العدد 4706
الخميس 02 سبتمبر 2021
banner
احتواء طالبان
الخميس 02 سبتمبر 2021

كان القضاء على تنظيم القاعدة والحركات المتعاطفة والمتحالفة معه أو التي تدعمه كطالبان وغيرها هدفا جامعا لدول العالم قبل نحو عشرين عامًا، وهو الأمر الذي سهل تشكيل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية للقضاء على الإرهاب، فوجه ضرباته ومدافعه صوب أفغانستان حيث مقر هذه الحركات، ونجح في إضعاف تنظيم القاعدة وقتل مؤسسه وزعيمه أسامة بن لادن.

وبعد عشرين عامًا فوجئ العالم بمشهد مربك وسريع على أرض أفغانستان تمكنت طالبان في نهايته من إحكام قبضتها وتولي مقاليد الحكم سريعًا في هذا البلد في سيناريو لم يكن بخيال أي مؤلف.

غرابة وسرعة الأحداث ودراماتيكيتها أدت لتفسيرات متباينة وعديدة إزاء ما حدث وكيفية حدوثه وتأثيراته وأسبابه، ومن أهمها ما قاله مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، هنري كيسنجر؛ بأن الولايات المتحدة الأميركية وجدت نفسها تتحرك للانسحاب من أفغانستان دون التشاور مع الحلفاء بعد أن دخلت هذا البلد وسط دعم شعبي بعد هجمات 11 سبتمبر، ونجحت بفاعلية كبيرة وهربت طالبان إلى الملاذات، لكنها (أميركا) لم تحقق هدف إقامة دولة حديثة ذات مؤسسات ديمقراطية وحكومة دستورية.

النقطة الأهم في تحليل كيسنجر في رأيي هي تأكيده أنه لا يمكن القضاء على طالبان، لكن يمكن احتواؤها، وهو ما يعني ضرورة التعامل والعمل مع طالبان باعتبارها الجهة الحاكمة، فالمشهد الأفغاني يشير إلى أنه ستكون هناك هبة إقليمية ودولية لحجز مكان في المستقبل، والحصول على أكبر قدر من المكاسب وأخذ النصيب الأكبر من الكعكة الأفغانية المملوءة بالكثير من المغريات المادية والاقتصادية، وهو ما يتطلب ضرورة وجود تحرك إسلامي من أجل العمل على استقرار الأوضاع بأسرع وقت، وألا تترك أفغانستان وشعبها في مواجهة غير متكافئة مع أطرف كثيرة يحركها الطمع في ثروات أفغانستان ولن تعنيها مصالح شعبها، فهي بالنهاية دولة إسلامية ويجب أن تمتد إليها يد الدول الإسلامية بالعون والدعم والمساندة لتقوم دولة طبيعية تمثل إضافة للرصيد الإسلامي ولا تكون خصمًا منه أو عدوًا له.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية