العدد 4641
الثلاثاء 29 يونيو 2021
banner
مكافحة المخدرات
الثلاثاء 29 يونيو 2021

الاحتفاء باليوم العالمي لمكافحة المخدرات في كل الدول، يمثل علامة بارزة للتذكير بأهمية مكافحة هذه الآفة التي تنخر في المجتمعات خاصة وسط الشباب وصغار السن. وتعاطي المخدرات، بكافة أشكالها من حشيش وبنقو وشبو وهيروين ومارجوانا مخدرة وكراك كوكايين وغيرها من الحبوب والمؤثرات العقلية التي تذهب بالعقل دون رجعة، يعتبر جريمة خطيرة مركبة مزدوجة لأن بسببها تنشأ جرائم أخرى. تتبارى الدول في اصدار قوانين تحرم وتجرم استعمال وتعاطي وتداول وبيع المخدرات بشتى أنواعها وأشكالها. وكذلك هناك المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تدعو للمحاربة الأممية والوقوف بيد واحدة في وجه هذه الجريمة الشنعاء ووجه كل من يدور في دائرتها. ولكن، وبكل أسف، ما زال خطر الجريمة يمثل “بعبعا” يطل برأسه يوميا، وهذا يقود للمزيد من الإجرام الضار بالمجتمع، وللتفكك الأسري والمشاكل التي تتعرض لها بسبب التعاطي والإدمان، والخسائر الاقتصادية التي تنجم عن هذه الجريمة بسبب عدم الإنتاج وضعفه بل انهياره لدى فئات شابة وأياد قوية تحتاج لها المصانع والمزارع والمدارس والقائمة تطول.

ونقول، ليس بالقانون وحده تتم السيطرة والمحاربة الكاملة لهذه الجريمة. نحتاج للجميع للوقوف معا للمحاربة، نحتاج للبيت والأسرة وكل من في الحارة والأزقة، نحتاج للتربية في المدارس وزرع القيم النبيلة، نحتاج لكل المجتمع لخلق ثقافة مجتمعية تبرز الوجه الأسود لهذه الجريمة الشنيعة ومن يرتبط بها بأي شكل كان. نحتاج للتعاون عبر الحدود مع الدول المجاورة ومع كل العالم شرقه وغربه شماله وجنوبه، نظرًا لأن هذه الجريمة عابرة للدول وللقارات وتدخل كل مكان دون جواز سفر أو تأشيرة دخول، بل تدخل في خفاء تام ملفوفة بالسواد النتن. وبالطبع، فإن مروجي المخدرات يتعلمون من الأخطاء ويستفيدون منها عبر انتهاج طرق جديدة وبديلة لارتكاب جرائمهم وتوزيع بضاعتهم المخدرة، وهذا بدوره، يتطلب المزيد من الحذر والوعي وتطوير أساليب الكشف والمتابعة والمراقبة والتحريات حتى نقودهم لحتفهم وعقابهم عبر القوانين النافذة.

العقاب لجزء كبير من هذه الفئة، يحتاج لوقفة للمساعدة في تجاوز محيط الجريمة والخروج منها متعافيا سليما تعود بالفائدة للنفس والأسرة والبلد. ولذا، ننادي بضرورة الاهتمام بتقديم المعالجة النفسية الصحيحة لكل متعاطي المخدرات وتقديم الدعم المعنوي والعلاجي والنفسي لهم، لأنه اتضح وجود “غشاوة” وعدم وضوح الرؤيا لديهم عند بداية التعاطي، والكثير يقولون هذا ويؤكدونه. ومثل هؤلاء يحتاجون للإنقاذ والإرشاد والتوجيه السليم حتى تزول الغشاوة ويرتد إليهم عقلهم ووجدانهم السليم.

كما ذكرنا، فإن جرائم المخدرات مركبة مزدوجة، وكمثال، مروجو المخدرات بدورهم يرتكبون جرائم غسل الأموال لتبييض وتنظيف الأموال القذرة الآتية من بيع المخدرات والمتاجرة فيها، وكذلك يرتكبون العديد من الجرائم الإلكترونية السبرانية عبر “الإنترنت الأسود” الذي يقيمونه بأنفسهم لارتكاب المزيد من الجرائم بعيدا عن الأعين والمراقبة، وهذا يقود لعالم أسود مليء بالإجرام والأعمال المبتذلة الكريهة. وعليه، نلاحظ صدور توجهات جديدة من المنظمات الدولية التي تحارب جرائم المخدرات وغسل الأموال، وهذه التوجيهات تنادي بتخصيص جزء كبير من غرامات عوائد جرائم غسل الأموال، لإنفاقها في علاج متعاطي المخدرات بأفضل السبل. وفي هذا فائدة مزدوجة تتمثل في العقاب والإصلاح والتقويم النفسي، وهنا تتمثل روح القانون وفلسفته في خدمة المجتمع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .