العدد 4640
الإثنين 28 يونيو 2021
banner
مواقف إدارية أحمد البحر
أحمد البحر
هو الخاسر.... أليس كذلك؟
الإثنين 28 يونيو 2021

كنت متوجهًا صوب مكتبي عندما أوقفني أحد الزملاء قائلاً: آسف أستاذ ولكنه لم يعد مكتبك فهناك مسؤول آخر يشغله الآن سألته باستغراب: ماذا حدث؟ هل هو انقلاب في الهيكل التنظيمي؟ أجابني دون أن يرفع رأسه: لا أدري أستاذ ولكنها تعليمات الإدارة.

كانت تلك إحدى وسائل التطفيش التي يمارسها مديري باقتدار. جلست على مكتبي الجديد بين زملائي ومرؤوسي. يجب أن أتكيف مع هذا الوضع. لا سكرتير، لا مكتب خاص، لا امتيازات....

تابع محدثي: هل استطعت التكيف؟ بصراحة لا. فبعد أسبوع واحد تقريبًا دخلت مكتب المدير لأبلغه قراري بالاستقالة. لم يستطع المدير إخفاء شعوره بالفرح فقد بانت علامات ذلك على وجهه وبدون أن يقرأ تفاصيل الاستقالة ختمها بموافقته.

وفي الحال قام بإبلاغ نائب المدير العام بذلك وكأنه إنجاز كبير لإدارته. تابع محدثي قائلا:

لا أستطيع أن أقنع نفسي بصواب قراري ذاك. كان قرارًا متسرعًا تنقصه الحكمة والتروي والخبرة في التعامل مع مثل هذه الأمور. هذا القرار جعلني حبيس المنزل لفترة طويلة. كنت ضحية تصرفات ومعاملة غير عادلة من قبل المدير أدت إلى اتخاذ قرار غير حكيم من قبلي. تابع محدثي: تلك التجربة خلقت لدي شعورًا عظيمًا بالإحباط واليأس وفقدان الثقة بنفسي. كنت مخلصًا في عملي كان أدائي مميزًا حسب تقييم المسئولين ولكنها الغيرة المهنية وشخصية ذاك المدير الغريب وغير السوية.

قال محدثي: كلما أردت التقدم لوظيفة شدني الماضي وتلك التجربة التي مررت بها فأتراجع. وبقيت على هذه الحال حتى أخبرني أحد الأصدقاء بأنه قدم أوراقي لإحدى المؤسسات المعروفة وطلب مني حضور المقابلة الشخصية. ترددت كثيرًا فالتجربة الماضية لازالت تلاحقني. قال الصديق: اترك القرار لك فأنت خير من يزن الأمور وأنت من كان يردد علينا مقولة أحد القادة:

“أن تعيش مهزومًا ومخذولاً يعني أنك تموت كل يوم”. وأنت لست كذلك، أنت رجل إرادة وإصرار. نعم نتعلم من الماضي ولكن أن يحكمنا هذا الماضي ويقيدنا فهذا شيء مرفوض.

تقول روندا بايرن في كتابها (السر): “إن الشخص الذي يوجه عقله تجاه الجانب المظلم من الحياة والذي يعيش مرارًا وتكرارًا حالات سوء الطالع والخسران وخيبة الأمل التي تنتمي للماضي فإنه يدعو ويطلب حالات شبيهة للمستقبل”. ما رأيك سيدي القارئ.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .