العدد 4671
الخميس 29 يوليو 2021
banner
التدخلات الإقليمية والدولية في سوريا
الخميس 29 يوليو 2021

اندلعت الانتفاضة السورية في عام 2011 كغيرها من الانتفاضات العربية الأخرى التي عرفت بما يسمى بالربيع العربي، ونظراً لأهمية الموقع الجيواستراتيجي لسوريا، أخذ الصراع يتخذ طابعاً إقليمياً ودولياً، وانخرطت فيه أطراف عدة بالوكالة عن دول إقليمية ودولية، وكانت بدايته مع تشكيل التحالف الدولي في عام 2014 بقيادة الولايات المتحدة الأميركية لمواجهة تنظيم الدولة “داعش”، ثم جاء التدخل العسكري الروسي مطلع عام 2015 بطلب من النظام السوري، والذي سبقه التدخل الإيراني وحزب الله للوقوف في صف النظام أيضا، كما كان التدخل العسكري التركي المباشر مطلع عام 2016، من أجل استهداف مناطق شمال سوريا للحيلولة دون تمكن وحدات حماية الشعب الكردية من إنشاء منطقة حكم ذاتي على طول الحدود الشمالية السورية مع تركيا.

إن موافقة النظام السوري على التدخل الروسي جاء من أجل الحفاظ على النظام والحد من التدخلات الإيرانية وميليشياتها في سوريا، كما أن موقع سوريا الجغرافي يمثل أهمية كبرى لمصالح روسيا ومكانتها في المنطقة، ولأجل استعادة الدور والمكانة الدولية لها ضمن النظام الدولي الجديد بما يتيح منفذاً لأسطولها البحري في البحر الأسود وتعزيز علاقتها مع الحلفاء في منطقة الشرق الأوسط، خصوصا بعد فقدانها حلفاءها السابقين في المنطقة ولم يتبق حليف لها إلا سوريا. وفي المقابل ترى أميركا أنها بحاجة ماسة للأراضي السورية للقضاء على تنظيم الدولة ومحاصرة المحور الأوراسي بقيادة روسيا والحيلولة دون وصولها لمنطقة الشرق الأوسط، وللحفاظ على أمن إسرائيل، ولمد خطوط الطاقة من العراق والخليج عبر سوريا إلى أوروبا لكسر حاجة أوروبا للغاز الروسي.

ويبدو التدخل التركي واضحاً في شمال سوريا بغية عدم تمكين الأكراد من تكوين دولة لهم، فهي استخدمت المعارضة السورية لتنفيذ المشروع والمخطط التركي في سوريا، كما قاتلت المعارضة ضد الكرد بالنيابة عنها من أجل حماية الأمن القومي التركي وإقامة حزام عسكري بعد إجراء تغيير ديموغرافي بالقوة، كما كان لتدخل إيران وحزب الله اللبناني والميليشيات التابعة أثرا بالغا على مجريات الأحداث، حيث نجحت في إعادة تنظيم قوات النظام السوري وخوض المعارك الطاحنة في معظم مناطق التماس. الوضع في سوريا يزداد سوءاً وتعقيداً مع مرور الوقت، فمازالت الحدود التركية السورية تشهد تطورات متعلقة بالظروف الإقليمية والدولية وتفرض الكثير من الرؤى حول المشروع التركي في الشمال السوري، كما ينظر إلى المخطط الاستراتيجي الروسي الذي يتركز على حجم الاستفادة من الأحداث السياسية والعسكرية والاقتصادية، كما تعكس الأهداف الأميركية تحقيق مصالح استراتيجية مستقبلية والاستفادة من البعد الاقتصادي الدائم، وتهدف القوتين الروسية والأميركية إلى تقاسم النفوذ والاستيلاء على الأراضي السورية وبناء مصالح مشتركة مع كل الأطراف المؤثرة، مع السعي إلى استمرارية تدفق الطاقة مقابل تزويد الحلفاء المحليين بالأسلحة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .