شدني عنوان الكتاب الذي كان يقرأه فقرّرت إيجاد الفرصة المناسبة للتحدث معه بشأنه. لم أحاول إزعاجه فقد كان صاحبي في غاية الاندماج ومعايشة مادته وأقصد مادة الكتاب. أقنعت نفسي بالانتظار فالرحلة طويلة إلى وجهتنا، وهذا يمنحنا الكثير من الوقت للتحدث عن ذلك، خاصة وأنه كان كما يبدو في صفحاته الأخيرة. قرّرت الانتظار رغم جاذبية عنوانه وإعجابي الشديد بمؤلفه فهو أحد القامات المعروفة في علم الإدارة.
 وضع الكتاب جانبًا والتفت نحوي قائلًا: ما رأيك؟ ربما قرأ علامات الاستغراب على وجهي فقد اعتذر بلباقة الدبلوماسي وتبادلنا بطاقات العمل Business Card. بعد قراءة متأنيّة للبطاقة قال: إذًا سؤالي كان للشخص المناسب، فكلانا يشتغل في مهنة الإدارة. أجبته: نحن كذلك نعم، ولكن ماذا كنت تقصد بسؤالك المفاجئ عن رأيي؟ رأيي في ماذا؟ نظر إليّ وبابتسامة قال: ما رأيك في مقولة جاك ويلش أن نجاح المدير يكون بتعيين من هم أفضل منه؟ أجبته قائلاً:
 كنت أنتظر الوقت المناسب للتحدث معك عن الكتاب الذي تقرأه. أنا قرأت أكثر من كتاب لهذا المؤلف أو عنه. كتاباته مميزة فهو يحاكي الواقع بتجارب ومواقف خبرها وعايشها خلال رحلته العملية. أما عن رأيي في تلك المقولة فأنا من المؤمنين بتطبيق محتواها ولكن...! قاطعني صاحبي: نعم. ولكن ماذا؟ ثم تابع: أنا أعرف مدى حساسية هذا الموضوع.. إنه ليس أمرًا سهلًا أن توجد لك وبإرادتك من يمكن أن يكون منافسًا لك وربما يستحوذ على جزء من الأضواء وبالتالي اهتمام الإدارة العليا!.
 كنت أنصت لصاحبي بكل اهتمام وهو يتحدّث عن تجربته الإيجابية في هذا المسار قلت بعدها: يبدو أننا نتّفق في الرأي فالمصلحة العامة للمؤسسة تأتي أولًا ومن حق هذه المؤسسة أو تلك أن تحصل على أفضل الكوادر البشرية وعلى المدير أن يعي هذه الحقيقة ويسندها عمليًّا دون النظر إلى المصلحة الشخصية. وأضاف صاحبي في حماس: القائد الإداري يعرف ويدرك أن تعيين الأفضل والأكفأ في إدارته يجعله لا يخرج عن دائرة التعلم والتدرب المستمر لتطوير قدراته.
 سيدي القارئ قد نتفق على حقيقة أخرى مهمة من تعيين الأفضل منا وهي أنها التحرر من الـ “أنا” واحتضان الـ “نحن” ما رأيك؟