+A
A-

وزير الخارجية يلقي كلمة مملكة البحرين في المناقشة العامة للجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورة السادسة والسبعين

ألقى سعادة الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، وزير الخارجية كلمة مملكة البحرين في المناقشة العامة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وجاء فيها

 

بسم الله الرحمن الرحيم
صاحب المعالي السيد عبدالله شاهد،
رئيس الدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة،
أصحاب المعالي والسعادة رؤساء الوفود،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

يسرنا السيد الرئيس أن نهنئكم على انتخابكم رئيساً للجمعية العامة في دورتها الحالية، متمنين لكم التوفيق والنجاح في إدارة أعمالها. كما ونشكر معالي الرئيس السابق السيد فولكان بوزكير على جهوده التي بذلها في إدارة أعمال الدورة الماضية وبكل كفاءة واقتدار.


السيد الرئيس، 
يصادف هذا العام الذكرى الخمسون لانضمام مملكة البحرين، إلى منظمة الأمم المتحدة، ونحن فخورون، قيادة وحكومة وشعبا، بما أنجزناه مع هذه المنظومة الدولية، من تعاون وتشارك والتزام لتحقيق أهداف ومقاصد الأمم المتحدة لخدمة الانسانية جمعاء، معربين عن تقدير مملكة البحرين للتعاون الوثيق القائم مع الأمم المتحدة، مؤكدين العزم على مواصلة المساهمة في أنشطة منظمة الأمم المتحدة ودعم جهودها وتوجهاتها الخيرة لصالح دول العالم، وحماية حقوق البشر في الأمن والسلم والاستقرار والازدهار.

السيد الرئيس،
نقف اليوم حضوريا في هذه القاعة، ونحن نشهد أولى خطوات التعافي من جائحة كوفيد19 بعد أن عُقدت دورة العام الماضي بشكل افتراضي، الأمر الذي برهن على أن التعاون الدولي والشراكة العالمية أمران ضروريان للتعامل مع مخاطر هذه الجائحة، ومكافحة تأثيراتها على سلامة وصحة الإنسان.

إن مملكة البحرين، بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى وتوجيهاته السديدة، حرصت على أن تكون على أهبة الاستعداد التام لمواجهة تداعيات هذه الجائحة، وتسخير كل الإمكانات والجهود لحماية المواطنين والمقيمين على حد سواء، وتقديم الرعاية الصحية اللازمة للجميع دون تمييز.
كما شكلت الجهود الوطنية بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، دوراً رئيساً في سرعة الاستجابة ووضع الاستراتيجيات الاستباقية وخطط التعامل مع كافة السيناريوهات، وذلك قبل الإعلان عن أول حالة في المملكة في فبراير 2020 واتخاذ كافة الاجراءات لوقاية المجتمع من خطر الجائحة. كما اتبعت المملكة استراتيجية "التتبع، الفحص، العلاج" لحصر المخالطين والحد من انتشار الفيروس في المجتمع وذلك بمتابعة الفريق الوطني الطبي للتصدي لفيروس كورونا الذي تم تشكيله لوضع خطط وبروتوكولات التعامل مع مسارات ومستجدات الفيروس. 

وبالإضافة إلى ذلك تم وضع استراتيجية إعلامية متكاملة للتعامل الإعلامي الأمثل لمواجهة التحدي بكافة السيناريوهات المتوقعة استباقيًا وآنيًا، كما تم اعتماد آلية الإشارة الضوئية لمستوى انتشار فيروس كورونا، التي تعد آلية متقدمة وواضحة المعايير وتتكون من أربعة مستويات، ويتم على أساسها فتح أو إغلاق القطاعات المختلفة في مملكة البحرين مع الحفاظ على حرية الحركة والتنقل، وابقاء كافة المنافذ الجوية والبرية والبحرية مفتوحة طوال فترة التصدي للجائحة.
 
لقد قامت مملكة البحرين بإعطاء أكثر من مليونين وخمس مائة ألف جرعة من التطعيم المضاد لفيروس كورونا للمواطنين والمقيمين بشكل مجاني، ونجحت حملتها الوطنية للتطعيم في تطعيم 74.8٪ من إجمالي السكان حتى أغسطس الماضي، و 93% من اجمالي السكان المؤهلين لأخذ التطعيم، كما أجرت البحرين أكثر من ستة ملايين فحص PCR ، وهو واحد من أعلى عدد من الاختبارات للفرد في العالم، بالإضافة إلى ذلك فقد كانت مملكة البحرين سباقة فيما يتعلق بالكثير من بروتوكالات العلاج المتعلقة بالفيروس.

لقد طبقت مملكة البحرين سلسلة من الإجراءات التي استهدفت حماية صحة المواطن والمقيم من جانب، والحفاظ على الاقتصاد ومعيشة المواطن من جانب آخر، حيث تم إطلاق حزمة مالية واقتصادية تجاوزت قيمتها 4.5 مليار دينار بحريني (حوالي 12 مليار دولار أمريكي) أي ما يعادل ثلث الناتج المحلي الإجمالي لمملكة البحرين، تهدف إلى إسناد القطاعات الاقتصادية المتضررة جراء الجائحة، والقطاع الخاص والمواطنين ودعم الأجور وحماية الوظائف.

كما عززت مملكة البحرين من جهود التعاون والتنسيق المشترك مع منظمة الصحة العالمية لمواجهة تداعيات هذه الجائحة الطارئة. ونحن فخورون بأن منظمة الصحة العالمية أعلنت المنامة أول مدينة صحية لإقليم الشرق الأوسط .

السيد الرئيس،
تؤكد مملكة البحرين على أهمية الدور المحوري لمنظمة الأمم المتحدة في معالجة القضايا الدولية الحيوية، وتعزيز أسس الأمن والسلم الدوليين من أجل خير البشرية، مؤكدين التزام المملكة بكافة المواثيق والقوانين الدولية، والعمل على تحقيق أهداف الأمم المتحدة ومقاصدها.

وتعمل بلادي على تعزيز التعاون والشراكة مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان في المملكة، وتقديم كامل الدعم لجهودنا في هذا المجال. 

وقد وقعت وزارة الخارجية مؤخرا إعلان نوايا مع مكتب المنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة لدى مملكة البحرين للمشاركة في إعداد الخطة الوطنية لحقوق الإنسان، التي نأمل أن تكون اطارا جامعا وشاملا للمبادرات والمشاريع والأهداف التي تعتزم حكومة بلادي تنفيذها في مجال حماية حقوق الإنسان.

لقد حرصت بلادي على تعزيز وحماية حقوق الإنسان التزاما منها بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وعملت في هذا السياق على النهوض بالمرأة البحرينية، وادماج احتياجاتها في المسار التنموي لضمان تطبيق مبادئ تكافؤ الفرص والمساواة، بما في ذلك المساواة في الرواتب والأجور، لتحقيق شراكة متكافئة لبناء مجتمع تنافسي مستدام. 

وحافظت مملكة البحرين على مركزها في الفئة الأولى بالتقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية المعني بتصنيف الدول بمجال مكافحة الاتجار بالأشخاص، وللسنة الرابعة على التوالي. 

كما أقرت حكومة بلادي قانونا للعقوبات البديلة شكل نقلة نوعية في الإصلاح والتأهيل، حيث جاء منسجماً مع السياسات الجنائية الحديثة في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان.

السيد الرئيس، 
حرصت حكومة بلادي على أن يكون برنامج عملها ورؤيتها الاقتصادية متماشين مع أهداف التنمية المستدامة والركائز والسياسات والمبادرات الرئيسية المراد تحقيقها لصالح الإنسان باعتباره محور التنمية وغايتها الأساسية، وذلك من خلال أولويات ثلاث تتمثل في: تعزيز الثوابت الأساسية للدولة والمجتمع، والاستدامة المالية والتنمية الاقتصادية، وتأمين البيئة الداعمة للتنمية المستدامة.

وقد وقعت وزارة الخارجية مع مكتب المنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة لدى مملكة البحرين، اتفاق إطار التعاون الاستراتيجي والتنمية المستدامة، تعزيزا للتعاون المستمر والمتنامي بين مملكة البحرين والأمم المتحدة في مختلف المجالات والمستويات. 

السيد الرئيس، 
تشارك مملكة البحرين المجتمع الدولي اهتمامه بالتغير المناخي وتأثيراته على حياة الإنسان، والجهود التي تبذل للتخفيف من آثاره على البيئة. وفي هذا الإطار نعرب عن تطلعنا إلى مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ cop-26)). 

كما وضعت حكومة بلادي خُطة متكاملة لزيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة في المملكة، ضمن إستراتيجيتها للتنمية المستدامة، وخفض الانبعاثات الكربونية، ومواكبة للمساعي الدولية لمواجهة تغيّر المناخ، وذلك في ضوء توجيهات جلالة الملك المفدى بتطوير الوضع البيئي والمناخي في البلاد.

ونؤكد في هذا السياق دعم مملكة البحرين للمبادرة السعودية الرائدة في هذا الخصوص، وهي "مبادرة السعودية الخضراء"، و"مبادرة الشرق الأوسط الأخضر". 

السيد الرئيس،
تستمر منطقة الشرق الأوسط في حالة انعدام الاستقرار والأمن، وتعاني شعوب عدد من دولها ظروفا صعبة جراء الحروب والأزمات والصراعات الدائرة فيها، والتي تسببت في فقدان الأرواح وتشريد ملايين اللاجئين والنازحين، وتدمير المدن والقرى والبنى التحتية، فتحولت حياة تلك الشعوب الى مأساة مؤلمة ومعاناة يومية أبعدت فرص السلام والأمان والاستقرار.

إن مملكة البحرين تدعو المجتمع الدولي إلى تركيز الجهود وتكاتفها لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام والازدهار في منطقة الشرق الأوسط، من خلال الالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة ومقاصده التي تنص على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والالتزام بحسن الجوار، والاحترام المتبادل، والتوصل لتسوية سلمية للأزمات، إلى جانب تعزيز التعاون الدولي.

لقد حرصت مملكة البحرين دائما على تماسك مجلس التعاون لدول الخليج العربية، لأهمية دوره في حفظ أمن واستقرار المنطقة. لذا تؤكد المملكة على أهمية ما تضمنه بيان قمة العلا التي عقدت في المملكة العربية السعودية الشقيقة بداية العام الحالي من التزامات من شأنها تعزيز الترابط والتنسيق المشترك وتحقيق المزيد من التعاون والتكامل بين الدول الأعضاء.

ولقد اختارت مملكة البحرين طريق السلام نهجا وخيارا استراتيجيا لإحلال السلام الدائم والشامل في المنطقة، وترسيخ ثقافة التسامح والتعايش السلمي لما فيه خير شعوب المنطقة والعالم، ومحاربة فكر التطرف والغلو والكراهية.

إن توقيع مملكة البحرين على اتفاق تأييد السلام مع دولة إسرائيل يأتي ضمن رؤية جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لتعزيز مبادئ التعايش السلمي، وترسيخ ثقافة السلام والمحبة والاخاء والحوار والتعاون والاحترام المتبادل، بأهدافها السامية التي تدعو إليها كافة الأديان السماوية، ونص عليها ميثاق الأمم المتحدة. 

وفي هذا الإطار تؤكد بلادي على ضرورة تحقيق السلام العادل والدائم في منطقة الشرق الأوسط، مع تمسكها بالثوابت العربية الأساسية، وفي مقدمتها الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق في العيش في وطن آمن ومستقر ومزدهر. وندعو المجتمع الدولي إلى العمل على حل القضية الفلسطينية حلا عادلا وشاملا، يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني الشقيق في اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفق مبدأ حل الدولتين، وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. 

وتدعم بلادي مبادرة المملكة العربية السعودية الشقيقة لوقف إطلاق النار في اليمن، من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن لاسيما القرار رقم 2216، وإنهاء معاناة الشعب اليمني الشقيق.

وتدين بلادي استمرار جماعة الحوثي في استهداف المدنيين والمنشآت المدنية في المملكة العربية السعودية عبر اطلاق الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة المفخخة بشكل ممنهج ومتعمد، في مخالفة صريحة للقانون الدولي الانساني.  

وتدعو مملكة البحرين إلى تسوية عاجلة لقضية سد النهضة، وأهمية التوصل الى اتفاق عادل وملزم لمسألة ملء وتشغيل السد، بما يحفظ الحقوق المائية لجمهورية مصر العربية وجمهورية السودان، ويسهم في حفظ السلم والأمن والاستقرار في الشرق الأفريقي.

أما في ليبيا فإننا ندعو الى احترام سيادة الدولة الليبية واستقلالها ووحدة أراضيها، ودعم جهود السلطة التنفيذية المؤقتة، ووقف التدخل في شؤون ليبيا الداخلية، وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية، واجراء انتخابات تعكس إرادة الشعب الليبي الشقيق.

كما نجدد دعمنا للحقوق المشروعة للمملكة المغربية الشقيقة على أقاليمها الجنوبية وفقا لمبادرة الحكم الذاتي، ومساندة جهودها الهادفة إلى ايجاد حل سياسي لقضية الصحراء في إطار سيادة المملكة المغربية ومبادراتها التنموية في هذه المنطقة.

السيد الرئيس،
لقد بادرت مملكة البحرين، بتوجيهات من جلالة الملك المفدى، وانطلاقا من إيمانها بمبادئ التضامن الانساني، إلى المساهمة في جهود اجلاء المواطنين الأمريكيين والرعايا الأفغان، من أفغانستان، وارسال شحنات عديدة من المساعدات الانسانية والاغاثية للتخفيف من معاناة الشعب الأفغاني الشقيق.

وتؤكد مملكة البحرين وقوفها إلى جانب الشعب الأفغاني وخياراته التي يقررها بنفسه دون أي تدخل أجنبي في شؤونه، وضرورة التوصل إلى حل سياسي سلمي بين جميع الأطراف ومكونات المجتمع الأفغاني، لتحقيق السلم والأمن في أفغانستان، وتلبية تطلعات شعبها المسلم الشقيق لحياة حرة كريمة مستقرة ومزدهرة.

وتدعو مملكة البحرين إلى إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط، وتؤكد دعمها للجهود الدولية الهادفة إلى منع إيران من امتلاك القدرة على تطوير سلاح نووي، وضرورة التزامها الكامل بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لضمان الحفاظ على الأمن والاستقرار الاقليمي والدولي.
 لقد بذلت مملكة البحرين، وبالتعاون مع الدول الحليفة والصديقة، جهودا متواصلة لملاحقة مصادر تمويل الارهاب وغسل الأموال، وتمكنت من تحقيق انجازات مميزة في هذا الخصوص، وضعتها في المرتبة الأولى عربيا في مؤشر بازل لمكافحة غسل الأموال.

وفي هذا السياق تجدد مملكة البحرين التزامها بمواصلة جهودها ضمن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا، وكافة التنظيمات الإرهابية المتطرفة وتجفيف منابع تمويلها، مؤكدين على أهمية الشراكة والتعاون الدولي في مكافحة الارهاب ومحاربة فكر التطرف والغلو.

السيد الرئيس،
 إن مملكة البحرين تؤكد أن مواجهة التحديات والصعوبات التي تواجه المجتمع الدولي، والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وتحقيق التنمية المستدامة بأهدافها الإنسانية النبيلة، تتطلب تسخير الجهود وزيادة القدرات والامكانات لتعزيز التعاون والشراكة الدولية الفاعلة، وترسيخ قيم التعايش السلمي والتضامن والتآخي من أجل مستقبل أكثر اشراقا وأملا لشعوب العالم. 

وختاما، السيد الرئيس، يسرني أن أعرب عن تقدير مملكة البحرين لما عبرتم عنه في برنامج رئاستكم لأعمال هذه الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة بأن تكون مفعمة بالأمل، الأمل في انجاز أعمال تنفع البشرية وتحقق الازدهار، الأمل في أمن وسلام يعم العالم أجمع.
وشكرا السيد الرئيس