“عيسى الثقافي” يحتضن ندوة بعنوان “العلامة السيد عبدالرحمن الزواوي واضع روزنامة الزبارة والبحرين”
التقصي عن وثائق بحرينية موجودة عند أعيان البلاد ومؤرخيها
الروزنامة نستخدمها الآن في تقويم مملكة البحرين وستظل للمستقبل
قال نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة بأنه “نشهد اليوم أهمية التاريخ بالنسبة للبحرين والمنطقة ككل، فلدي بالواقع رسائل مهمة لأننا في فترة زمنية تاريخية شاهدة على إحياء مخطوط عمره 140 سنة، بعثت الحياة فيه، بفضل من جلالة الملك الذي وجه لاتباع منهجية الزواوي في روزنامة الزبارة والبحرين”.
جاء ذلك بافتتاحية كلمته كمتحدث رئيس في ندوة مركز الوثائق التاريخية “العلامة السيد عبدالرحمن الزواوي” واضع روزنامة الزبارة والبحرين صباح أمس بحضور عدد واسع من المسؤولين وممثلي الصحف والمؤسسات الإعلامية.
وشارك في الندوة كل من أستاذ الفيزياء التطبيقية بجامعة الخليج العربي عضو اللجنة العليا للتقويم البحريني وهيب الناصر، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ونائب رئيس اللجنة العليا للتقويم البحريني الشيخ عبداللطيف المحمود، رئيس البحوث بإدارة مركز الوثائق التاريخية بمركز عيسى الثقافي راشد الجاسم، وأدارها الإعلامي عبدالرحمن المدفع.
وأضاف الشيخ خالد بسياق كلمته “جلالة الملك وفي العام 1978 أمر بإنشاء مركز الوثائق التاريخية الذي استطاع أن يجمع الكثير من الوثائق، ويعد الدراسات التاريخية، وينظم المؤتمرات والندوات وغيرها من الأنشطة المهمة لتاريخ البحرين”.
وأكمل “المركز هو الركيزة التي يقوم عليها التاريخ، ومنذ ذلك التاريخ وفي السنوات الأخيرة تحديداً، شرع المركز في توفير مشاريع عدة من أهمها مشروع البحث والتقصي عن الوثائق والمخطوطات البحرينية الموجودة في البحرين والتي يمتلكها أعيان البلاد ومؤرخيها وغيرهم”.
وتابع الشيخ خالد “استطاع المشروع أن يجمع الكثير، ولكننا نعلم بأنه هناك عددا أكبر بكثير مما جمعناه في 44 سنة، وهو موجود في مختلف المناطق بالبحرين، البعض يعي أهميتها والبعض الآخر مهتم جداً ويعتز بوجودها والتي كان يملكها آباؤه وأجداده”.
وأردف “مشروعنا هو البحث عن ذلك، ومساعدة من يملك هذه الوثائق في فهرستها وأرشفتها، وإتاحتها للمؤرخين؛ لكي يبدعوا في زيادة ظهور الحقائق بتاريخ البحرين، كما نشاهدها اليوم في روزنامة الزبارة والبحرين”.
وزاد “قوة الوثيقة التاريخية في قدرتها على تشكيل الواقع والمستقبل، والروزنامة نستخدمها الآن في تقويم مملكة البحرين، وستظل للمستقبل، بعد أن أعيدت لها الحياة، واستطاعت أن تضيف علمياً مكانة لمملكة البحرين والزبارة، ولابد من الثناء هنا لأحفاد الشيخ يوسف الصديقي الذين جمعوا الوثائق الكثيرة جدا، وأتاحوها لنا للدراسة، ومن هنا ستظل للروزنامة أهميتها”.
وقال “تاريخ الزبارة مرتبط الآن ليس بالجانب السياسي الذي نعرفه تماماً، ودرسناه منذ فتره طويلة، ولكننا نركز الآن على الجانبين الحضاري والعلمي للزبارة والبحرين، والذي يضع للبحرين مكانة مميزة في ذلك على مستوى المنطقة”.
وأضاف “مرت على هذه المنطقة مراحل كثيرة، أولها مرحلة المؤسس الشيخ محمد بن خليفة الكبير، الذي وضع تلك الرؤية لتأسيس دولة، علما أن الزبارة كانت حينها مجرد كثبان رملية، حين أتى آل خليفة من الكويت، فكيف يمكنك أن تحولها إلى دولة؟”.
وتابع “وضع أولاً المبايعة في شبه جزيرة قطر، ثم بنى قلعة صبحة، ثم سور الزبارة، ثم تعيين القضاة وأنشأ نظاما قضائيا بذلك الوقت، وبقية الأسس التي ارتكزت عليها الدولة”.
وأكمل “من المهم جداً أن نركز على دور الشيخ خليفة بن محمد آل خليفة في العام 1772 بإيجاده بعض السياسات التي حولت الزبارة لمركز مهم جداً، أولها إعفاء التجارة من الضرائب والمكوس، وهو ما جعل الزبارة أول عاصمة للتجارة في المنطقة بذلك الوقت؛ الأمر الذي ساعد على استقطاب التجار من مختلف الأمصار”.
وزاد “التجار حين يأتون يتبعهم هجرات كثيرة، من العلماء والحرفيين وغير ذلك، وبالتالي تم تأمين الحماية لهؤلاء التجار والذين أتوا من مختلف الأماكن والأديان والمذاهب، ويؤكد لوريمر بمقوله له العام 1790 على توفير الحماية، والذي شمل المعتقدات ودور العبادة وليست فقط حماية البضائع التجارية”.
وقال “فيما يتعلق بتشجيع الحركة العلمية واستقطاب العلماء، بلاشك تم ذلك من خلال سياسات الدولة وانفتاحها الفكري والديني والمذهبي، فتوافد العلماء من مختلف الأمصار، كالبصرة، ونجد، والأحساء، والحجاز وغيرها إلى الزبارة؛ بسبب وفرة الحماية، ووجود التجار، فكانت سبل المعيشة بها أفضل من الموانئ الأخرى”.
وأكمل “التنوع المذهبي بمجتمع ناشئ كالزبارة تنوع مذهبي، تأكيد على وجود التفاعل ما بين مختلف المذاهب، والذي يرتبط بدوره بالتطور العلمي، ولأن أصحاب المذاهب الموجودة لديها كل الحرية للتفاعل فيما بينها، بخلاف المجتمع ذي المذهب الواحد، والذي سيظل على حاله لمئات السنين”.
وتابع “هذا التفاعل انعكس على البحرين فيما بعد، في العام 1783 تحديداً، وبفترة أقل من 3 عقود، ففي العام 1819 منح الهندوس معبدا في البحرين، موقف الحاكم من آل خليفة بهذا الشأن، هو بناء على الخلفية القادمة من الزبارة، مع كل من هاجر الى البحرين من علماء وغيرهم”.
وقال “هناك بعض الوقفيات التي خصصها آل خليفة في الأحساء، وتوجد الكثير من الوثائق التي تدل على ذلك، وهنالك أيضا مدارس خرَّجت الكثير من طلاب العلم، وأصبحت الزبارة مقصد لكل العلماء، ولقد حصدنا بعض العلماء الموجودين، والذين أتوا من مختلف المدن والأمصار بالوطن العربي، من مختلف المذاهب والأديان أثرت التطور العلمي بالزبارة”.
وزاد “من شواهد التطور العلمي في الزبارة، روزنامة الزبارة، والتي تعتبر من أهم الوثائق العلمية، وهي مهمة لنا بأن الشيخ محمد بن خليفة هو باني الزبارة، ولقد أشار الشيخ عبدالرحمن الزواوي بروزنامته، إلى أنها “موضوعه لعرض بلد الزبارة التي أنشأها المرحوم المبرور الشيخ خليفة بن محمد آل خليفة”.
وواصل “ثم استقطبت الزبارة الكثير من الأسر الحرفية والصناعات، وساهمت سياسة الإعفاء الضريبي على السلع في توافد الأسر الموجودة في الزبارة وبعضها رحل مع آل خليفة من الزبارة إلى البحرين، وتشمل الحرف الصاغة والحدادة والبنائين والحياك وغيرهم، وكان لهم الكثير من الإنتاجية في مجتمع اقتصادي نامٍ”.
وبين “المؤرخ محمد التاجر أكد أهمية نزوح هؤلاء، الذين تسابقوا على تسجيل موقع لهم في الزبارة ومن ثم في البحرين، ولقد جعل واقع الزبارة المتنوع ثقافيا ودينيا وتجارياً، لأن يتطلع أهالي البحرين لذلك”.
وقال “لذلك سيدي صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عندما قال (إننا في البحرين نعيش شعبا واحدا منذ القدم، وكنا معا منذ تواجدنا في الزبارة، سنة وشيعة، وأتينا البحرين معاً) كان جلالته على حق حين قال هذه المقولة، بناء على أسس تاريخية رصينة وبارزة”.
بعدها قام نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة بتكريم عائلة العلامة الشيخ عبدالرحمن الزواوي والتقاط صورة جماعية معهم.
الباحث الجاسم: تلاميذ نجديين وعمانيين وحجازيين للزواوي
تحدث رئيس البحوث بإدارة مركز الوثائق التاريخية بمركز عيسى الثقافي راشد الجاسم في ورقته البحثية المقدمة في الندوة بداية سيرة العلامة الشيخ عبدالرحمن الزواوي بقوله “سنبدأها بالنسب والجذور، فهو العلامة السيد عبدالرحمن بن أحمد بن محمد الزواوي الأدريسي الحسني نسباً، المالكي مذهبا، هاجر والده من مكة المكرمة إلى الأحساء، حيث اتخذها موطن له، وأطلق على والده لقب المهاجر نسبة إلى الهجرة من مكة المكرمة إلى الأحساء، وإليه تنسب عين الزواوي الواقعة جنوب منطقة “المبرز” في الأحساء”.
وزاد الجاسم “ولد السيد عبدالرحمن في الأحساء في منتصف القرن الثاني عشر، نحو العام 1740 ميلادي، ولقد تتلمذ على يد جملة من العلماء الأعلام، منهم بين السيد أحمد المهاجر، والحبيب علوي العيدروس الشافعي، الشيخ سعد بن كليب الجحافي وغيرهم من العلماء”.
وأكمل “وعن شيوخه في علم الفلك، على رأسهم الشيخ محمد بن عبدالرحمن العفالق، وهو فقيه حنبلي، ولد ونشأ في الأحساء وتوفي فيها، وكان من أبرز علماء الفلك، ولديه مخطوطة معروفة بسلم العروج في المنازل والبروج، هذه المخطوطة تأثر بها العلامة السيد عبدالرحمن الزواوي، والتي لم تقتصر على الأحساء في تدريس المعايير الفلكية، وإنما بها مقياس ظل الزوال في الخط (القطيف) وأوال (جزر البحرين)”.
وقال الجاسم “ومن المحققين الذين حققوا بهذه المخطوطة، السيد عدنان بن علي بن كرموش الفراجي، حيث وصفها بأنه (ما تتميز به مخطوطة سلم العروج صغر حجمها النسبي، بأهمية علمية عالية، حيث تكشف عن جانب مشرق من جوانب الحضارة العربية الإسلامية في شبه الجزيرة العربية والخليج العربي”.
وأردف “كان للسيد عبدالرحمن الزواوي دور كبير بالتدريس، وأوقفت له مدرسة له بالأحساء، والتي اشتهرت بمدرسة الزواوي نسبة لمدرسها، حيث كان العلامة من كبار المالكية وله باع كبير في علم الحديث والأصول واللغة والمام تام بعلم الفلك، وله الكثير من التلاميذ النجديين والعمانيين والحجازيين والأحسائيين”.
الناصر: التقويم البحريني يرسخ المسيرة المضيئة لتميز رواد البحرين الأوائل
قال أستاذ الفيزياء التطبيقية بجامعة الخليج العربي، عضو اللجنة العليا للتقويم البحريني وهيب الناصر في مداخلته بأن صدور التقويم البحريني، يرسخ المسيرة المضيئة لتميز رواد البحرين الأوائل في شتى العلوم، ومنها علم الفلك والحساب الفلكي، ومن بين أبرز العلماء الأوائل، هو عالم الزبارة العلامة السيد عبدالرحمن الزواوي واضع روزنامة الزبارة والبحرين.
وأضاف الناصر “شملت الروزنامة الأولى (روزنامة الزبارة) والروزنامة الثانية (روزنامة الزبارة والبحرين) والتي نسخها من الأصل الشيخ محمود بن عبدالرحمن آل محمود، التي تغطي الفترة من 1880م إلى 1921م مواعيد طول ساعات النهار والليل، وطول الأقدام، ومواعيد الصلاة.
وتابع “أن لخطى الطول والعرض لهما دور مهم في تحديد مواقيت الصلاة، فخط عرض الزبارة هو 58 -25 شمالاً (تقريباً 26.0 شمالاً) ومتطابق تقريباً لخط عرض مملكة البحرين 12 – 26.0 شمالاً وربما كان - رحمه الله - يدرك أن خط طول الزبارة هو 1-51 شرقاً، وخط طول مملكة البحرين 2750 شرقاً، أي يختلف فارق التوقيت بينهما نحو دقيقتين”.
المحمود: للزواوي روزنامتان “روزنامة الزبارة” و“روزنامة الزبارة والبحرين”
أشار عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ونائب رئيس اللجنة العليا للتقويم البحريني الشيخ عبداللطيف المحمود إلى أنه “اهتم المسلمون بوضع الروزنامات؛ لأنها تضع لنا مواقيت الصلاة، وبنفس الوقت الأشهر والسنوات، ولتعلق الروزنامة بعدد من أركان الإسلام كالصلاة والصيام والحج والزكاة، ولأن الزكاة تخرج حسب التاريخ الهجري، وليس الميلادي”.
وأكمل المحمود “أوجب الله على المسلم أداء 5 صلوات في اليوم والليلة، وجعل لكل منها وقتاً محدداً ابتداء وانتهاء، وقد حدد الرسول صلى الله عليه وسلم مواقيت بدء الصلوات الخمس ونهاياتها في الحديث الذي يرويه جابر بن عبدالله رضي الله عنه”.
وعن الوسائل الفلكية لوضع الروزنامات قال المحمود “عدة وسائل منها الحساب الفلكي، آلة الربع المجيب، حساب الظل، وتعتمد طريقة الحساب الفلكي على تحديد طول الليل والنهار في كل يوم من أيام السنة، وقد ضبطوها على حركة الشمس شروقاً وغروباً في البروج الاثني عشر المعروفة لدى كافة الحضارات القديمة”.
وأبان “وضع السيد عبدالرحمن الزواوي روزنامتين بناء على الحساب الفلكي لطول الليل والنهار، أولهما باسم (روزنامة الزبارة) العام 1780 وثانيتهما باسم (روزنامة الزبارة والبحرين) بعد فتح البحرين العام 1783”.
وعن خصائص روزنامة السيد عبدالرحمن الزواوي، قال المحمود “بيان دخول الوقت الحقيقي لصلاة العشاء، الاعتماد على البروج لتحديد طول النهار والليل ومواقيت الصلوات، بيان طويل الليل والنهار بكل يوم طوال السنة، مقارنة الشهور القمرية بشهور التاريخ الآشوري السيرياني، وبشهور التاريخ القبطي”.