+A
A-

سبيكة الشحي: لا بد من الشعراء الإيمان بأنفسهم أولًا ومن ثم طلب الدعم

من عمق معدن اسمها كان لها نصيب، سبيكة الشحي الإعلامية الشابة والشاعرة التي بدأت مشوارها في سن مبكرة حتى صارت أبياتها بوزن الذهب، حظيت بشرف الوقوف على أمام حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى حمد بن عيسى آل خليفة في محافل عدة، واستطاعت الدخول لقلوب جمهور الشعر ومتذوقيه بأبياتها القريبة من القلب، مشاركاتها الدولية على مستوى الشعر والإعلام بارزة فهي أول شاعرة بحرينية تحيي أمسية في مهرجان الجنادرية العريق، كما أنها أحد نجوم برنامج شاعر المليون الذي مثّلت فيه البحرين خير تمثيل وحصدت فيه على إشادات كبار نقاد وشعراء العرب.

* من أين بدأت سبيكة مجال الشعر؟
بدأت التعرف على الشعر في التاسعة من عمري، حينما قرأت في الكتاب المدرسي قصيدة "بلادي" التي قال فيها الشاعر الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة: ”أأنت السحر أم أنت الجمال.. لقد تِهنا بحسنك يا أوال" وراودني فضول دفعني للتعرف على عالم الشعر.
أذكر جيدًا تلك المحاولات التي لم تلق التشجيع ولم تحظ بالإيمان من قبل أفراد المحيط، ولعلّ عدم إيمانهم بالموهبة هو الذي جعلني أحاول وأتشبّث بها، حتى استطعت أن أكتب الشعر الموزون، وبدأت مشواري بحصولي على المركز الثاني في مهرجان الشعر الشعبي الذي كانت تنظمه وزارة التربية والتعليم سنويًّا، انضممت بعدها إلى جمعية الشعر الشعبي ومركز الطلبة الموهوبين، وبدأت في حضور الفعاليات الشعرية ومن ثم صرت أساهم في تنظيمها.

* تأهلك للتصفيات النهائية في مسابقة شاعر المليون الشعرية محطة مهمة في مشوارك الشعري.. ماذا أضافت لك تلك التجربة؟
وجودي في مسابقة شاعر المليون تجربة أستطيع أن أطلق عليها "تجربة حياة"، شاعر المليون مدرسة تعلم الشعراء كيف يستطيعون ضبط أوقاتهم، وتمكنهم من استكشاف مكامن إبداعهم، فهي تشيع التنافس وتخلق التحدي ليس بين الشاعر وأقرانه وحسب إنما تخلق تحدّيًا بين الشاعر وذاته، وهي انطلاقة جديدة في حياة أي شاعر مهما بلغت خبرته في مجال الشعر، أقول لكل شاعر حقيقي "إنها تجربة تستحق العناء بكافة تفاصيلها".

* هل الشعر موهبة أم مهارة تكتسب؟

لدي ثقة تامة بأن الله سبحانه وتعالى خلق مع كل إنسان رسالة، لا يمكن لكل شخص أن يصبح شاعرًا ولكن هذا لا يعني إن كل الشعراء ولدوا ليكونوا كذلك، بمقدورنا أن نطوّر مواهبنا التي أعطانا إياها الله تمامًا كالبذور التي تنمو لتصبح أشجارًا باسقة إذا لقيت الاهتمام المطلوب، الشعر هو بين الموهبة والمهارة التي يمكن تنميتها.

* مَن مِنَ الشعراء تجدينه ملهمًا لتجربتك الشعرية؟
ذائقتي الشعرية تأخذني دائمًا لقصائد الأمير بدر بن عبدالمحسن وأسلوبه العذب الذي لا يتكرّر، إحساسه عظيم جدًّا، وصف الحب والحزن والأمان وكل المشاعر بطريقة لا تليق إلا بالبدر.


* كيف تقيمين تجربتك في كتابة الشعر الغنائي؟
تجربتي في الشعر الغنائي محدودة جدًّا، أو ربما لم تكن هناك صدف أو فرص تجعلني أكتب القصيدة المغنّاة، ولكن هناك تجربة جميلة أعتزّ بها وهي مهداة لمرضى السرطان بصوت كل من الفنان والملحن القدير أحمد الهرمي والفنانة حنان رضا والفنان حمد بو قيس، وكانت من ألحان الفنانين عبدالله العماني من الكويت وعبدالله عبدالمجيد، فكرة النص كانت تؤكد أن الصبر والإصرار يجعلان من الممكن مستحيلًا وأننا نستطيع أن ننتصر على أي عدو بالإيمان بقوتنا وقدرتنا مثل ما انتصر بطلا هذه القصة "جويرية ويوسف" على مرض السرطان.

* هل كتابتك الشعرية تجسّد واقع حياتك؟
الشاعر هو صاحب الخيال الخصب، وأعذب الشعر أكذبه، أبياتي تمثل قصصًا حقيقية سمعت بها وألهمتني، ولكنها ليست قصصي الخاصة.

* من أين تستلهم سبيكة أبياتها الشعرية؟

في الغالب من الألم على قدر ما أود أن يكون الأمل إلهامي، تثيرني جدًّا معاناة الأشخاص الذين أصادفهم فيوثّق قلمي تلك المعاناة، على أمل أن تكون أبياتي بلسمًا لجراحهم، تلهمني في بعض الأحيان أيضًا المواقف التي تجعلني أضيف أمامها كلمتي "ماذا لو" فتأتي الإجابة كقصيدة.

* من المعروف أن لكل شاعر طقوسًا معيّنة يقوم بها لكي يكتب أبياته، فما هي طقوس سبيكة؟
أجد الصباح هو من أهم الطقوس التي تجذبني للكتابة، خصوصًا وقت الفجر وبدايات شروق الشمس، أغلب مطالع قصائدي ولدت في هذا الوقت، ولكن تكملتها تكون معتمدة على القدر الذي يستفزني في المطلع للمواصلة، هناك قصائد كتبت في ساعات وأخرى في أيام وبعضها اكتمل صدفة بعد سنة.

* هل يأتي تأليف القصيدة من واقع معاناة كما نسمع دائمًا أم أنها فصاحة لسان؟

لا أظن أن هناك ارتباطًا بين المعاناة وفصاحة اللسان، أعتقد إن الشعر يتواجد إما صدفة أو يأتي كرسالة، هناك طاقة كونية معينة دفعتنا لكتابة هذا النص المعين، قد يكون الشغف دافعًا للكتابة، وأحيانًا الصمت غير المبّرر يجعلنا نكتب، ولكن ذلك كله لا ينفي وجود شعراء صنعتهم المعاناة.

* إذا كان لقوافي الشعر ميزان، فما هو ميزان الحياة؟
بالنسبة لي ميزان الحياة هو الحب، والإحساس، والإيمان، حينما نحب أنفسنا ونؤمن بذواتنا وقدراتنا، ونؤمن برسالتنا على الحياة سيكون الميزان في أفضل حالاته، وسيمنحنا الإشارات التي توجّهنا إلى القادم الأجمل.

* هل هناك معوقات واجهت سبيكة أثناء بداية مشوارها الشعري؟
لم تكن هناك مقومات فعلية أثّرت على بدايتي، بقدر ما كان هناك عدم إيمان من المحيط القريب بموهبتي الشعرية، البعض كان يرى أني أضيع الوقت، والبعض كان يرى أني لا أملك القدرة، بينما محيط الشعر والشعراء قدّم لي دعمًا كبيرًا، الكثير من الزملاء كانوا مؤمنين بموهبتي وتشجيعهم لي كان هو الدافع لكتابة المزيد، خصوصًا أني لم أكن أحبّذ نشر النصوص في بداياتي، ولكنني فخورة اليوم بأن ذات الأشخاص الذين لم يؤمنوا بي حينها صاروا يشيدون بموهبتي.

* هل هناك اهتمام واحتواء كاف للشعراء البحرينيين؟
بالنسبة لي يعتبر هذا الموضوع ذا شجون، الكثير من الشعراء يناشدون ويطالبون بالاهتمام والدعم، ولكن سؤالي لهم: هل دعمتم أنفسكم؟ وما نوعية الدعم الذي تنشدونه؟، البحرين تقدّم الدعم للمبدع والموهوب وضع تحت هاتين الصفتين خطين، لو كان الدعم والاهتمام هو ما ينقص الشعراء فعلًا لكان الدعم موجودًا، أرى أن الشاعر البحريني يجب عليه الاشتغال أكثر على موهبته، وأن يكون الغرض من كتابته للشعر هو حبه لكتابة الشعر وليس رغبته في الظهور الإعلامي.

* صفي لي مشاعرك أثناء إلقائك الشعر أمام جلالة الملك؟
شخصيًّا حظيت بهذا الشرف في أكثر من محفل وطني، أولها في حفل افتتاح صرح الميثاق الوطني في 2010 حينما حظيت بأن يستمع جلالته لباكورة نتاجي الشعري، وآخرها كان في فبراير 2020 في مهرجان "ميثاق من ذهب" في ذات المكان.
الحروف تعجز أن تصف هذه اللحظات العظيمة والاستثنائية، فشرف الوقوف أمام جلالة الملك لا يضاهي، هذه اللحظات بالنسبة لي محفورة على جدار القلب ولن أنساها ما حييت.

* هل مجال الإعلام، خطف سبيكة عن ممارسة الشعر؟
على الرغم من حبي وشغفي بالشعر ألا أنه لا يعتبر على رأس قائمة اهتماماتي، لذا لا أرى أن الإعلام خطفني من الشعر، أبدًا! وبالرغم من أن المجالين يدعمان بعضهما إلا أن طبيعة حضوري في كليهما مختلفة، تواجدي في مجال الشعر يرتكز على الاهتمام بالشعر العاطفي بينما تواجدي في مجال الإعلام يعتبر تواجدًا رسميًّا ومقصورًا على الجوانب العلمية والثقافية.

* هل تفكرين بإصدار ديوان شعري؟
الديوان الأول هو حلم لكل شاعر، وحقيقة كان في النية أن أصدر أول ديوان في 2020، ولكن يبدو أن ذلك تأجل إلى أجل غير مسمى.

* ما هو النص الشعري الأقرب إلى قلبك؟
كتبت ذات مرة نص تفعيلة بعنوان "ما يشبهك طيفك" أحب أن أردّده بين الحين والآخر، أذكر أنني كنت أشعر أن الحروف تتراقص أمامي وقت كتابه، والمشاعر أيضًا.

*ما هي آمال سبيكة الشحي؟
الآمال كثيرة وكبيرة، التطلع للمستقبل يفتح لنا آفاقًا لم نحلم بها، أتمنى أن تكون البحرين دومًا بخير وسلام، وأتمنى أن تتاح لي الفرصة بأن أخدم هذا البلد بكل ما أوتيت من علم ومن قوة وفكر، حفظ الله البحرين وحفظ عالمنا.