العدد 4642
الأربعاء 30 يونيو 2021
banner
الإدارة الإستراتيجية منهجا للمستقبل الأمني
الأربعاء 30 يونيو 2021

الإدارة الإستراتيجية والتخطيط الإستراتيجي ركيزة أساسية تعتمد عليها الكثير من المنظمات والمؤسسات سواءً على النطاق الحكومي أو الخاص، وقد اتخذت العديد من الدول المتقدمة الإدارة الإستراتيجية والتخطيط الإستراتيجي منهجا علميا في جميع تعاملاتها، وقد بدأت هذه التجربة تتعمق وتتضح بعد سلسلة من التجارب التي أثبتت مع الوقت نجاعتها في تحقيق الأهداف المستقبلية، ودون هذه الخطط الإستراتيجية، فإن العمل مهما كانت جودته إلا أنه لن يحرك ساكنا إن لم يصحبه تخطيط إستراتيجي يضمن له التطور وتحليل الموقف الحالي والمستقبلي، أي أن التخطيط والإدارة الإستراتيجي مهمة جدا، فلا جودة عمل دون تخطيط دقيق لمعرفة الطريق السليم والسبيل القويم للأداء.

ولعل أهم المحاور المرتبطة بالإدارة الإستراتيجية هو ارتباطها الوثيق بالرؤية المستقبلية والاستشرافية، حيث إن ذلك يمهد لواضعي الإستراتيجية تحقيق عناصر المبادرة لتفاعل المنظمة مع بيئتها الداخلية والخارجية، الأمر الذي ييسر وضع وصياغة الإستراتيجية بقدر كبير من الدقة وتوقع الأحداث المستقبلية والتنبؤ بما ستكون عليه بيئة المنظمة في المستقبل، وهذا كله يصب في المساهمة في كيفية التعامل الفعال وتوقع الأحداث المستقبلية وتوفير الضمانات للاستمرار والتطور وتدعيم الرؤية الصائبة عن المعطيات المستقبلية ودقة توقعاتها بما يحقق الأهداف التنموية، إلى جانب أن الإدارة الإستراتيجية تعمل على إحداث التغيير والحد من مقاومته وتحسين قدرة المنظمات على التعامل مع المشكلات وتحقيق التفاعل البيئي في المدى البعيد وتدعيم الأداء وتحسينه.

وإذا ما نظرنا بمنظور الإدارة الإستراتيجية في المجال الأمني، نجد أن الإدارة الإستراتيجية لها من النجاعة والضرورة القصوى لبناء هيكيلية الأجهزة الأمنية في أي بقعة من العالم، وذلك لكون عمل الأجهزة الأمنية على مستوى عالٍ من الأهمية في حياة المجتمعات؛ لأنها تمثل صمام الأمان لها، وبنجاح هذه الأجهزة الأمنية في تحقيق ذلك فإنه لدلاله على التقدم الحضاري، وما إذا نظرنا إلى عمل الأجهزة الأمنية بشكل عام نجد أنها تقوم على نمط متشابك من المهام، وتقوم على مكافحة العديد من الجرائم، فضلا عن جهودها الحثيثة في غرس قيم الوقاية من الجريمة، والتعامل مع العديد من الثقافات لتعدد التركيبة السكانية الآيديولوجية والثقافية، وفي ظل عدم وجود إستراتيجية واضحة ومكتوبة وتقوم على أسس علمية سيكون من الصعب رصد الحالة الراهنة الواقعية لمستويات الأمن في المجتمع، وتحديد الأهداف المستقبلية فضلا عن غياب جانب تحسين الأداء وتحقيق ما تصبو إليه الأجهزة الأمنية وفي المقام الأول خفض معدلات الجريمة بطبيعة الحال، وبذلك فإن الإدارة الإستراتيجية والتخطيط الإستراتيجي ضرورة قصوى لبناء هيكلية الأجهزة الأمنية ومؤسساتها، حيث تضمن الإدارة الإستراتيجية الفعالة تطوير الكوادر البشرية وتحديد الأهداف بدقة وتوضيح المسارات والسيناريوهات المتبعة لتحقيق تلك الأهداف، إذ تعتبر الإدارة الإستراتيجية من المنطلقات الأولى في صناعة المستقبل، إذ إن الإدارة الإستراتيجية تكفل مواجهة المشكلات الإدارية وتحيلها للتحليل ليقوم على أساسها التخطيط الإستراتيجي الذي يضمن التكيف مع التغيرات والمستجدات التي تطرأ في البيئة الداخلية والخارجية لأي منظمة أو مؤسسة، ولاسيما إن كانت هذه المنظمة هي الأجهزة الأمنية، والتي هي بالضرورة تحتاج إلى هذا النوع من الإستراتيجيات بشكل عام، لحساسية عمل هذه الأجهزة من جهة، وللتأكيد على النأي عن العمل التقليدي للأجهزة الأمنية دون رصد وتحليل ومراقبة وقياس أداء، ومن هذا المنطلق، فإن وضع إستراتيجية إدارية استشرافية شاملة للأجهزة الأمنية من الممكن أن يمكنها من النهوض بمستوى أداء العمل ويحقق المصلحة العليا للمجتمع.

خاصة أن ربط الإدارة الإستراتيجية باستشراف المستقبل من شأنه أن يكون المحرك الأساسي لإيجاد صيغة تستخدم أدوات فعالة للتعامل مع التوجهات والمحركات الدولية والفرص والتحديات المستقبلية ووضع التصورات والحلول الاستباقية لمتغيرات وتطورات الغد على أسس علمية، ويمكن القول أن استشراف المستقبل من منطلق الإدارة الإستراتيجية هو روح وتقدم الحضارة ومفتاح التنمية وسبيل الرفعة ووسيلة لتقدم المجتمعات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية