+A
A-

كيف نغرس حب القراءة في نفوس الناشئة بعد أن أصبحت مهجورة؟

القراءة طريقة مثالية للتخلص من الجهل والتزود بالعلم والثقافة، وتظهر الإنسان من الظلام إلى النور، كما أن أول كلمة في القرآن الكريم نزلت هي كلمة: “اقرأ” بقوله تعالى: “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِكَ الَذِي خَلَقَ”.


وهذا أكبر دليل على أهمية القراءة في حياة الفرد ليتعامل مع المجتمع، ويعرف كيف ينتقي كلماته وطريقة تواصله مع الآخرين، فهي مصدر لنمو الفرد وهي ضرورة من ضرورات الحياة.


في الآونة الأخيرة أصبحت القراءة مهجورة بعض الشيء عند الناشئة، وفي هذا التحقيق سنعرض آراء لمجموعة من الأشخاص في مختلف المجلات العلمية من مملكة البحرين حول موضوع كيف نغرس حب القراءة في نفوس الناشئة؟


هواية مفيدة
الشاعر والكاتب طلال المالود ”إن حب القراءة عادة حميدة، وهواية مفيدة، تتحول مع الوقت إلى حاجة ماسة للإنسان بحيث تكون جزءًا حيويًا من حياته، ولكي تكون كذلك، لابد أن نضع بذرتها منذ الصغر، بالقدوة الحسنة، والتشجيع الدائم، والتعويد عليها، وجعلها ضمن البرنامج اليومي“.


وأضاف أن من الضروري جدًا وجود مكتبة في المنزل، متاحة للناشئ، وتحوي ما يستهويه من كتب، وما يحبه من مواضيع، مع التنوع في المجالات، حتى يكون له الخيار في قراءة ما يستثير فضوله.


وقال ”إن جعل الكتاب مكافأة من المكافآت، يجعل الكتاب شيئًا ثمينًا، واقتناءً نفيسًا، لتصير القراءة متعة غامرة، إذ يتعلق الناشئ بالكتاب ويحبه، ويكون رفيقه الدائم أينما ذهب، ويشعر بالراحة معه. وبهذا تصبح القراءة حياة، ويمسي الكتاب مؤنسًا. فخير جليس في الزمان: كتاب، كما قال المتنبي العظيم“.


تيسير القراءة
بسمة البلوشي مدرب وكوتش معتمد استشاري تربوي ومقيم في جودة التعليم ”إن القراءة هي المصدر الأول والرئيس لكسب المهارات الأساسية في الحياة، وقد يتمكن الإنسان في ظل الظروف الخاصة بوضعه وإمكاناته من تطويع القراءة لتكون على أشكال متنوعة، كالقراءة الإلكترونية، أو السمعية والمرئية وتوظيف الكتب الناطقة، كل هذه التسهيلات لتيسير القراءة على الجميع ومن ضمنهم الأطفال والفئات الخاصة“.


وأكدت ”لنغرس محبة القراءة في النفوس يجب علينا أولا تذليل العقبات وتسهيل الطرق التي قد يتخذها البعض ذريعة لعدم القراءة. فنوفر لهم الكتب المرئية عن طريق القصص والأفلام والمسرحيات، والمسموعة منها عن طريق التسجيل الصوتي وتلخيص الكتب الموجودة في الانترنت، وشراء الكتب المناسبة لكل مرحلة عمرية كالكتب المصنوعة من القماش أو الورق المقوى المناسبة مع قدرات الطفل على حملها. وعلى ولي الأمر قضاء الوقت المناسب مع الطفل كل يوم من عمر الصغير، وقراءة القصص له وتمثيلها وربطها بواقع يعيشه لتجعله متحمسا لمعرفة الأحداث“.


وقالت ”إن الأطفال يتعلمون بالمشاهدة، فعندما يرى الطفل كل من حوله مهتما بالقراءة سيثير ذلك فضوله ويجعله راغبا في تجربة هذا العمل المثير، وإن مناقشة الأطفال الأكبر سنا والمراهقين في فكرة الكتاب ومضمونها وتحديهم في شرحها وتوظيف بعض الأنشطة، كأن نطلب منهم قراءتها لنا أو تلخيصها أو مقارنتها بكتاب آخر يجعل القراءة تنافسية خصوصا إذا كان الكتاب ذا معنى لهم وقاموا باختياره بأنفسهم“.


الحرية
أمينة الرويعي رئيسة جمعية كلنا نقرأ ”سأتحدث عن تجربتي الشخصية، لكي أحبب الأشخاص بالقراءة، يجب عليهم الاعتياد على وجود الكتاب في المنزل، ووجود الكتاب في أي مكان، فعندما كبرت كان الكتاب بالقرب من فراشي، فكانت والدتي تقرأ لي رواية، وكثيرا ما شدتني وبعثت فيني التساؤل لحب القراءة أكثر، ولأتعرف على شخصية الكاتب نفسه وحياته ومواقفه، فبعض الأحيان يأتيني فضول. وعندما نسمع شخصا يقرأ أو عندما تبدأ القراءة منذ الصغر ينشأ حب الفضول وحب الاطلاع والمعرفة، وهي من الامور المهمة التي تجعل القارئ يندفع وراء القراءة.

ويجب إعطاء الطفل الحرية في اختيار الكتب الذي يعجبه من نواح عديدة من شكل الكتاب أو الغلاف أو الألوان والعنوان، فتكون له مسافة من الحرية أن يقرأ ويطلع دون أي قيود، فهنا ستعزز له حب القراءة“.


وختمت “إن من أهم الأمور إعطاء الشخص الحرية للاطلاع والاستمتاع بالمواضيع التي يحب أن يسمعها، فسيحب القراءة أكثر وستكون لديه مساحة من الحرية لتكوين عالمه الصغير، فالقراءة تجيب عن تساؤلات أي طفل أو أي يشخص يسأل عنها، ومن أهم نقاط القراءة أنها تشكل عملية الاندماج في المجتمع، فبمجرد أن يتعلم الفرد القراءة سيصبح شخصا لديه أسلوب واطلاع ويستطيع أن ينخرط في المجتمع ويندمج بشكل أكبر، وأنا جدا معجبة بقول ألبرتو مانغويل عندما كتب في كتاب تاريخ القراءة، وقال: إن القراءة بمثابة اكتشاف حاسة جديدة وكيف أن الأمور ليس بالنظر للأشياء من حوله ليحس فيها ويدركها لا بل يتخيلها من خلال قراءته ويتحسس بها بأذنه أيضا، فعندما يقرأها على نفسه يفهمها، ومن الممكن أن الاستماع يجذب الطفل لكي يقرأها بشكل أكبر“.

تحقيق طالبة الإعلام: أمل سلمان بودندن - جامعة البحرين