العدد 4713
الخميس 09 سبتمبر 2021
banner
نقطة ارتكاز د. غسان محمد عسيلان
د. غسان محمد عسيلان
طالبان والأميركان والدرس الأفغاني!
الخميس 09 سبتمبر 2021

انسحبت الولايات المتحدة الأميركية من أفغانستان بعد 20 سنة من سيطرتها عليها، وخلال هذه المدة الطويلة أنفقت نحو 3 تريليونات من الدولارات، وكوَّنت جيشًا أفغانيًّا قوامه 300 ألف جندي أفغاني، وسلَّحتهم بأحدث أنواع الأسلحة المتطورة.

لكن حركة طالبان التي كانت تحكم أفغانستان وأنهى حكمها الغزو الأميركي (ومعها أكثر من 40 دولة أخرى) لم تستسلم، بل ظلت تحارب وتقاوم الجيش الأميركي وجيوش الدول المتحالفة معها في حلف شمال الأطلسي الذين قتلوا وأصابوا مئات الآلاف من الشعب الأفغاني إبان احتلالهم أفغانستان.

وبأعداد قليلة من مقاتلي طالبان وعتاد قليل لا يمكن أن يقارن بالترسانة الأميركية ومعها ترسانات أسلحة 40 دولة، تمكَّنت حركة طالبان من الانتصار، وأرغمت أميركا وحلفاءها على الانسحاب بعد 20 سنة، مخلِّفين وراءهم هزيمة ثقيلة وخسائر اقتصادية اعترف الرئيس الأميركي بايدن بقسوتها وثقلها على الاقتصاد الأميركي!

وبعيدًا عن الشأن العسكري، والتحليلات السياسية لهذا الحدث، حدث الانسحاب الأميركي والغربي من أفغانستان، والذي وصفته بعض الصحف الغربية والأميركية بأنه هزيمة للغرب، وربما بداية النهاية للهيمنة الأميركية، أو على الأقل توقفها عن القيام بدور شرطي العالم!

بعيدًا عن ذلك كان من اللافت للنظر أن الولايات المتحدة الأميركية طوال 20 سنة احتلت فيها أفغانستان لم تقم فيها ببناء مدرسة واحدة! ولم تنشئ مصنعًا واحدًا! ولم تشيد مستشفى واحدة لا في العاصمة كابول ولا في غيرها من المدن الأفغانية لعلاج المرضى وتضميد الجرحى!

بل حتى المطار الأفغاني مطار العاصمة، والذي كانت تستخدمه القوات العسكرية الأميركية وقوات الدول المتحالفة معها لم تطوره أميركا، وعلى مدى 20 عامًا لم تضع فيه لَبِنةً واحدة مع أنها تستخدمه هي وحلفاؤها، كل ما أهم أميركا هو الترويج لنمط الحياة الأميركي وسط الأفغان، دون مراعاة ثقافتهم وقيمهم وعاداتهم!

والسؤال المهم في الدرس الأفغاني والذي ينبغي أن نتوقف عنده هو: ما الذي قدمته الولايات المتحدة الأميركية لبناء نهضة حقيقية في أفغانستان؟!

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية