العدد 4640
الإثنين 28 يونيو 2021
banner
“شارعُ النخيلِ” دون نخيل!
الإثنين 28 يونيو 2021

تتوارث الأقوال بين آبائنا عن أجدادنا بأنّ “النخلة” تلك الشجرة الكريمة التي هي أفضل الشجر وأطيبه وأحسنه، بعد أنْ جعلها الباري تعالى في كتابه الكريم مَثَلاً لعبده المؤمن بما تحوزه من فضائل عظيمة وتختّص به عن سائر الشجر بكريم العطاء ورفيع القدر وتنوع الفضائل، في اليانع من الثمار والمتنوع من الخير الذي ينبت في خَصْبِ التُرب بجميل المنظر ولذيد الثمر وكبير المنفعة التي صيّرت علاقته وطيدة ضاربة بعمقها في جذور التاريخ مع الإنسان أثناء تنقله من مكان إلى آخر؛ طمعاً في عطائها الوفير حين ذروة العلاقة ببداية “الطّلع” المتجدد فيها كلّ عام.

تجلّى هذا التمازج بين النخلة والإنسان البحريني في وثيق العلاقة التي تربطهما منذ القدم، إلى حيث كان يُوليها اهتمامه ورعايته فتقابله بكبير عطائها بما لذّ وطاب من الثمار التي يُوْدِعُهَا قوتاً له ولأسرته طوال فصول السنة، ويستفيد من سعفها لصنع منتجات حرفية متوارثة بما تُمثله من مردود إضافي له ورافد سلعي للأسواق خلال رحلة العطاء السنوية التي تُستهل بمرحلة “التنبيت” أي التلقيح، وتنتهي بمرحلة “الخَرَافْ” أي الجني بهدف التخزين أو البيع أو الأكل في موسم الشتاء. هذه الرحلة المتكررة في كل سنة؛ تسترجع ذكرياتها عند كل بحريني إلى “شارع النخيل” الشهير الذي يربط العديد من القرى في المحافظة الشمالية، باعتباره واحدا من الشوارع التي اكتسبت شهرة بين القاطنين – سواء من المواطنين أو العابرين – بكثافة أشجار النخيل وتنّوع ثمارها بين ضفتيه على امتداده الكبير الذي يبدأ من أطراف غرب محافظة العاصمة حتى شمال غرب المحافظة الشمالية.

هذا الشارع الذي ينال حظّه من التطوير - بين الفنية والأخرى - بعد أنْ عكفتْ وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني على تنفيذ خدمات البُنَى التحية وإجراء التحسينات على شبكات الصرف الصحي وزيادة طاقتها الاستيعابية من خلال إنشاء محطتي الضخ وإنشاء الخطوط الرئيسية الناقلة وغيرها من المشروعات التي تلبي احتياجات وتطلعات المواطنين والمقيمين وتقديم أفضل الخدمات من جانب، إلا أنّه من جانب آخر شهد تراجعاً مطرداً – وفق التقارير الرسمية – في حجم المسطحات التجميلية والمساحات الخضراء نتيجة حركة التّقطيع والتوسع العمراني، فضلاً عن زيادة ملوحة التربة والمياه العذبة وتراجع وتيرة التشجير؛ حتى استبدل الأهالي تسميته إلى “شارع العمارات” عوضاً عن “شارع النخيل”. “المقال كاملا في الموقع الإلكتروني”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية