معاهد “العمل” رفضت قبول أول كفيف يحصل على شهادة “ICDL” المتقدمة بالكمبيوتر
“البلاد” تحاور الشيخ الضرير: أعيش وحيدا وأعد طعامي بنفسي
أصلي الفجر بالجامع وأؤم الصلاة ثم أعود للمنزل
تأخر الموافقة على تأشيرة زوجتي
يحب الإبداع والخروج عن المألوف وخدمة الناس
حين تفقد البصر تبدأ في تعلم كل شيء من جديد
التقت “البلاد” إمام جامع الشيخ خليفة بن علي بن سلمان آل خليفة بالمنامة الشيخ أديب بشير، وهو رجل ضرير، ولكنه مثال لقصص النجاح الاستثنائية، في العبادة وكسب وصول الناس، وبناء الأسرة، والتفوق بالعمل معا، حيث كانت البداية بحصوله على شهادة البكالوريوس من الأزهر، والزواج والاستقرار، وله من الأبناء خمسة.
ويعلق الشيخ أديب بالقول “وفقت أخيرا في الحصول على شهادة (ICDL) المتقدمة في الكمبيوتر، وأنا الضرير البحريني الوحيد الذي نجح في الحصول عليها حتى اللحظة”.
وعن أسباب اختيار هذا التخصص قال “أحب الإبداع والخروج عن المألوف، كما أنه مفيد لي في مجال عملي، خصوصا في طريقة استعراض الملفات والدروس التي لدي، ولذلك فهنالك برنامج خاص بالكمبيوتر يسهل عليَّ استخدام الجهاز”.
ويتابع “حين تقدمت لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية وتقدمت بطلب الالتحاق بأحد المعاهد، طلبوا مني التسجيل بأي معهد أراه مناسبا لي، لكني فوجئت برفض الكثير منها لطلبي بعد الموافقة عليه في البداية بسبب أنني ضرير، بل إن أحد المعلمين قال (لا استطيع أن أقوم بتدريس الطلبة مرتين)”.
ويستكمل “والحل في نهاية المطاف ولله الحمد كان باكاديمية دلمون والذين قبلوني دون غيرهم، ولقد واجهت صعوبات كبيرة، لكن مديرة المعهد أمل عباس شدت على يدي وطلبت مني الاستمرار والمواصلة، وكان ذلك حتى أنجزت الأمر، وبتعاون مع أحد المدرسين في مصر، حيث كنت أتواصل معه اون لاين، ولقد أتممت الدراسة بعد عام ولله الحمد، علما أن الفترة الطبيعية لإنجاز ذلك هي ستة أشهر”.
وعن يوميات الكفيف، يسرد الشيخ أديب” الكفيف لا يختلف عن المبصر إلا في بعض المسائل وهي نعمة البصر، وأنا أصحو كل فجر لأذهب للمسجد وأأم الصلاة في المصلين، ثم أعود للمنزل من جديد، وأنا لوحدي في منزلي بسبب تأخر الموافقة على تأشيرة زوجتي، حيث أقوم بإعداد الطعام البسيط بنفسي”.
وفي سؤال لـ “البلاد” عن كيفية أداء الواجبات تجاه الأسرة والمصلين وطلبة العلم وغيرهم في ظل وجود ابتلاء العمى يردف الشيخ أديب “عانيت في البدايات أنا وإخواني الثلاثة من مشكلة العشى الليلي، ولقد تفاقمت مع دخولنا الأربعين، حيث فقدنا حينها البصر جميعا، وبشكل كلي”.
ويوضح “حين تفقد البصر، تبدأ في تعلم كل شيء من جديد، كطريقة المشي، والأكل، والتعلم، والتواصل مع الآخرين، بخلاف الكفيف منذ الصغر والذي تبرمج من حينها على التأقلم مع أمور الحياة المختلفة، وأسلوب التواصل مع الناس”.
وعن تجربته في المسجد، يلفت الشيخ أديب إلى أن “حياة الكفيف لا تفرق عن المبصر إلا في بعض الأمور، فالأمر يحتاج إلى إدارة وقيادة، وأنا عشت المرحلتين، البصر والعمى، وفي المرحلة الثانية تحديدا ستحتاج بعض المساعدين، ووصل الناس في المسجد من مصلين وطلبة العلم أمر جميل، فالمهم هنا هو صدى الكلمة نفسها”.
ويستطرد قائلا “الحاجة أم الاختراع، هو مثل ينطبق بقوة على حياة الكفيف، عبر البحث عن الآليات والتقنيات التي تسهل الأمور علي، لأسهلها في تعاملي على الناس، والأمر لا يقتصر عليّ بالمسجد بالإمامة، وإلقاء الخطب، وإنما الإجابة على تساؤلات الناس”.
وعن أكثر تساؤلات الناس يقول “أغلبها حول الأمور الحياتية، كتربية الأولاد، والتعامل مع الزوج، والعبادات والطهارة”.
وينهي الشيخ أديب بالقول “أهتم الآن بدراسة كيفية التعامل مع منصات التواصل الاجتماعي، وكيفية إدارتها، وتحويلها لمنصات تجارية تركز على التحصيل العلمي؛ لمساعدة كل كفيف إلى الاستنفاع وتكسب الفائدة منها، وأتوقع بأن كثيرين منهم سيحققون قصص نجاح كبيرة”.