+A
A-

الحج.. فريضة الإسلام وشعيرة الإيمان

في هذه الأيام تشتاق قلوب المؤمنين، وتحنُّ أفئدتهم، وتتجه أنظارهم إلى مكة، حيث تقام شعيرة الحج، تلك الشعيرة الغالية على قلب كل مسلم، والتي يهون عنده في سبيل الوصول إليها كل غال ونفيس، فكم من مسلم بقي سنوات طويلة يجمع الدرهم إلى الدرهم، وهو يمني النفس بقضاء هذه الفريضة العظيمة قبل الموت.

الحج شعيرة من شعائر الإسلام، ومبانيه العظام، فهو ركن الإسلام الخامس، وهو واجب في العمر مرة واحد على من استطاع إليه سبيلا، قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}، قال ابن كثير رحمه لله: "وقد وردت الأحاديث الكثيرة المتعددة بأنه أحد أركان الإسلام ودعائمه وقواعده، وأجمع المسلمون على ذلك إجماعا ضروريا، وإنما يجب على المكلف في العمر مرة واحدة بالنص والإجماع".

وللحج فضائل كثيرة، منها:

أنه سبب لمغفرة الذنوب، قال صلى الله عليه وسلم: (من حج لله فلم يرفث ولم يصخب، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)، وقال صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص: (أما علمتَ أن الحجَّ يهدم ما كان قبله؟).

ومنها أنه سبب لدخول الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: (والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)، وقال صلى الله عليه وسلم: (ما أهلَّ مُهلٌّ قط إلا بُشِّر بالجنة).

ومنها أن الله سبحانه وتعالى يباهي ملائكته بأهل الموقف، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟).

ومنها أن الحجيج ضيوف الرحمن سبحانه وتعالى، قال صلى الله عليه وسلم: (الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله؛ دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم).

ومنها أن الحج من الجهاد في سبيل الله، فقد قالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: (لكن أفضل الجهاد: حج مبرور).

ومن فضائل الحج أنه من أفضل خصال الإسلام، سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: (الإيمان بالله وحده، ثم الجهاد، ثم حجة برَّة تفضل سائر العمل كما بين مطلع الشمس إلى مغربها).

ومنها أن الإكثار من الحج والعمرة ينفيان الفقر، قال صلى الله عليه وسلم: (تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد).

وفريضة الحج دائمة مستمرة حتى بعد ظهور الفتن العظام ففي الحديث: (ليحجن هذا البيت، وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج)؛ فإذا قبض الله أرواح المؤمنين في آخر الزمان ولم يبق على الأرض إلا شرار الخلق الذين تدركهم الساعة وهم أحياء توقف الحج، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت".

وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على استعجال الحج والمبادرة إليه فقال: (من أراد الحج فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة).

ومن أراد الحج ونواه بصدق وعجز عنه كتب له أجر نيته، قال صلى الله عليه وسلم للصحابة وهم في طريق عودتهم من غزوة تبوك: (إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم، إلا شركوكم الأجر) قالوا: يا رسول الله؛ كيف وهم بالمدينة؟! قال: (حبسهم العذر).

نسأل الله سبحانه أن يمن على جميع المسلمين بالحج إلى بيته الحرام، وأن يتقبل من الحجيج حجهم، ويردهم إلى أهليهم سالمين غانمين.