+A
A-

يوسف إنجنير... رائد حفر المياه الجوفية بالبحرين والخليج

‭ ‬في‭ ‬ثلاثينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬حينما‭ ‬كانت‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬لسد‭ ‬احتياجاتها،‭ ‬كان‭ ‬يوسف‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬“إنجنير”‭ (‬1912‭ - ‬1991‭) ‬عامل‭ ‬حفارة‭ (‬آلة‭ ‬حفر‭ ‬آبار‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭) ‬تابعة‭ ‬للإنجليز،‭ ‬لكن‭ ‬القدر‭ ‬كان‭ ‬يخفي‭ ‬لذاك‭ ‬الشاب‭ ‬العصامي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬النجاح‭ ‬والتطور‭ ‬لخدمة‭ ‬موطنه‭ ‬ومنطقته‭ ‬ككل‭. ‬لقد‭ ‬أطلق‭ ‬الإنجليز‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الشاب‭ ‬لقب‭ ‬“إنجنير”‭ (‬المهندس‭)‬،‭ ‬في‭ ‬اعتراف‭ ‬منهم‭ ‬بالمستوى‭ ‬المتقدم‭ ‬الذي‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬كأول‭ ‬حفار‭ ‬خليجي‭ ‬متخصص‭ ‬في‭ ‬مجاله،‭ ‬ليبقى‭ ‬هذا‭ ‬اللقب‭ ‬في‭ ‬عائلته‭.‬

مع‭ ‬مرور‭ ‬سنوات‭ ‬الخبرة‭ ‬الطويلة،‭ ‬شرع‭ ‬إنجنير‭ ‬في‭ ‬مشاريعه‭  ‬بامتلاك‭ ‬حفارته‭ ‬الخاصة‭ ‬ليمارس‭ ‬مهنته‭ ‬النبيلة‭ ‬في‭ ‬سقيا‭ ‬السكان‭ ‬بالبحرين‭ ‬والخليج‭.‬‭ ‬أخذ‭ ‬الراحل‭ ‬يتنقل‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬لحفر‭ ‬آبار‭ ‬المياه‭ ‬العذبة،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬شيوخ‭ ‬البحرين‭ ‬يبعثونه‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬مثل‭ ‬الكويت‭ ‬والسعودية‭ ‬وعُمان‭ ‬والإمارات‭ ‬لحفر‭ ‬آبار‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭. ‬كما‭ ‬قام‭ ‬بتركيب‭ ‬مصانع‭ ‬للثلج‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬المنطقة،‭ ‬وعلم‭ ‬بعض‭ ‬مواطنيها‭ ‬قيادة‭ ‬السيارات‭.‬

في‭ ‬أبوظبي،‭ ‬التقى‭ ‬المرحوم،‭ ‬بالراحل‭ ‬المقيم‭ ‬الشيخ‭ ‬زايد‭ ‬بن‭ ‬سلطان‭ ‬آل‭ ‬نهيان،‭ ‬والراحل‭ ‬الشيخ‭ ‬شخبوط،‭ ‬حيث‭ ‬طلبوا‭ ‬منه‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬المياه،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يجدها‭ ‬هناك،‭ ‬فلم‭ ‬يعجز‭ ‬وواصل‭ ‬البحث‭ ‬عنها‭ ‬ليعثر‭ ‬عليها‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬العين،‭ ‬فكانت‭ ‬أخبارا‭ ‬سارة‭ ‬للإخوة‭ ‬الإماراتيين‭.‬

يقول‭ ‬ابنه‭ ‬خالد‭ ‬إنجنير‭ ‬“بعد‭ ‬عودة‭ ‬الوالد‭ ‬للبحرين،‭ ‬استمر‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬حفر‭ ‬الآبار‭ ‬الارتوازية‭ ‬حتى‭ ‬منتصف‭ ‬ستينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬إذ‭ ‬قام‭ ‬بحفر‭ ‬غالبية‭ ‬الآبار‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬وقرى‭ ‬البحرين،‭ ‬كما‭ ‬قام‭ ‬بإنشاء‭ ‬حجر‭ ‬تفصل‭ ‬النساء‭ ‬عن‭ ‬الرجال‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬الآبار”‭. ‬

وأضاف‭ ‬إنجنير‭ ‬الابن‭ ‬”أمر‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬الأمير‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬الستينات،‭ ‬بأن‭ ‬يتم‭ ‬حفر‭ ‬عين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬قرية‭ ‬من‭ ‬قرى‭ ‬البحرين‭ ‬لتوفير‭ ‬المياه،‭ ‬وحينها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬مياه‭ ‬في‭ ‬المنازل،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬يتم‭ ‬نقلها‭ ‬بطريقة‭ ‬يدوية،‭ ‬فقام‭ ‬الراحل‭ ‬بحفر‭ ‬عيون‭ ‬في‭ ‬القرى‭ ‬مع‭ ‬تشييد‭ ‬الخزانات‭ ‬والمرافق‭ ‬التي‭ ‬تتيح‭ ‬التزود‭ ‬بالمياه‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬نقلها‭ ‬للمنازل،‭ ‬وكانوا‭ ‬يستعينون‭ ‬برافعة‭ (‬بابكو‭) ‬لرفع‭ ‬الخزانات‭ ‬لمستويات‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضخ‭ ‬المياه‭.‬

تولت‭ ‬الحكومة‭ ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬عمليات‭ ‬الحفر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البلديات؛‭ ‬لينهي‭ ‬إنجنير‭ ‬بذلك‭ ‬عهد‭ ‬عمليات‭ ‬الحفر‭ ‬الذي‭ ‬بدأه‭ ‬واشتهر‭ ‬به‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭.‬

تكللت‭ ‬مسيرة‭ ‬الراحل‭ ‬بتأسيس‭ ‬مجموعة‭ (‬يوسف‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬إنجنير‭ ‬القابضة‭) ‬ومن‭ ‬أنشطتها‭ ‬النقليات‭ ‬والتجارة‭ ‬العامة،‭ ‬كما‭ ‬قام‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬الخيرية‭ ‬داخل‭ ‬البحرين‭. ‬شارك‭ ‬الفقيد‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬صندوق‭ ‬التعويضات‭ ‬التعاوني‭ ‬للتأمين‭ ‬على‭ ‬السيارات‭ ‬حينما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬شركات‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬تأمين‭ ‬المركبات‭.‬

ومن‭ ‬المعالم‭ ‬البارزة‭ ‬التي‭ ‬تخلد‭ ‬ذكراه،‭ ‬مركز‭ ‬يوسف‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬إنجنير‭ ‬الصحي،‭ ‬بوسط‭ ‬مدينة‭ ‬عيسى‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬السوق‭ ‬الشعبية،‭ ‬وتم‭ ‬تشغيله‭ ‬رسميا‭ ‬في‭ ‬20‭ ‬يناير‭ ‬2013‭. ‬رحل‭ ‬مؤسس‭ ‬مجموعة‭ ‬يوسف‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬إنجنير‭ ‬عن‭ ‬دنيانا‭ ‬الفانية‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1991،‭ ‬وقد‭ ‬واصل‭ ‬أبناؤه‭ ‬المسيرة‭ ‬الحافلة‭ ‬لوالدهم‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬بمختلف‭ ‬الاختصاصات‭ ‬والمجالات‭.‬