بِضْعُ ما تندّر به الكثيرون عن جائحة العصر "كورونا"، أنْ ليس هنالك أيّ مشعوذ أو ساحر قادر على مواجهة هذا المرض أو معالجة ضحاياه، وأنّ الأغنياء بكثير أموالهم وكبير ثرواتهم لا يمتلكون مناعة أقوى من الفقراء، وأنّه باستطاعتنا قضاء متنوع إجازاتنا في منازلنا دون أنْ يكون السفر شرطاً حتى وجد العديد منّا ذاته والغرض من حياته بعد أنْ أصبح لديه الوقت الكافي داخل غرفته، وأنّ الكوادر الصحية تستحق منّا الكثير مقابل ما يكسبه أساطير الفن وأبطال المغامرات، وأنّ مَنْ يستحقّ التقدير والأجور العالية هم العلماء والأطباء والمحللون والمفكرون دون لاعبي الكرة والممثلين وراقصي السرك، وأنّه يمكن للرجال أن يتناوبوا أنشطة الطبخ والشطف والتنظيف اليومية داخل البيت مع نسائهم، فضلاً عن سهولة تغيير الكثير من العادات السيئة والروتين اليومي، والتي تدفع نحو الالتزام بالأنشطة الرياضية والأكل الصحي وما شابه، بل واستطاعة القيام بالمهمات الوظيفية من البيوت بأكثر إنتاجية من إنجازها في مقار العمل، فيما الأهم من كل ذلك اكتشافنا بهشاشة الحياة التي يمكن أن تنقلب رأساً على عقب في لحظة غير متوقعة!

يأتي الأكثر أهمية من كل ذلك، حين يُصَيّر مخلوق ضئيل لا يمكن رؤيته بالعين المجردة العالم إلى قرية صغيرة، واستطاع من خلالها تخطّي الحدود والانتقال من طرف العالم لطرفه الآخر في غضون ساعات قليلة بالرغم من اختلاف الثقافات والجغرافيا والتاريخ والديانة وغيرها، وهو ما حدا - في هذه الأثناء – إلى سعي شعوب من ذلك العالم إلى مكافحته وكبح جماح تفشّيه عبر خلق جبهات مضادة وخطوط أمامية لمواجهته داخلياً وخارجياً، فيما أوقع هذا الفيروس القاتل لشعوب أخرى اختلالا في المنظومات الطبية والسياسات الصحية التي أظهرت - بشكل غير متوقع ودون سابق إنذار - نقاط الضعف ومكامن الخلل فيها على مستوى أوسع من العالم؛ الأمر الذي فَرَضَ الأهمية من وجود نظام صحي قوي يعتمد على خطط الاستعدادت الطارئة ومشاريع الاستثمار في المختبرات التجريبية والمستلزمات الوقائية ضد الفيروسات والأوبئة، بما يحفظ استمرارية الحياة ويحمي قيم التضامن التي اعترتها بعض العيوب وأعطبت منظوماتها في زمن تغزو فيه العالم بلا هوادة.

نافلة: توقيع مذكرة التفاهم خلال منتدى "سانت بطرسبرغ" الاقتصادي الدولي مؤخراً بين صندوقي الثروة السيادي في مملكة البحرين وروسيا الاتحادية لإنشاء مصنع يقوم على إنتاج وتوزيع لقاح "سبوتنيك في" المضاد لفيروس كورونا – كوفيد 19 لمناطق الخليج العربي والشرق الأوسط وشمال افريقيا باعتباره أول لقاح مسجل في العالم تمّت إجازته في المملكة خلال فبراير 2021م؛ يأتي هذا التوقيع في المرحلة الرابعة ضمن سلسلة التفاهمات الدولية التي تنظوي تحت مظلة السياسات الاستشرافية المعزّزة لمكانة بلادنا الريادية في مكافحة هذه الجائحة العالمية.