+A
A-

العبيدلي: البحرين ليست بحاجة لاستقطاب رأس مال أجنبي في الألمنيوم

رأى رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية عمر العبيدلي، أن البحرين ليست بحاجة لاستقطاب رأس مال أجنبي بقطاع الألمنيوم، خصوصًا أن شركة ألمنيوم البحرين (ألبا) تعد من أكبر منتجي الألمنيوم في العالم، إذ تنتج أكثر مما تستهلك من الألمنيوم، مؤكدًا وجود مجال أمام  الراغبين في الاستثمار في هذا المجال، مضيفًا أن مجلس التنمية الاقتصادية ركز على قطاع الصناعة، ويعتبر إنتاج الألمنيوم من شركات أجنبية ليس من الأولويات.
وتحدث العبيدلي عن أهمية الاستفادة من العقول العالمية في الشركات الأجنبية في نقل المعرفة وتوطين بعض المهارات، مؤكدًا أن اكتساب البحرينيين للمعرفة من العقول الأجنبية أهم من نسبة التوطين في هذه الشركات، مبينًا أن ارتفاع نسبة التوطين مع بقاء المعرفة محصورة في فقاعة من دون استفادة البحرينيين غير مفيدة، لافتا الى أن النسبة العادلة تعتمد على القطاع إلا أن الأهم التركيز على نقل المعرفة من العقول الأجنبية.
وقد استضاف الباحث الاقتصادي المحاضر المصرفي، عارف خليفة في بث مباشر على حسابه  عبر "الانستغرام" (@arif_khalifabh) مساء أمس الأول (الأربعاء) رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية عمر العبيدلي (@bahraineconomists) في لقاء عن أهمية الاستثمارات العالمية في البحرين.
وفي بداية اللقاء رحب خليفة بالحضور، وقدم نبذة صغيرة عن الضيف الذي يرأس حاليًا جمعية الاقتصاديين البحرينية، ويشغل منصب مدير إدارة الدراسات والبحوث في مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية "دراسات".
وعن أهمية الاستثمارات العالمية في خلق وظائف في البحرين، أوضح العبيدلي أن استقطاب رأس المال الأجنبي يلعب دورا محوريا في الرؤية الاقتصادية 2030، مشيرًا إلى وجود أكثر من نموذج عالمي للتنمية الاقتصادية، وقد اختارت البحرين نموذجا يركز على استغلال الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المملكة كوسيلة لخلق وظائف، مواصلا أن الآلية لذلك تتمحور حول قناتين؛ الأولى هي أن تستقطب الاستثمارات الأجنبية من شركات عالمية قادرة على التنافس في الأسواق العالمية التي أصبح بها تنافس شديد، مثل شركة (هواوي) وشركة (أمازون ويب سيرفيز) وشركة (أوريو)، مؤكدًا أن هذه الشركات قادرة على التنافس؛ لذلك فعندما يتم فتح منشأة في البحرين، فإنها تستطيع التنافس وخلق إيرادات وتوظيف أشخاص في البحرين، ومن بينهم المواطنون البحرينيون، فالقناة المباشرة هي أن تقوم هذه الشركات بالتوظيف.
ولفت العبيدلي إلى أن الهدف من قدوم هذه الشركات العالمية إلى مملكة البحرين هو خدمة الإقليم، وهذه الشركات تبحث عن مقرات مركزية إقليمية بغرض لوجستي، إضافة إلى ذلك فإن المملكة بها بعض الميزات مقارنة بالدول الأخرى، من بينها فتح الأسواق.
أما بخصوص ما يميز البحرين لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية والشركات العالمية، أوضح العبيدلي أنه على سبيل المثال شركة (أمازون) اختارت البحرين مقرًا لمنطقة الشرق الأوسط، وفي هذه المنطقة تفتقر بعض الدول لأبجديات الاقتصاد الحديث، ومن بينها الاستقرار الأمني، والمملكة يتوافر فيها استقرار أمني  وسيادة للقانون، وهذه النقطة ليست موجودة في كثير من الدول.
 
وجود تشريعات وحماية للملكية
وتابع من ناحية أخرى، وجود التشريعات وحماية الملكية في البحرين، فإن المملكة منذ زمن طويل لديها سمعة طيبة، فالمستثمر الخارجي عندما يستثمر داخل البحرين فإنه لن يُسرق ولن تؤخذ أمواله. كما أن المملكة لديها ميزات  نقدية، والعملة البحرينية مربوطة بالدولار الأميركي بسعر ثابت منذ بداية الثمانينات، والآن لدينا أكثر من 40 سنة متتالية من الربط الثابت مع الدولار الأميركي، وهذا يمنح المستثمرين ثقة كبيرة؛ لأن باستطاعتهم سحب أموالهم في أي وقت دون تعرضهم لخسائر كبيرة مرتبطة بتراجع قيمة العملة، في حين أن دولا أخرى في الإقليم تواجه اضطرابات كبيرة بسبب هذا الشيء، أضف إلى ذلك وجود التشريعات الخاصة بالاستثمارات الأجنبية، فمجلس التنمية الاقتصادية، منذ التأسيس، رسالته الأساسية تتمحور حول تسهيل عملية الاستثمار في البحرين، وأبسط مثال على ذلك التشريعات المتعلقة بدول مجلس التعاون.
وأوضح أن البحرين رائدة في السماح للكويتيين والسعوديين والإماراتيين وغيرهم لشراء العقارات فيها، والحصول على بطاقة هوية شخصية فيها، وكانت المملكة من أوائل الدول التي خطت خطوات في هذا المجال، كما يستطيعون فتح شركات وأنشطة تجارية في البحرين بدون وجود شريك بحريني يملك ما لا يقل عن 50 %، مؤكدًا أن هذه مجرد أمثلة، إلا أن هناك خطوات متعددة وإجراءات قانونية ومالية تمثل تسهيلات للمستثمر الأجنبي عندما ينظر إلى البحرين كمقر لشركته أو استثماره مقارنة بالدول الأخرى.
وعن مساهمة الشركات العالمية في رفع توظيف البحرينيين في مناصب قيادية وصقلهم وتوفير الشهادات الاحترافية، أوضح العبيدلي أن من أبرز أمثلة النجاح في هذا السياق هو القطاع المالي في البحرين، فهو يضم شركات بحرينية ومصارف المحلية، ولكن أيضًا هناك مصارف ومؤسسات مالية دولية تعمل ولديها فروع في البحرين، وعندما وجهت الدعوة لفتح مصرف يعمل في البحرين فإن البحرينيين في مجلس الإدارة والفريق التنفيذي يمثلون نسبة كبيرة من الموظفين، وفي بعض الأوقات فإن الفريق التنفيذي يكون بحرينيا بالكامل، وهذا يعكس بشكل كبير نجاح سياسة استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتفاعل الإيجابي بين الأنشطة أو الشركات المماثلة العاملة في البحرين وبين الشركات الأجنبية التي دخلت القطاع وخلقت وظائفَ، بشكل مستدام، مرغوبا فيها على سلم الوظائف، وتشمل رؤساء تنفيذيين ومديرين ماليين ومستشارين قانونيين إلى آخره.
وتحدث خليفة عن توجيهات سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء خلال آخر 15 سنة لتحرير سوق الاتصالات والتوجه للتكنولوجيا المالية والحوسبة السحابية وغيرها، متسائلا عن القطاعات التي أثرت الاستثمارات الأجنبية فيها إيجابيًا من وجهة نظر رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية.
 
قطاعات تأثرت إيجابيًا بالاستثمارات الأجنبية
وأكد العبيدلي أن هنالك قطاعات تأثرت إيجابيًا بالاستثمارات الأجنبية، مبينًا أن قطاع الاتصالات في فترة الثمانينات والتسعينات كان هناك انعدام بمفهوم خدمة العملاء والاهتمام بالجودة، ثم جاءت الرؤية الاقتصادية 2030 التي قامت على تحرير قطاع الاتصالات في بداية الألفية الجديدة ودخول شركة STC (فيفا سابقًا) وشركة (زين) الكويتية، ونتيجة لهذا التنافس بين الشركات وتحرير القطاع والرقابة المهنية من هيئة تنظيم الاتصالات رأينا تراجع أسعار الاتصالات وارتفاع جودة الخدمة في هذه المرحلة الأولى، إضافة إلى ذلك أصبح مستوى المملكة في البنية التحتية الإلكترونية رفيعا جدًا. وبحسب إحصائية العام 2018 فإن اتحاد الاتصالات العالمي يصنف الدول على مستوى البنية التحتية الرقمية، وجاءت البحرين في المرتبة 31 عالميًا وأعلى دولة خليجية وعربية متجاوزة بعض الدول الأوروبية ومنها إيطاليا.
وأكد أن هذه البنية التحتية الإلكترونية لعبت دورا محوريا في استقطاب شركة مثل (أمازون ويب سيرفسيز) التي تحتاج لوجود بنية تحتية رقمية على أعلى مستوى لتشغيل الخوادم (السيرفرات) والحوسبة السحابية، مواصلا أنه أثناء جائحة كورونا (كوفيد - 19)، نسبة كبيرة من الخدمات الحكومية انتقلت إلى الحوسبة السحابية والموظفون يعملون عن بعد، وجودة الاتصالات خلال الجائحة عالية جدًا، وهذا مثال واضح على أن تحرير قطاع الاتصالات قاد إلى الارتفاع في جودة البنية التحتية ومن ثم استقطاب شركة عالمية مثل شركة (أمازون).
 
أيهما أفضل الاستثمارات الخليجية أو الأجنبية
واستفسر خليفة، أيهما أفضل الاستثمارات الخليجية أو الأجنبية، متسائلا هل يعد شراء الأشقاء في السعودية والكويت للعقارات استثمارا أجنبيا أم دعما لخلق المزيد من الوظائف، وتوليد المزيد من التدفقات المالية؟ موضحا أن  البحرين لديها نوعان من الاستثمارات الأجنبية والخليجية، ولعبا دورًا مهمًا، إذ إن هناك عددا كبيرا من الأفراد السعوديين والكويتيين تملكوا عقارات خلال آخر 20 عامًا، ليس ذلك كخطة لدعم البحرين، وإنما لوجود فرص استثمارية في المملكة أو لرغبتهم في شراء عقارات للسكن في المملكة والاستمتاع بالمزايا الموجودة، وبشكل مواز للاستثمارات الفردية والتجارية للقطاع الخاص، هناك تدفقات نقدية من الدول الشقيقة (الكويت والسعودية والإمارات) في العام 2011 ضمن برنامج (المارشال الخليجي) لدعم البحرين وسلطنة عمان، وفي العام 2018 تلقت البحرين دعما إضافيا عندما واجهت بعض الصعوبات في عجز الميزانية العامة، مما أسفر عن إطلاق برنامج التوازن المالي بالتنسيق مع السعودية والإمارات، وهذه الأموال والمنح ساهمت بشكل إيجابي في تطوير البنية التحتية، بما فيها بناء الطرق والجسور. وتم تمويل بناء المطار الجديد من دولة الإمارات، وسيصب ذلك في صالح الخطة السياحية بعد الجائحة، كما ستلعب مدينة الملك عبدالله الطبية، وهي حاليًا قيد الإنشاء، دورًا مهمًا في خطة السياحة الطبية، وسيلعب الذراعان (المطار والمدينة الطبية) دورًا مهمًا في تطوير وتنمية الاقتصاد البحريني.
صناعة الأدوية في البحرين
وفي استفسار عن سبب عدم وجود شركات عالمية لصناعة الأدوية في البحرين وكيفية استقطابها، أوضح العبيدلي أنه تمت أخيرا صناعة لقاح (كورونا سبوتنيك) في البحرين لخدمة الإقليم، وهناك بوادر وبدايات استقطاب لشركات الأدوية، ولكن يجب أخذ عاملَين بعين الاعتبار، العامل الأول هو أن شركات الأدوية ليست من الشركات التي سعت الحكومة إلى استقطابها، إذ تم اختيار قطاعات استراتيجية تشمل قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وقطاع التصنيع وقطاع السياحة وغيرها، مشيرًا إلى أن هذه القطاعات الاستراتيجية لا تشمل قطاع الأدوية، وكان تركيز الحكومة على قطاعات أخرى وهذا لعب دورًا. أما العامل الآخر فإن شركات الأدوية تحتاج بيئة فكرية خاصة تتميز بتواجد العلماء الكيميائيين؛ لذا فإن هذه الشركات تؤسَّس بالقرب من جامعات عالمية مثل مدينة كامبريدج في بريطانيا، ومدن مشابهة في أميركا وسويسرا وفرنسا، مشيرًا إلى أن البحرين على الرغم من الجهود التي تبذلها الجامعات البحرينية، إلا إنتاجها في مجال الكيمياء التخصصية لم يصل إلى مستوى استقطاب العقول لتشغيل شركات أدوية على غرار شركة (فايزر) وغيرها.