العدد 4622
الخميس 10 يونيو 2021
banner
رحلت “حنان وهيا” ولتمضي الحياة كما تشاء
الخميس 10 يونيو 2021

يقول ألبير كامو “كنت أعلم أصلا أن الإنسان إذا مات في الثلاثين أو السبعين فالأمر سيان مادامت الإنسانية نفسها ستستمر تحيا آلافا من السنين، ومع ذلك فالقضية مازالت كالتالي.. أنا الذي سيموت الآن أو خلال عشرين سنة..

لكن أن أعيش عشرين سنة أخرى! ان تفكيري يتوقف وتغمرني فجأة فرحة قوية عارمة لمجرد الفكرة”.


في بعض الأحيان يكون عقل الإنسان غير قادر على استيعاب صدمات ولكمات الحياة، وقصتها الطويلة، فالشاعر النمساوي “ريكله” يقول نحن الذين نفرط في الأحزان، بينما يقول الشاعر والمسرحي “اليوت” أين هي الحياة التي ضيعناها في العيش، ويخرج لنا ديستوفيسكي من زاوية أخرى ويقول قد توجد السعادة أحيانا في خضم الأسى والحزن.


في يوم الثلاثاء 25 مايو توفيت شقيقة زوجتي حنان بنت علي الرويعي ظهرا ووري جثمانها الثرى يوم الأربعاء، ويوم أمس الأول الثلاثاء 8 يونيو توفيت شقيقتها هيا بنت علي الرويعي ظهرا ووري جثمانها الثرى يوم الأربعاء أيضا، وكأن الحياة تعطينا تفصيلا كاملا لما يدور خلف حوائطها المسورة وتهمس في آذاننا أن الحياة البشرية تفرض علينا قبول الأزمة وتحمل الضربات الحديدية التي تعصر قلبنا.


في بعض الأوقات نقول قد نجد في الحزن أمرا عاديا غدا، وسنحاول أن ننتزع الفرح من الحياة لنغمر به صدرنا، لكنه لا يصل إلى صدورنا الكئيبة إلا متحولا إلى حزن وكأنه يمر في معمل كيميائي وبطريقة آلية يتحول الأبيض إلى أسود ويعصرنا بعنف.


رحلت حنان وتبعتها هيا بعد 14 يوما بالضبط، وسنمضي نحن في هذا العالم الذي يحيا سائرين نحو اللحن الأخير وهو الموت، فالموت نهاية النهايات، وعلينا تقبل الحياة بآلامها وقسوتها والرصاص المجهول الذي لا نعلم مصدره، رحلت حنان وهيا ولا نستطيع إلا أن نغمض أعيننا وننظر إليهما ونبكي بصمت وبكلمات تخنقنا وتخوننا بشكل أفجع من الفجيعة نفسها.. لقد اعتدت على الذكريات المؤلمة ولتمضي الحياة كما تشاء.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية