العدد 4627
الثلاثاء 15 يونيو 2021
banner
جرائم الياقات البيضاء
الثلاثاء 15 يونيو 2021

بدأت الجريمة مع البشرية، حيث الخير والشر متلازمان لبعضهما. وحسب قوانين الإجرام، فإن الجريمة تأخذ أشكالاً متعددة حتى تواصل مسيرتها. والجريمة، قانونا، ارتكاب فعل جنائي بسوء نية إجرامية مع اقتران السببية، وهذه الشروط يجب أن تتوفر لنقول إن هناك جريمة. والجرائم تقليدية أو حديثة. والتقليدية معروفة للجميع بالرغم من أن بعضها قد يصعب إثباته بما لا يدع مجالا للشك. هذا يحدث، لأن بعض الجرائم وبالرغم من أنها تقليدية إلا أن الجريمة تتطور لتستمر مع الحياة. ولذا، أساليب القتل تنوعت وأساليب السرقة تعددت وأساليب الفساد تبدلت وأساليب الغش تلونت وهكذا. وعلى المجتمعات والأفراد، التعامل مع هذه الإفرازات بوعي للقضاء على الجريمة أو للسيطرة أو للحد منها ومن آثارها.  


وتطورت الحياة في شتى المناحي وصارت سهلة وسريعة بفضل التطور التقني. وفي هذا نعمة كبيرة على البشرية، ولكن هناك من يتربص لتحوير هذا التطور التقني المفيد للبشرية لمسالك ضارة بغرض إشباع ذاته الإجرامية. والعالم يتطور وهذا يقود معه الجريمة لمنافذ متطورة. ومن هذا، يظهر من يقلب النعمة إلى نقمة.  


وظهرت جرائم الياقات البيضاء، وهؤلاء مجرمون غير تقليديين، وهم متعلمون ومتخصصون  وفنيون ومثقفون ونابهون وحاذقون وأذكياء، لكنهم مجرمون في شكل إنسان بريء وهؤلاء أخطر أنواع المجرمين لأنهم في مأمن ولا يقعون في دائرة الشك لأنهم الشرفاء النبلاء نظيفو الأيادي. الغالبية من فئة الياقات البيضاء، يرتكبون جرائمهم عبر وسائل التقنية، لأنهم يعرفونها ويتقنون استخدامها، وهذه الفئة، تعتبر أخطر “مجرمي التقنية” ويرتكبون الـ “سايبر كرايمز” الخطيرة.


مجرمو التقنية ينتهجون أسلوب “تكتيك الهندسة الاجتماعية” وهذا يدل على الذكاء الخارق. ولإصابة هدف هذا التكتيك، فإنهم يتابعون الضحية متابعة لصيقة حتى يعرفون، وضعك الاجتماعي وعلاقاتك ونظرتك للمجتمع وماذا تحب وماذا تكره وأفضل الهوايات وكيفية التصرفات المالية والعائلية والعاطفية. وهذا يتمكنون من معرفته عبر تواصلك التقني اليومي المفتوح للجميع والذي يرصدونه بإحكام ويقومون بتحليل شخصيتك ونمط حياتك ونفسياتك وتفكيرك وغيره. وكما نعلم، فإن استخدامنا للتواصل الاجتماعي يتم مجانا. فهل سألت نفسك، لماذا هذا الكرم الحاتمي منهم عبر شركات الشوسيال ميديا؟ وكما قلنا متابعتهم دقيقة، حيث يرسلون لك تهنئة بعيد ميلادك الذي قد لا تذكره، أو تهنئتك بمرور سنوات على وظيفتك، أو إرسال صور قديمة لك مع الأسرة أو الأصدقاء أو في مناسبة عامة أو خاصة جدا. ومن هذا يتضح أنك “كرت” مكشوف وأن لديك “ملف” أو ملفات عندهم.


ومن هذه الملفات، يتعاملون مع كل شخص حتى يطمئن قلبه لهم ويحبهم، وعندما يشعرون بالألفة يقومون بإرسال رسائل في ظاهرها عادية لكنها مبطنة بالشر. وعندما ترد عليها يتمكنون من التأكد من الباسورد وهكذا تنفتح كل المعلومات الشخصية الخاصة بك، ويبدأون في تنفيذ إجرامهم دون أن تشعر. وهنا مكمن الخطر لأنهم معك في جيبك أو بالقرب منك وأنت لا تدري ولا تشعر بهم. فلنحذر حتى لا نكون طُعم سهل لهذه الفئة الخفية والخطيرة. 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية