العدد 4687
السبت 14 أغسطس 2021
banner
منذ القدم.. عاشوراء البحرين “إشعاع حضاري”
السبت 14 أغسطس 2021

لو طرح كل واحد منا على نفسه هذا السؤال :”هل أنا وعائلتي نحيي ذكرى عاشوراء هذه الأيام وفق مسؤوليتنا الشرعية والوطنية والاجتماعية؟”، لوجدنا أن المرتبة الأولى من الإجابات تتأسس على “الالتزام”.. وتتلوها مفاهيم ومقاصد لهذا الالتزام، وسنأتي عليها بصورة موجزة في حديثنا.

إن ذكرى عاشوراء الحسين “ع” في مملكة البحرين، ومنذ القدم، هي مناسبة دينية واجتماعية لها مكانتها لتمثل إشعاعًا حضاريًا عميق الأثر في استلهام الدروس والمعاني والقيم والمبادئ، وبالتالي، فهي محطة سنوية تجدد معاني إنسانية كبيرة، ولأن البحرين كما قلنا، منذ سنين قديمة لها خصوصيتها وتفردها على سائر الدول في الإحياء العاشورائي، فهي أيضًا تجمعنا كأبناء شعب واحد لنتوحد ونقوي نسيجنا الاجتماعي ووحدتنا الوطنية، بمشاركة الجميع بدءًا من القيادة الرشيدة، ففي كل عام تأتي توجيهات عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، للديوان الملكي بتوزيع العادة السنوية عن طريق إدارتي الأوقاف السنية والجعفرية على الجمعيات الخيرية والمآتم الحسينية، وهي عادة كريمة تفردت فيها البحرين على مدى سنوات طويلة.

وفي مقدمة الحديث أشرت إلى الالتزام على المستوى الشرعي والوطني والاجتماعي، ولأننا رأينا ترتيبات الاستعداد قبل الموسم، هذا العام والعام الماضي في عاشوراء من جانب الفريق الوطني الطبي لمكافحة فيروس كورونا والجهات الرسمية بمختلف اختصاصاتها، وكذلك على صعيد الأوقاف الجعفرية والمآتم والحسينيات والمواكب، وهذه الترتيبات تصب في هدف واحد، وهو حماية الجميع وسلامتهم خصوصًا مع انخفاض عدد حالات الإصابة بالفيروس والوفيات، وأول التزام شرعي في هذه الذكرى علينا جميعًا هو ألا نفرط فيما تحقق، وأن يكون التزام الجميع، وعلى رأسهم شريحة الشباب المشاركين في الإحياء، منطلقًا من مسؤولية شرعية كما أقر ودعا العلماء الأفاضل، ولهذا، فإن بضع ممارسات وتجمعات خالفت المتفق عليه، لابد وأن تعاد إلى طريق الصواب من جانب القائمين على الإحياء أنفسهم، فلغة التحدي الفارغة وتجاوز الضوابط تعرضنا جميعًا للخطر، ولا أحد يرغب في أن تعود الأوضاع والمنحنى إلى الارتفاع لا قدر لها، فهذه مسؤولية شرعية. أما المسؤولية الوطنية والاجتماعية، فنخترصها في واجبنا جميعًا كمواطنين في أن نحمي بلادنا وأهلنا بالتزامنا المسؤول، ولا يجب أن تكون بضع ممارسات وتجاوزات “غير مسؤولة” هي الأصل، بل الأصل هو الالتزام بإجراءات الدولة ودعوات الفقهاء والعلماء والخطباء الذين لم يقصروا في إيصال الرسالة بكل وضوح لحفظ الأنفس مع الإحياء بالالتزام والضوابط.

بالتأكيد، كلنا نقدر جهود اللجنة التنسيقية برئاسة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وجهود الفريق الوطني وكل الجهات التي تعمل منذ عامين بلا هوادة لحماية بلادنا، ونثني في هذا الموسم على روح المسؤولية من جانب المؤسسات الحسينية، لكن من المهم نرفع مؤشر الالتزام، ليس فقط في “عشرة عاشوراء” بل طوال موسم شهري محرم وصفر، مع تقديرنا وعرفاننا لتوجيهات قيادتنا  والعمل المبذول من جانب كل الأجهزة الحكومية، والتزام أبناء المجتمع البحريني بكل مسؤولية وجدارة.

وكما أن ذكرى عاشوراء “إشعاع حضاري” في قيمها ومعانيها، أقترح على أصحاب الفضيلة الخطباء وكذلك الرواديد، تكرار التأكيد على أهمية التزام الجميع بالإجراءات الاحترازية في كل مجالسهم، فللمنبر الحسيني أثره الكبير في ترسيخ المنافع ودرء الأضرار.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .