+A
A-

تخلص من خوفك عند التحدث أمام الناس.. على طريقة هاوكينز

يتكلم الدكتور ديفيد هاوكينز في كتابه "السماح بالرحيل" عن الخوف من التحدث أمام الناس وهو من أكبر المخاوف والأكثر شيوعًا.

يقول هاوكينز: "كطبيب متدرب أشعر برهبة من التحدث أمام الجمهور، وهناك صوت بداخلي يزيد شعوري بالخوف عند الوقوف أمام الزملاء لتقديم حالة مريض، وبسبب التمسك بهذه الفكرة بأنه يتحتم عليَّ تقديم حالة مريض في اجتماع الموظفين، وبعد قراءة فقرات صغيرة عن الحالة، بدأ الصوت فعلًا يتعلثم وبدأ يضعف تدريجيًا حتى توقف نهائيًا، فالخوف الرهيب الذي كان عالقًا في الذهن قد سيطر بالفعل.

وتابع:"تسببت هذه الحادثة في تعزيز شعوري بالرهبة من التحدث أمام الجمهور، ومنذ حينها لعدة أعوام سيطر عليَّ نظام التفكير (لا أستطيع التحدث أمام الجمهور). ولهذا تجنبت كل مناسبات التحدث أمام الناس، وكانت النتيجة هي خسارة لتقدير الذات، وتجنب النشاطات والحد من الأهداف. وبدأ الخوف يتشكل بصور مختلفة فصار النظام الاعتقادي يقول: (لا أُريد أن أتحدث؛ قد أبدو متحدثًا فاشلًا ومملًا).

وفي النهاية أتت مناسبة كان من الضروري التحدث فيها باجتماع عام، وكانت فرصة للجلوس والتحلي بالشجاعة لمواجهة الخوف، وجاء دور الحوار الداخلي:

ما أسوأ احتمال قد يحدث؟ حسنًا، قد أشعر أني ممل بصورة فظيعة، فتذكرت كل المقالات المملة التي قدمها الآخرون، ما جعل من الممكن تقبل فكرة أنك ممل وأن فكرة الخطابات المملة شائعة فهذه ليست نهاية العالم، وبذلك تم السماح للفكرة بالرحيل، وجاء اليوم المحتوم وكتبت الخطاب على ورقة، لذلك كان كل ما يجب علي فقط قراءة البحث بصوت خافت وممل، إلا أن المهمة أخيرًا أُنجزت.

وأضاف:"إن الذات الداخلية لم تهتم بموضوع الملل، لأنه كان هناك شعور جميل بالشجاعة والقبول، فازداد تقديري لذاتي لأنه تخطى الخوف، وأصبحت أبدأ كل عرض تقديمي بجملة (أنا واحد من أكثر المتحدثين المملين، وفي الواقع ممكن أن أكون مضجرًا لأبعد حدود)، وكانت هذه الافتتاحية ترسم الضحكات على شفاه الناس وضحكاتهم تدل على القبول فيذهب الخوف". وأخيرًا بدأت أقرأ الخطابات مسبقًا حتى أصبح الحديث ارتجاليًا، ومع الخبرة تطورت مهارة التحدث أمام الجمهور، ما نتج عنها محاضرات أكثر، وهذا أتاح لي تحقيق إنجازات كثيرة، وصار هناك حضور في الإعلام المحلي وبرامج حوارية على الشاشة، وكانت هذه قفزة كبيرة من الشعور بالذعر من مجرد قراءة حالة مريض أمام عدد بسيط من المتدربين إلى الاستمتاع بالتحدث على شبكة التلفاز أمام ملايين المشاهدين".

نحن نجني فائدة عظيمة من تحرير أنفسنا من الخوف، لا تجعله عقبة في طريقك، تقبَّل وتحدَّ نفسك، وقل: "ما أسوأ شيء قد يحصل؟" نحن لم نولد متعلمين بل ولدنا لنتعلم، لنجرب، لنخطئ، لننجح، لنفشل، حتى نصل إلى ما نريد، فمهارة التحدث أمام الجمهور من المهارات التي سوف تساعدك في حياتك.

ومن قصة الدكتور ديفيد هاوكينز تعلمنا بعض المهارات للتحدث أمام الناس، وأن الممارسة والتدريب لهما دور مهم. قم بتخصيص وقت لنفسك تتحدث فيه مع ذاتك وتخبرها أنك قوي وأنك قادر، وسوف يزيد من تقديرك لذاتك وثقتك بنفسك، فمن الأفضل قبل البدء في التحدث أن تنظر إلى الحضور وتشعر بالتواصل معهم، فإن دورهم يقتصر على الهدوء والاستماع، وأرسل إليهم طاقة الحب واللطف، وحاول أن تبدأ بداية تشعرك بالهدوء، والثقة، من خلال إدخال عنصر الفكاهة إلى خطابك، فمن خلاله سوف تحصل على اهتمام الجمهور كما يفعل الدكتور ديفيد في بداية خطاباته.

وإذا كنت تلقي خطابًا من ورقة ملاحظات، احرص على معرفة ما تعنيه تلك الملاحظات، وإذا كنت ترتجل من خطابك انتبه كي لا تشرد في حديثك، ومن الأمور التي يمكن أن تساعدك أن تحاول أن تأخذ نفسًا عميقًا وتستمد منه الطاقة، وتخيل أن هذه الطاقة تدخل مع أنفاسك.

 

ديفيد هاوكينز

هو دكتور في الطب والفلسفة، وهو مؤلف ومحاضر وباحث ورائد في مجال الوعي، ومعلم روحاني، وهو الرئيس المؤسس لمعهد الأبحاث الروحانية، وظهر على برامج شبكة التلفاز والإذاعة الرئيسية وحاضر على نطاق واسع في أماكن عدة مثل كنيسة وستمنستر، ومنتدى أكسفورد، وجامعة نوتردام، وجامعة هارفارد.

ألف الكثير من الكتب وأشهرها كتاب "السماح بالرحيل"، الذي يتحدث فيها عن تحرير المشاعر، ومعرفة رسالتها وتقبلها وعدم مقاومتها، وهناك المزيد من الكتب التي ألفها الدكتور ديفيد هاوكينز وهي كتاب "تجاوز مستويات الوعي"، و"الانا الواقعية والذاتية"، و"العلاج والشفاء"، و"عين الأنا"، و"القوة مقابل الإكراه"، "النجاح هو لك"، "على طول الطريق نحو التنوير"، "عين الأنا".

الكثير من الأشخاص ومن مختلف مجالات الحياة والجنسيات يعتبرون الدكتور هاوكينز معلم الوعي المتقدم ويلقبونه بـ(معلم التنوير الأول) لأنه كرس حياته لصالح رقي حياة البشر.

الأفكار الواردة في هذه المساهمة الخارجية تعبر عن رأي المؤلف بحسب فوربس.