+A
A-

فاطمة النهام: القصة القصيرة من أجمل الفنون الأدبية وهي أكثر ما أحببته

نظمت أسرة الأدباء والكتاب أمسية حوارية أدبية بعنوان (شغف الكتابة الإبداعية) عبر برنامج الزوم، حيث تم استضافة الكاتبة والقاصة البحرينية فاطمة النهام إدارة الروائية البحرينية ندى نسيم، في البداية تم الترحيب بالقاصة فاطمة النهام وتقديم سيرة موجزة عن سيرتها الذاتية ورحلتها الكتابية.

استهلت القاصة فاطمة النهام حديثها:“بدايتي كانت أولا وقبل كل شيء مع القراءة، حيث كانت هي الخطوة الأولى في مسيرتي الكتابية لأنها كانت ولا تزال عشقي الازلي، بدأت معي منذ الطفولة، كانت مكتبة العائلة عامرة بالكتب المتنوعة والقصص والروايات، وكنت منذ الطفولة أحب قراءة القصص والمجلات مثل سلسلة المكتبة الخضراء ومجلة ماجد وزكية الذكية وغيرها، ومع انتقالي إلى المرحلة الإعدادية توجهت اهتماماتي القرائية إلى القصص الاجتماعية وقصص أدب ما وراء الطبيعة وأدب الفانتازيا وأيضا أدب الخيال العلمي والأدب البوليسي.

كنت أقرأ كثيرا، أحببت روايات الكاتبة الإنجليزية أجاثا كريستي، وكنت أقرأ للأديب المصري الدكتور نبيل فاروق وأيضا للأديب المصري الدكتور أحمد خالد توفيق رحمهما الله، كانت تلك الفترة هي فترة الدراسة بالمرحلة الإعدادية والثانوية، بعدها بدأت معي بوادر الكتابة الإبداعية حيث كتبت رواية من أدب ما وراء الطبيعة (تنتمي إلى الرعب القوطي)، كتبتها وأنا ذات ستة عشر سنة وطموحي هو أن اطورها وأعمل على تنقيحها ومن ثم طباعتها وإدراجها للقراء ضمن أدب اليافعين، كما استمريت في مسيرتي الكتابية منذ ذلك الوقت حيث كتبت مقالات وخواطر وقصصا قصيرة نشرتها خلال المرحلة الثانوية بجريدة أخبار الخليج صفحة بريد القراء وصفحة بأقلام القراء، كان يشرف على الصفحة الأستاذ عبد الله سلمان ولا أزال أحتفظ بها إلى الآن في ألبوم خاص، كما سعيت جاهدة على أن أستمر في الكتابة وعلى أن أحقق حلمي بأن تكون لي مؤلفات وإصدارات والحمد لله بأنني وفقت في إصدار مجموعتين قصصيتين في عام واحد (يوميات اخصائية اجتماعية) و (مقهى الموت).

ـ مفهوم القصة القصيرة ما هو؟ وما سبب اختيار فاطمة النهام لكتابة القصة القصيرة؟
القصة القصيرة من أجمل الفنون الأدبية وهي أكثر ما أحببته سواء على صعيد قراءاتي المتعددة أو بمسيرتي الكتابية، القصة القصيرة تعتمد على عناصر مهمة كالعنوان والمدخل والعقدة والحل وأيضا على عناصر الزمان والمكان والشخصيات، ومن المهم أثناء صياغتها التكثيف والاختزال والتقليل من الوصف ومراعاة التسلسل المنطقي للأحداث واثراؤها قدر الإمكان بالحصيلة اللغوية، كما تعتمد على تحديد الفكرة والايقاع السريع وتوالي الاحداث وتجنب التكرار.


أما عن سبب اختياري لكتابة القصة القصيرة هو حبي لهذا اللون الادبي الجميل وثقتي بقدرتي على كتابة القصة القصيرة فكل انسان له قدراته الخلاقة في الابتكار والابداع والاستمرار، وكل كاتب له ذائقته الخاصة في اقتناء ما يهوى من فنون الأدب، فالكاتب هو من يحدد منذ البداية ما هو اللون الادبي الذي يفضله، أين يستطيع أن يوظف قدراته ليولد ابداعا؟ في أي قالب؟ هل سيصبه في قالب القصة القصيرة أم الرواية أم الشعر؟


فأنا أحاول جاهدة على أن أستمر وأنجح في كتابة القصة القصيرة وأسعى من خلال كتاباتي أن تلامس شغاف القلوب لأنني أرى أنه أجمل ما تقدمه القصة هو التأثر والتأثير، تأثر الكاتب واقتناعه فيما يكتب والتأثير في المحيطين به، كما أنني أرى بأنه أجمل ما يميز القصة القصيرة أيضا هي النهايات المفتوحة، أو النهايات الصادمة غير المتوقعة وهذا ما انتهجه عادة في كتابة قصصي القصيرة.

ـ حدثينا عن إصداراتك، مشاركاتك الأدبية، مراكز الفوز والجوائز التي حصلت عليها.
أصدرت مجموعتي القصصية الأولى (يوميات اخصائية اجتماعية) عام 2020م، صدرت المجموعة عن دار يافا العلمية للنشر والتوزيع بالمملكة الأردنية الهاشمية، هي عبارة عن حصيلة تجاربي في ميدان العمل المدرسي، بالأحرى في مجال العمل الارشادي، حيث طرحت من خلال هذه المجموعة عدة قضايا اجتماعية مزجت بحبر الخيال حفاظا على حقوق الشخصيات، سلطت من خلالها الضوء على مواقف إنسانية مؤثرة ضحيتها أطفال وفتيات في عمر الزهور، تنوعت القصص بين قضايا اجتماعية وإنسانية أبرزها (فئة مجهول الأب ـ الإهمال والتفكك الأسري ـ الخيانة الزوجية والطلاق)، المجموعة تحتوي على ست قصص قصيرة وهي: (اغتيال طفولة ـ وردة القلب ـ أبي الحبيب ـ الخائن ـ شمعة لا تذوب ـ وطفلة على الهامش).


هذا ملخص ابنتي أحد القراء لمجموعتي القصصية (يوميات اخصائية اجتماعية): (قصص اجتماعية من البيئة البحرينية نسجتها اخصائية اجتماعية مخلصة ومفعمة بالمشاعر الإنسانية لتنقذ أطفالا أيتاما ومجهولي الأبوين وضحايا الإهمال والتفكك الأسري، اجبرتهم الظروف على تحمل أشياء لا ذنب لهم فيها فتكون ملاكا نزل إلى الأرض لينير الدروب لهؤلاء الأبرياء).


أما بالنسبة عن إصداري الثاني (مقهى الموت) فهو يحوي على ثلاثة عشر قصة قصيرة وهي (الجمجمة ـ الحذاء القديم ـ الغرفة رقم (9) ـ حقيبة السفر ـ ورود البنفسج ـ أمل ـ المرأة الاخطبوط ـ الشهيدة ـ غرفة الكشف رقم (7) ـ عازفة الكمان ـ السكينة ـ ثوب النشل ومقهى الموت).


مقهى الموت عبارة عن مجموعة قصصية منوعة من أدب ما وراء الطبيعة وأدب الفانتازيا كما احتوت المجموعة على قصص اجتماعية من البيئة البحرينية والعربية ومن البيئة الأجنبية، تناولت من خلالها بعض التجارب لحالات إنسانية مثل (فئة الايتام ـ العنف الاسري ـ التشوه الخلقي ـ التنمر  من المجتمع والصراع النفسي بين عدم تلبية حاجات تحقيق الذات والتقدير من الاخرين).


أما عن مشاركاتي الأدبية فلقد حصلت على تكريمات متعددة من قبل منتديات ثقافية وأدبية الكترونية وحوارات ولقاءات.


ـ برأيك.. كيف يطور الكاتب من مسيرته الأدبية؟
أن يستغل وقته بالقراءة فالقراءة هي أنجح مشروع لأي كاتب لأنها تغذي العقل وتسمو بالروح وتعرفنا على ما يدور من حولنا من قضايا متعددة وثقافات وتسافر بنا إلى البلدان حيث نراها بين سطور ما نقرأ، كما أننا من خلال القراءة نتزود بمهارات السرد القصصي وتنقلنا إلى عوالم جميلة وتزودنا بخزينة لغوية جيدة، كما يستطيع الكاتب أن يطور من مسيرته الأدبية من خلال المشاركات باللقاءات والحوارات والأمسيات الأدبية والثقافية سواء من خلال الحضور أو إدارة هذه الحوارات فالعالم الآن أصبح قرية صغيرة ووسائل التواصل الاجتماعي متعددة ومتاحة بشكل كبير.


أيضا أن يستمع الكاتب إلى آراء ووجهات نظر النقاد وقراءة الدراسات النقدية للقصص ومتابعة كل ما يستجد في الساحة الأدبية، المشاركة في المسابقات الأدبية حيث أنها تشجع الكاتب على الاستمرار والعطاء وزيادة الثقة بالنفس وتحقيق الذات والوصول إلى الرضا النفسي والشعور الجميل بالنجاح والانجاز.

ـ ما أهمية النقد بالنسبة للكاتب؟
النقد هو العجلة التي توجه مسيرة الكاتب، فكل كاتب يحتاج إلى النقد لأنه من خلاله يكتشف نواحي القوة والضعف، فإن وجدت نقاط القوة يحافظ الكاتب على مستواه الأدبي ويستمر في الصعود إلى الأعلى، أما إن وجدت نقاط الضعف يسعى بدوره حينها إلى التعديل والتحسين والتطوير.


طالما أن الكاتب يمتلك الموهبة والشغف عليه أن يستمر ولن يستطيع برأيي أن يبقى منحصرا في أجواء الكتابة دون ان يطرح أعماله لآراء النقاد، ويجب أن يتحلى بالروح التي تتقبل الآراء وأن تكون لديه سعة الصدر، فالكاتب مهما بلغ به الابداع منتهاه يبقى ليتعلم وينهل من مناهل العلم والمعرفة، كذلك بالنسبة عن الناقد يجب أن يكون نقده مبني بناء موضوعيا للوصول إلى تحقيق الهدف، تماما كعالم الأنثروبولوجيا فهو حينما يدرس مجتمع ما ينقل صورة ذلك المجتمع كما هو، فلا يقحم رأيه الشخصي في أن يعبر عن اشمئزازه من نمط حياة ذلك المجتمع أو أن يعبر عن استيائه من سلوك ما، الخلاصة هو أن ينقل الواقع كما هو.


بعض أعمالي الأدبية عرضتها على بعض النقاد حيث أعدت الدكتورة أمل بورشك دراسة نقدية حول كتابي (يوميات اخصائية اجتماعية) وقام مؤخرا الكاتب والناقد البحريني الأستاذ زكريا رضي بتقديم أمسية نقدية حوارية حول قصتي (غرفة الكشف رقم 7) الفائزة بمهرجان همسة لدولي للآداب والفنون بجمهورية مصر العربية، كما قدمت الشاعرة المصرية إيمان صبري بشناق أيضا قراءة في كتابي يوميات اخصائية اجتماعية وكذلك القاص والمترجم الأستاذ مهدي عبد الله حيث قدم انطباعات وآراء حول نفس المجموعة وأيضا القاص والكاتب محمد أبو حسن، كما قام أيضا الكاتب حبيب حيدر بعمل قراءة في قصة غرفة الكشف رقم 7 شاكرة لهم على ذلك، كما تواصل معي الأستاذ علي الحداد بخصوص إحدى كتبي وهو يشتغل حاليا أيضا على عمل دراسة أو قراءة للكتاب شاكرة له.

ـ ما هي خططك المستقبلية في مسيرتك الأدبية؟
أتمنى أن أشتغل على إصدار سلسلة قصصية لكتاب (يوميات اخصائية اجتماعية) لأنقل للقراء قصص النجاح والاخفاق في العالم الارشادي، فكتاب يوميات اخصائية اجتماعية هو كتاب أدبي كتب بأدوات مهنية، والحالات التي نتابعها كإخصائيين اجتماعيين تحتاج إلى أن يسمعها القراء ويأخذون منها العبرة والعظة، الإنسان لم يأتي إلى الدنيا شيطانا هو خلق أصلا على فطرة المحبة والخير، والظروف البيئية والتنشئة الاجتماعية كان لها النصيب الأكبر في أن ترسم للأبناء تلك الأقدار التي ليس لهم يد فيها.


كما أطمح أيضا بأن أكتب مجموعة قصصية جديدة ومنوعة ذات أفكار مبدعة تتناول قضايا المجتمع وقصصا أخرى من أدب الفانتازيا وما وراء الطبيعة، كما أتمنى أيضا أن أخوض تجربة كتابة الرواية لأنني أشعر أنني أمتلك نفسا روائيا، وأيضا كتابة رواية لأدب اليافعين وتجميع مقالاتي الاجتماعية والتربوية في كتاب بعنوان (مائة مقال اجتماعي وتربوي)، أيضا إعداد وكتابة انطباعات وقراءات في القصص القصيرة لأدباء وكتاب البحرين، وترجمة إصداراتي إلى لغات أجنبية.


كما أطمح أيضا إلى أن أتعامل مستقبلا مع مخرجين بحرينيين بتوظيف قصصي إلى أعمال ومسلسلات درامية وتلفزيونية، وبحكم عملي اختصاصية إرشاد اجتماعي أولى وحاصلة على درجة الدبلوم العالي في علم النفس الارشادي أطمح إلى إعداد دراسة نفسية تطبق في البيئة البحرينية.