن سياق التنافس على الحلبة بشكل مستمر”، وأضاف أن المجتمع بدأ تدريجيًّا بتقبل ممارسة الفتاة لهذه الألعاب بسبب حملات التوعية من قبل المدربين عن بيان أهمية تلك الفنون القتالية للبنت والتي تساعدها على زيادة ثقتها بنفسها وهو الجزء الأول والأساسي الذي يركز عليه المدرب لتهيئة المتدربة من الناحية النفسية قبل الجسدية. وما يجعل الفتاة تثق بنفسها أكثر هو شعورها بأنها مختلفة وتمتلك من المهارات ما يميزها عن باقي الفتيات.


للتجربة فقط
يختلف معه محمد حميدان قليلاً فيقول إن أغلب الفتيات يمارسن الألعاب القتالية للتجربة فقط ولأنها رياضة مختلفة وقليلات اللواتي يمارسنها ولإثبات أن تلك الألعاب لا تقتصر على الشباب فقط بل هن أيضًا قادرات على ممارستها والتفوق فيها. ويقول إن تلك الألعاب تقلل من أنوثة المرأة لأن بعض الفتيات يستخدمن المكملات الغذائية والبروتينات وذلك قد يؤثر على تغير بعض الهرمونات لديهن ويعتقد حميدان أن هذا النوع من الرياضات يجعل الفتاة حادة الطباع أكثر، وعن تقبل المجتمع لانخراط الفتيات في تلك الألعاب يقول “بشكل عام الوطن العربي يرفض فكرة دخول الفتاة للرياضة سواء كرة القدم أم السلة أو غيرها، و هذا تفكير سلبي لأنه لا يوجد فرق بين الشباب والفتيات” ولكنه يرى بأن الاستخدام الصحيح لتلك المهارات التي يتعلمونها تكون للدفاع عن أنفسهن فقط ضد أي مضايقات او أي خطر تتعرض له الفتاة.


مضايقات
يقول عمر إن غالبية النساء في المجتمعات العربية تعاني من المضايقات اليومية سواء أكان بشكل لفظي أم جسدي، لذلك تلجأ الكثيرات منهن إلى اتباع طرق وحيل دفاعية لحماية أنفسهن، وفى الفترة الأخيرة أصبحت ممارسة الفتيات والسيدات إلى رياضة دفاعية فعلًا معتادًا يسود معظم المجتمعات. وعن استخدام الفتيات للجوء إلى العنف وتطبيق المهارات القتالية على من يضايقهن يقول “نحن لا نعيش في غابة وللمرأة قوانين تحمي حقوقها ولكن في أقصى الحالات الضرورية يجب عليها حماية نفسها بكل الطرق بالتأكيد، ويرى عمر أنه حتى بعيدًا عن استخدام تلك الرياضات للدفاع عن النفس فهي تقوي من شخصية الفتاة وتزيد ثقتها في نفسها.


توازن
تقول حنين الحوطي لاعبة التايكواندو والتي تتدرب على اللعبة منذ 15 عامًا إن مهارات التايكواندو كانت العامل الأساسي في تحديد قواها الجسمية بالإضافة إلى توازن العقل، كما أنه ساعدها على زيادة ثقتها بنفسها وتعلمها لتحمل المسؤولية ويزيد من قوتها وأضافت “التايكواندو لا يؤثر على المهارات الجسدية والحركية فقط بل يمتد تأثيره إلى المهارات الاجتماعية كاحترام القوانين والمبادئ وأكثر ما تعلمته من مهارات اللعبة هو ضبط النفس والتحكم فيها والابتعاد عن العصبية والعنف كما أنه بالنسبة لي منفس كبير للطاقة السلبية أو الضغوط الحياتية” وتقول بأنها لم تتعرض لموقف اضطرت فيه لاستخدام مهاراتها دفاعاً عن نفسها ولكنها إذا ما تعرضت لموقف مستقبلا فهي تشعر بأن لديها من القوى ما يكفي لحماية نفسها.


حماية
ترى رغدة ناصر أن هناك فتيات يلجأن لممارسة فن من فنون الألعاب القتالية بغرض المرح أو التسلية ولكن هذا لا يمنع أن البعض الاخر يمارسنها بغرض الدفاع عن النفس وحماية أنفسهن، كما أنها مع استخدام الفتاة لكافة المهارات التي تعلمتها مع أي شخص يحاول مضايقتها أو يتعرض لها، وتعترض رغدة على رفض بعض الأشخاص وعدم تقبلهم لممارسة الفتاة لتلك الرياضات واحتكارها للرجال فقط، وعن ما إذا كانت تجعل تلك المهارات الفتاة حادة الطباع أكثر تقول رغدة “تعتمد على طريقة تعامل البنت مع هذه الأنواع من الرياضات أو الألعاب فهي من تحدد ما إذا كانت تمارس هذه الرياضات بدافع التطبع بها أو تمارسها لتستفيد منها كمهارات جسمانية فقط”.

قـــدرة

توضح لنا منار الريس مدربة وحكم دولي للتايكواندو للسيدات أن هناك إقبالا كبيرًا من قبل النساء لتلك اللعبة ويتراوح أعمار المتدربات من سن 13 سنة إلى 50 سنة، وتقول الريس إنه ليس هناك أي فرق بين تدريب الفتيات وتدريب الشباب لا من ناحية شدة التمارين أو أسلوبها فهي تؤمن بأن ما يمكن أن يفعله الرجال تستطيع النساء فعله أيضًا، ويمكن أن يختلف مقدار القوة فقط بحسب اختلاف القدرة العضلية بين الرجل والمرأة، ولكن من ناحية الرشاقة والليونة فالفتيات يتغلبون على الشباب، وعن تأثير تلك التدريبات على تكوين الفتاة الجسمي وأنوثتها قالت “رياضة التايكواندو تحافظ على أنوثة الفتاة كما تحافظ على رجولة الرجل مع إضافة أطباع ذهنية إيجابية لها كثقتها بنفسها في مختلف نواحي حياتها”، وأضافت أن الكثيرين يعتقدون بأن من يمارس فنًّا من الفنون القتالية يصبح أعنف في تعاملاته وطباعه ولكن هذا غير صحيح بل بالعكس تماماً فمن يمارس تلك الألعاب يكون لديه ضبط وتحكم بالنفس أكثر من غيره، لأن هذا ما يتم التركيز عليه خلال التدريبات وهو كيفية التحكم في جسمنا وليس العكس.