العدد 4722
السبت 18 سبتمبر 2021
banner
كيف يمكن تحويل البحرين لوجهة للرعاية الصحية والسياحة العلاجية؟
السبت 18 سبتمبر 2021

أثارت الزيارة التي قام بها الأمين العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس إلى مملكة البحرين مؤخرًا والتي افتتح من خلالها مقر المنظمة الأممية في البحرين، وأشاد بتجربة مملكتنا الحبيبة في التصدي للجائحة العديد من التساؤلات وأوجه النقاش البناء لدى العديد من المعارف والأصدقاء من المهتمين بالشأن الاقتصادي.

وقد بادرني بعضهم بتساؤلات مفادها كيف يمكن للبحرين أن تستثمر هذه الزيارة التاريخية على صعيد الترويج لإمكانات الرعاية الصحية؟ وكيف يمكننا أن نستفيد من هذه الزيارة اقتصاديًا؟ وهل يمكن للبحرين أن تكون وجهة مثلى للرعاية الصحية والسياحة العلاجية إقليميًا وعالميًا؟

وغيرها من تساؤلات متوقعة لربما تشغل الرأي العام والمعنيين بالشأن الاقتصادي والصحي والسياحي.

إن مثل هذه التساؤلات الجادة تتطلع إلى مصلحة الوطن والمواطن، وتسعى لتلبية الطموحات في تنمية قطاعات جديدة تحفز النمو الاقتصادي وهو ما من شأنه أن يقودنا إلى طرح ونقاش بناء وعلمي عن إمكانات وفرص البحرين في أن تعزز من نمو القطاعات غير النفطية وزيادة دورها في الناتج المحلي الإجمالي.

وفي البداية، نود أن نشير إلى أن قطاع الرعاية الصحية والسياحة العلاجية قد شهد تحولًا وتنوعًا عالميًا على مستوى الخيارات، ففي سنين وعقود خلت كان هذا القطاع يركز على اجتذاب المرضى من الدول النامية الذي يقصدون الدول ذات المنظومة الصحية المتقدمة في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية؛ نظرًا لما تحظى به من تفوق نوعي في مختلف الخدمات الصحية، وقد اختلف الوضع حاليًا وصار قطاع السياحة العلاجية يستقطب الأشخاص من الدول المتقدمة إلى عدد من المراكز الجديدة الصاعدة في الدول النامية لعدد من الأسباب منها انخفاض الكلفة والاستفادة في الوقت ذاته من المقومات السياحية الجذابة للوجهة التي تتم زيارتها، إلى جانب توافر البنية التحتية اللازمة لهذه السياحة العلاجية والاستجمام، كما بات وجود الخدمات المتخصصة في السياحة العلاجية إلى جانب المنظومة الصحية المتكاملة من الأمور الأساسية التي تعزز من جاذبية وتنافسية البلدان التي يقصدها الزوار والسياح للأغراض آنفة الذكر.

ووجود مثل هذه العوامل بشكل تناسبي يقف وراء تقدم بعض الوجهات الإقليمية في هذا المجال مثل تايلند وماليزيا والهند وتركيا، وكذلك بعض دول المنطقة التي نوه بأدائها مؤشر السياحة العلاجية العالمي الصادر مؤخرًا مثل الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، إلى جانب وجهات عالمية معروفة مثل كندا وسنغافورة واليابان واسبانيا وبريطانيا.

ولكن يا ترى ما أبرز المزايا التي يتمتع بها قطاع الرعاية الصحية في المملكة وهو ما أهله لاحتضان مقر منظمة الصحة العالمية؟ وكيف سينعكس ذلك على إمكانات تطوير السياحة العلاجية؟ يمكننا أن نجزم أن هنالك العديد من المزايا التي ينعم بهذا القطاع الصحي في البحرين ومنها وجود الكوادر المتخصصة والمتميزة في القطاع الصحي والحاصلة على مستوى عالٍ من التعليم والتدريب، كما تحتضن المملكة العديد من المرافق الصحية كالمستشفيات والمراكز الصحية، مع توافر عدد من الكليات والجامعات التي لها سمعة مرموقة إقليميًا وعالميًا، والتي تدعم تنمية القطاع الصحي واستدامته من خلال رفده بالبحوث والدراسات والتجارب السريرية.

أما المقومات السياحية عموما فهي جيدة وترتبط بعدد من العوامل الثابتة المتعلقة بالموقع الجغرافي، والبنية التحتية السياحية المتطورة التي تضم فنادق من مختلف الفئات ومنتجعات سياحية وعلاجية إلى جانب المواقع الثقافية التي حازت على اعتراف “اليونسكو”، إلى جانب كون التكلفة المعيشية في البحرين معقولة وتنافسية بالمقارنة مع عدد من الأقطار المجاورة والعالمية.

إن تنمية هذا القطاع المتخصص تحتاج أولًا إلى وجود استراتيجية خاصة به على مستوى المملكة تتطلب تكريس الجهود لتحفيز الاستثمار في هذا القطاع وأن يتم توجيه هذه الجهود لتطويره وتنميته، مع وضوح الهدف ووجود التصور المستقبلي لموقع البحرين في خارطة السياحة العلاجية العالمية واتجاهات وتدفقات الاستثمارات في هذا القطاع والقطاع الصحي عموما.

وثانيًا يحتاج هذا القطاع الفرعي إلى وجود مؤسسات للتنظيم والرقابة متخصصة في مجالات السياحة العلاجية أكثر وأن تكون متفرغة لذلك، ويتسم عملها الرقابي والإشرافي بالمرونة لتسريع اتخاذ القرار وتفعيل الإجراءات.

وأخيرًا، لا بد أن يشهد هذا القطاع تركيزًا على جهود استقطاب الاستثمارات بين مختلف الجهات المعنية مع الترويج إقليميًا ودوليًا للإمكانات المتاحة لدى المملكة.

وإن كانت مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي عموما قد تراوحت ما بين 6 إلى 7 %، إلا أن تطوير قطاع السياحة العلاجية سيظل أحد الخيارات التي من الممكن للمملكة أن تستثمر فيها لتعزيز دور السياحة والقطاع الصحي في التنمية الاقتصادية، وخلق وظائف نوعية في السوق المحلية في مرحلة ما بعد الجائحة، وهذا الموضوع متاح على الطاولة البحث.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .