+A
A-

المياه والمعيشة.. انتفاضة الأحواز تُنذر بثورة شعبية في إيران

لم تعد الاحتجاجات في إيران مقتصر على عرب الأحواز الذين خرجوا رفضا لسياسات نظام الملالي الرامية لقطع المياه عنهم.

وامتدت الاحتجاجات إلى مناطق أخرى في إيران، من بينها العاصمة طهران، بالإضافة إلى مناطق الأقليات في في شرق البلاد وغربها، وذلك لأسباب عدة منها تدهور الأحوال المعيشية.

وقرأ متابعون للشأن الإيراني هذه التطورات على أنها تنذر باحتمال اندلاع احتجاجات أوسع وربما يصل الأمر إلى الثورة الشاملة في البلاد.

وخلال الأيام الماضية، خرجت احتجاجات في إقليم الأحواز ذي الأغلبية العربية جنوب غربي إيران، احتجاجا على تحويل السلطات لمجرى عدة أنهر من بينها نهر كارون الذي يعد أكبرها، بعيدا عن مناطقهم، مما ينذر بالعطش وتداعيات خطيرة أخرى.

ويمر بمحافظة خوزستان نهر كارون، الذي كان يغذي المنطقة بشكل جيد في الماضي، إلا أن سلطات طهران عملت على تجفيفه ونقل جزء من مساره إلى مناطق أخرى في البلاد، مما ترك السكان العرب يواجهون أزمة مياه.

ومحافظة خوزستان تقع ضمن منطقة الأحواز ذات الغالبية العربية الغنية بالنفط والمياه في آن واحد، لكن سكانها يعانون التهميش والاضطهاد من جانب السلطات الإيرانية.

وتفاقمت مشكلة المياه في الآونة الأخيرة، مع تحويل النظام لمياه النهر بشكل أكبر نحو مناطق أصفهان وزايندهرود، شمال شرق الإقليم العربي.

 تظاهرة في قلب طهران

وكان لافتا أن  ساحة آزادي وسط العاصمة طهران، التي تُعتبر مكاناً رمزياً لتجمهر مناصري النظام الإيراني أثناء الاحتفالات الرسمية، شهدت تظاهرة عارمة، لأبناء منطقة الأحواز العربية، من طلبة ومُهجرين إلى العاصمة طهران.

ورددوا فيها باللغتين الفارسية والعربية شعارات ودعوات لإسقاط النظام الإيراني ومنح منطقة الأحواز حُكماً ذاتياً، وقد شاركهم الكثير من الإيرانيين من غير سكان الأحواز، ورددوا شعار "مركَ خامنئي"(الموت لخامنئي).

وقالت مصادر إن السلطات الأمنية الإيرانية نشرت دوريات أمنية في جميع مداخل الساحة، وصارت تضبط السيارات الداخلة للساحة.

وذكر شهود عيان من حي "دولت آباد" ذي الأغلبية العربية من العاصمة طهران بأن الأجهزة الأمنية وقوات مكافحة الشغب الإيرانية قد كثفت من حضورها ضمن مختلف أنحاء الحي.

الأذريون يتضامنون

وفي محافظة أزربيجان الغربية، شمال غرب إيران"، انتشرت مُلصقات وكتابات جدارية باللغة التركية، تدعو لإسقاط النظام الإيراني ومساندة المنتفضين في منطقة الأحواز.

وبدا أن استخدام اللغة التركي في الملصقات أمر مقصود من سكان الأقاليم الأذرية، رفضا لسياسة التفرقة القومية التي يمارسها النظام السياسي في البلاد بين مختلف قوميات البلاد، وتفضيل الفرس على بقية المكونات.

الأكراد يخشون المصير ذاته

ثلاثة احتجاجات على الأقل، شهدتها مُدن مريوان وسنه وأورمية ذات الأغلبية الكُردية غرب إيران، إذ خرجت تجمعات احتجاجية عقب صلاة عيد الأضح الثلاثاء.

وذكر المتحدثون بأن السياسة المائية التي اتخذتها السُلطات الإيرانية تجاه الأحواز ستستخدمها عما قريب تجاه إقليم كردستان الغربي في إيران، بعد صدور أنباء عن اعتزام السلطات الإيران تحوير مجرى نهر في المنطقة نحو أرياف العاصمة طهران.

 روحاني يتهم العرب

وتنكر السلطات الإيرانية أن أغراض سياسية وراء قرارات تحويل مجاري الأنهار في الأحواز، إلى درجة أن الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني اتهم السكان العرب بالمسؤولية عما يجري من أزمة مياه في المنطقة، لاستمرارهم في زراعة الأرز المحلي.

وفي موازاة حالة الإنكار السياسي، يستمر القمع الوحشي للاحتجاجات في الأحواز ،إذ قالت مصادر محلية إن أعداد القتلى قد وصل لأكثر من عشرة، وما يقارب 200 جريح.

وتمكن ناشطون من توثيق جانب من عمليات القمع قبل أن تُقدم السلطات الإيرانية صباح اليوم على قطع خدمات الأنترنت عن كافة مناطق الإقليم.

شروط لنجاح الاحتجاجات

عضو الهيئة الإدارية لتجمع الشُبان الإيرانيين في الخارج، غفار مجيداني، قال لموقع "سكاي نيوز عربية" إنه حتى تتحول هذه الاحتجاجات إلى موجة شعبية جارفة في كل إيران يلزمها تخطي دعاية النظام الإيراني التي تركز  بأن هذه انتفاضة العرب الإيرانيين تأتي لحرمان باقي السكان من الثروة النفطية الغنية جداً في مناطقهم.

وأصاف أنه من الضروري على القوى السياسية الإيرانية المعارضة، خاصة الفارسية منها، الاعتراف بأن السلطة الحالية تمارس التميز القومي، وأن الحل يجب أن يتضمن منح حقوق العرب والأذر والأكراد والبلوش في البلاد.

وتوسع رقعة احتجاجات الأحواز، وما رافقها من تعامل أمني وعسكري قمعي معها، دفع بالرئيسين الإيرانيين السابقين أحمدي نجاد ومحمد خاتمي إلى التنديد بآليات تعامل السلطات الإيرانية مع المحتجين.

 وقال خاتمي في بيان: "لا يحق لأي جهاز أن يتعامل بالسلاح والقمع مع احتجاجات الناس بذريعة مواجهة الفوضى.. الناس مستاؤون ويحتجون بطريقة سلمية".

وفي السياق ذاته، عبر أحمدي نجاد عن تضامنه الكامل مع مطالب المحتجين، مُندداً بالسياسيات السُلطوية التي تحرم المنطقة الأغنى في البلاد من الاستثمارات والأنشطة الاقتصادية".

وقال إن ثمة توجه سلطوي وحكومي لحرمان الأحواز من أية تنمية أو إعادة إعمار البنية التحتية المُحطمة في تلك المنطقة.

تصريحات الرئيسين الإيرانيين السابقين عزاه المراقبون إلى الانقسامات بين محاور السُلطة داخل النظام الإيراني، ومن جهة أخرى إلى المخاوف من تمدد الاحتجاجات، ما يدفع السلطة لتهيئة بعض السياسيين ليكونوا قادرين على مخاطبة الشارع الإيراني وقتئذ.