+A
A-

يعطون الأولويات لحقوق العاملات ولكن حق المواطن ضائع

قبل‭ ‬سنتين،‭ ‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬مكاتب‭ ‬الأيدي‭ ‬العاملة‭ ‬المعروفة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استقدام‭ ‬عاملة‭ ‬من‭ ‬إحدى‭ ‬الدول‭ ‬الآسيوية،‭ ‬استقبلني‭ ‬الموظفون‭ ‬بترحيب‭ ‬وحفاوة،‭ ‬قمت‭ ‬بتعبئة‭ ‬استمارة‭ ‬الطلب،‭ ‬وقمت‭ ‬باختيار‭ ‬سعيدة‭ ‬الحظ‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الصور‭ ‬المتوافرة‭ ‬في‭ ‬ملفات‭ ‬المكتب،‭ ‬ودفعت‭ ‬مبلغ‭ ‬الاستقدام،‭ ‬وأخبروني‭ ‬بموعد‭ ‬وصولها‭ ‬المتوقع‭ ‬للبحرين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استلامها‭. ‬

أثبت‭ ‬المكتب‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‭ ‬تميز‭ ‬خدماته،‭ ‬فقد‭ ‬تلقيت‭ ‬في‭ ‬الموعد‭ ‬المتفق‭ ‬عليه‭ ‬اتصالًا‭ ‬هاتفيًا‭ ‬يعلمني‭ ‬بوصول‭ ‬“الشغالة”‭ - ‬حسب‭ ‬لهجتنا‭ ‬الدارجة‭ - ‬وفعلا‭ ‬قمت‭ ‬بإنهاء‭ ‬الإجراءات‭ ‬المطلوبة‭ ‬واستلامها‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭. ‬

باشرت‭ ‬“الشغالة”‭ ‬عملها‭ ‬بكل‭ ‬سرور،‭ ‬وتعرفت‭ ‬على‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة،‭ ‬وعلى‭ ‬زوايا‭ ‬البيت‭ ‬وأسراره‭ ‬حتى‭ ‬صارت‭ ‬وكأنها‭ ‬أحد‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭. ‬وبعد‭ ‬شهور‭ ‬قليلة‭ ‬اختفت‭ ‬سعيدة‭ ‬الحظ‭ ‬فجأة،‭ ‬وباقي‭ ‬تفاصيل‭ ‬القصة‭ ‬معروفة‭ ‬لمعظم‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬الذين‭ ‬تُلجئهم‭ ‬الظروف‭ ‬الحياتية‭ ‬لاستقدام‭ ‬العاملات‭ ‬بمبالغ‭ ‬غير‭ ‬قليلة‭ ‬نسبة‭ ‬لمدخولاتهم‭ ‬وأوضاعهم‭ ‬المالية،‭ ‬ويُدخلونهم‭ ‬بيوتهم‭ ‬ويتعرفون‭ ‬على‭ ‬أسرارهم،‭ ‬وثم‭ ‬يختفي‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬بسبب‭ ‬أفراد‭ - ‬وربما‭ ‬مجموعات‭ - ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬القانون‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬رصد‭ ‬واستقطاب‭ ‬العاملات،‭ ‬وتوظيفهم‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬أخرى‭ ‬وأعمال‭ ‬أخرى‭ ‬بعضها‭ ‬منافٍ‭ ‬للآداب‭ ‬وأخلاق‭ ‬الشعب‭ ‬البحريني‭ ‬الطيب،‭ ‬وقد‭ ‬يضطر‭ ‬المواطن‭ ‬الفقير‭ ‬بسبب‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬الموجود‭ ‬لاستقطاب‭ ‬عاملة‭ ‬أخرى،‭ ‬ويدفع‭ ‬من‭ ‬جيبه‭ ‬مجددا،‭ ‬وينتظر‭ ‬قدومها‭ ‬لفترة‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬وما‭ ‬ان‭ ‬تصل‭ ‬وتباشر‭ ‬عملها‭ ‬لأشهر‭ ‬معدودات‭ ‬حتى‭ ‬تختفي‭ ‬وتتكرر‭ ‬القصة‭.‬

وما‭ ‬يزيد‭ ‬الأمر‭ ‬سوءًا‭ ‬والطين‭ ‬بلةً‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬العاملات‭ ‬وبعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬لصالح‭ ‬الغير‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬وتجميع‭ ‬الأموال‭ ‬الحرام،‭ ‬يظهرن‭ ‬فجأة‭ ‬كما‭ ‬اختفين‭ ‬فجأة،‭ ‬ويرفعون‭ ‬قضية‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬مراكز‭ ‬الشرطة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استلام‭ ‬جواز‭ ‬السفر‭ ‬وتذاكر‭ ‬العودة‭ ‬لأوطانهن‭ ‬وحسب‭ ‬القانون‭!! ‬

هذه‭ ‬القصة‭ ‬متكررة،‭ ‬وقلما‭ ‬نجد‭ ‬مواطنًا‭ - ‬من‭ ‬الذين‭ ‬تفرض‭ ‬عليهم‭ ‬ظروفهم‭ ‬استقدام‭ ‬العاملات‭ ‬والاعتماد‭ ‬عليهم‭ ‬في‭ ‬تسيير‭ ‬شؤونهم‭ ‬المنزلية‭ - ‬لم‭ ‬تحدث‭ ‬معه،‭ ‬وهنا‭ ‬“كلمة‭ ‬عتب”‭ ‬نوجهها‭ ‬لوزارة‭ ‬العمل‭ ‬وهيئة‭ ‬تنظيم‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬الذين‭ ‬يوجهون‭ ‬الجهود‭ ‬ويعطون‭ ‬الأولويات‭ ‬لحقوق‭ ‬العاملات‭ - ‬كتخصيص‭ ‬إجازة‭ ‬أسبوعية‭ - ‬لاعتبارات‭ ‬حقوقية‭ ‬وأخلاقية‭ ‬مفهومة،‭ ‬ولكن‭ ‬حقوق‭ ‬المواطن‭ ‬وابن‭ ‬البلد‭ ‬مضيعة‭ ‬وفي‭ ‬مهب‭ ‬الريح،‭ ‬ألم‭ ‬يأتي‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬تتغير‭ ‬في‭ ‬القوانين‭ ‬المطبقة‭ ‬والتي‭ ‬تنظم‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الكفيل‭ ‬و‭ ‬العاملة‭ ‬الأجنبية‭ ‬وبما‭ ‬يحفظ‭ ‬حقوق‭ ‬الطرفين،‭ ‬وبما‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬السيئة؟

وللمواطنين‭ ‬الأعزاء،‭ ‬كلمة‭ ‬عتب‭ ‬أخيرة،‭ ‬اسألوا‭ ‬عن‭ ‬القانون‭ ‬جيدًا،‭ ‬تواصلوا‭ ‬مع‭ ‬المحامين‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الخبرة‭ ‬والكفاءة،‭ ‬وتصرفوا‭ ‬بحكمة‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭.‬

 

ياسر‭ ‬سعيد